معجب العدواني.. والنقد الثقافي للتناص

د.سيد ضيف الله
د.سيد ضيف الله

معجب‭ ‬العدواني‭ ‬ناقد‭ ‬ثقافى‭ ‬يحفر‭ ‬اسمه‭ ‬بثبات‭ ‬وهدوء‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الدراسات‭ ‬الثقافية‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬ يعد‭ ‬العدوانى‭ ‬من‭ ‬القلائل‭ ‬الذى‭ ‬دأبوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتابعوا‭ ‬موضوعا‭ ‬نقديًا‭ ‬معينًا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬دون‭ ‬كلل‭ ‬ولا‭ ‬ملل،‭ ‬بل‭ ‬ثمة‭ ‬قدرة‭ ‬ظاهرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬زاوية‭ ‬الرؤية‭ ‬للموضوع‭ ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬التنظير‭ ‬للتطبيق‭ ‬ومن‭ ‬التطبيق‭ ‬للتنظير‭ ‬لتكون‭ ‬كل‭ ‬دراسة‭ ‬جديدة‭ ‬ذات‭ ‬إضافة‭ ‬يتفوق‭ ‬بها‭ ‬العدوانى‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬فى‭ ‬دراساته‭ ‬السابقة‭. ‬فالتناص‭ ‬أكثر‭ ‬الموضوعات‭ ‬التى‭ ‬شغلت‭ ‬العدوانى‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬قدم‭ ‬فيه‭ ‬دراسته‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬رجاء‭ ‬عالم‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬انشغل‭ ‬بدراسة‭ ‬التراث‭ ‬السردى‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬آخر،‭ ‬والكتابان‭ ‬صدرا‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬لكن‭ ‬العدوانى‭ ‬يعود‭ ‬مؤخرًا‭ ‬ليتأمل‭ ‬ويفحص‭ ‬موضوع‭ ‬التناص‭ ‬والعلاقة‭ ‬بالتراث‭ ‬السردى‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬الجديد‭ ‬ذى‭ ‬الطابع‭ ‬التنظيرى‭ ‬والتطبيقى‭ ‬فى‭ ‬آن‭ ‬االقراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافيةب‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المركز‭ ‬الثقافى‭ ‬للكتاب‭ ‬ببيروت‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬

اشتمل‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭. ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬التركيز‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬قراءة‭ ‬نقدية‭ ‬للدراسات‭ ‬السابقة‭ ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬التناص‭ ‬والعلاقة‭ ‬مع‭ ‬التراث،‭ ‬ثم‭ ‬تقديم‭ ‬السياق‭ ‬النظرى‭ ‬الذى‭ ‬يبرر‭ ‬طرح‭ ‬مفهوم‭ ‬االقراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافيةب‭ ‬كطريقة‭ ‬مناسبة‭ ‬لدراسة‭ ‬التناص‭ ‬فى‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬المشهد‭ ‬النقدى‭ ‬العالمى‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬بالدراسات‭ ‬البينية‭ ‬ودراسات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستعمار‭ ‬ودراسة‭ ‬للسياق‭ ‬الثقافى‭ ‬الذى‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬إنتاج‭ ‬النص‭ ‬الأدبى‭. ‬أما‭ ‬المحور‭ ‬الثانى‭ ‬فيقدم‭ ‬فيه‭ ‬العدوانى‭ ‬دراسة‭ ‬تطبيقية‭ ‬لكيفية‭ ‬تطبيق‭ ‬مفهوم‭ ‬القراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافية‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الرواية‭ ‬العربية،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬الروايات‭ ‬التى‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬التراث‭ ‬بشكل‭ ‬ما‭ ‬وتم‭ ‬إنتاجها‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الحادى‭ ‬والعشرين‭ ‬فى‭ ‬بلاد‭ ‬عربية‭ ‬مختلفة‭ ‬بشكل‭ ‬يدعو‭ ‬لمحاولة‭ ‬استكشاف‭ ‬المشترك‭ ‬والمختلف‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬طرق‭ ‬التناص‭ ‬مع‭ ‬التراث‭. ‬ويقدم‭ ‬العدوانى‭ ‬فى‭ ‬المحور‭ ‬الثالث‭ ‬نموذجًا‭ ‬لكيفية‭ ‬تطبيق‭ ‬مفهوم‭ ‬القراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافية‭ ‬على‭ ‬أنواع‭ ‬أدبية‭ ‬أخرى‭ ‬خلاف‭ ‬الرواية،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬يقدم‭ ‬قراءة‭ ‬ممتعة‭ ‬للتناص‭ ‬الثقافى‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الحكايات‭ ‬الشعبية،‭ ‬ثم‭ ‬يقدم‭ ‬قراءة‭ ‬مدهشة‭ ‬للجوارى‭ ‬فى‭ ‬التراث‭ ‬وفى‭ ‬الرواية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬للأنساق‭ ‬الثقافية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتمثيلات‭ ‬الجوارى‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬كاشفًا‭ ‬عن‭ ‬الثابت‭ ‬والمتغير‭ ‬فيها‭. ‬ومن‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية‭ ‬والرواية‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬رسالة‭ ‬ابن‭ ‬فضلان‭ ‬وإعادة‭ ‬إنتاجها‭ ‬فى‭ ‬السياق‭ ‬الثقافى‭ ‬الأمريكى‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬أكلة‭ ‬الموتى‭ ‬للروائى‭ ‬الأمريكى‭ ‬مايكل‭ ‬كرايتون‭ ‬وفلم‭ ‬المحارب‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬شارحًا‭ ‬أثر‭ ‬السياق‭ ‬الثقافى‭ ‬الاستشراقى‭ ‬على‭ ‬الرواية‭ ‬والفلم‭. ‬وأخيرًا‭ ‬يقدم‭ ‬العدوانى‭ ‬قراءة‭ ‬مدهشة‭ ‬لكيفية‭ ‬تغلغل‭ ‬أسطورة‭ ‬عشتار‭ ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬الإعلانات‭ ‬التى‭ ‬تقدم‭ ‬للمشاهد‭ ‬السعودى‭ ‬التى‭ ‬تقوم‭ ‬بتمثيل‭ ‬الأم‭ ‬ودورها‭ ‬فى‭ ‬رعاية‭ ‬الأسرة‭ ‬والابن‭ ‬تحديدًا‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬الأجازات‭.‬

يحدد‭ ‬العدوانى‭ ‬لنا‭ ‬ملامح‭ ‬القراءة‭ ‬الثقافية‭ ‬للتناص‭ ‬بأنها‭ ‬تسعى‭ ‬اإلى‭ ‬بناء‭ ‬سياقات‭ ‬واسعة‭ ‬للدراسة‭ ‬الأدبية‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الأبعاد‭ ‬التاريخية‭ ‬والثقافية‭ ‬للنصوص‭ ‬والقضايا‭ ‬مثل‭ ‬العنصرية،‭ ‬الجندر،‭ ‬الإثنية،‭ ‬الطبقة،‭ ‬فى‭ ‬علاقتها‭ ‬بالمنتج‭ ‬الثقافي‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النظريات‭ ‬السياقية‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬إيجاد‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬النصوص‭ ‬الفردية‭ ‬والسياقات‭ ‬المختلفة،‭ ‬وأنظمة‭ ‬القوة‭ ‬ولدى‭ ‬تلك‭ ‬النظريات‭ ‬نزعة‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬استراتيجيات‭ ‬النقد‭ ‬الأيديولجى‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬الأرضيات‭ ‬التاريخية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬فى‭ ‬الأدب‭.‬ب‭ (‬ص48‭).‬

ويقسم‭ ‬العدوانى‭ ‬رحلة‭ ‬مفهوم‭ ‬التناص‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭. ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬رحلة‭ ‬المفهوم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ظهور‭ ‬المصطلح‭ ‬فى‭ ‬ثقافتنا‭ ‬العربية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬السرقات‭ ‬الأدبية‭ ‬أو‭ ‬الانتحال‭ ‬ممارسة‭ ‬نقدية‭ ‬منطلقة‭ ‬من‭ ‬تصور‭ ‬لوجود‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬نصين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬وقد‭ ‬اقترنت‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬بهيمنة‭ ‬الشعر‭ ‬كنوع‭ ‬أدبى‭ ‬مركزى‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬القديمة،‭ ‬ولهذا‭ ‬يطلق‭ ‬العدوانى‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ (‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التناص‭) ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬مصطلح‭ ‬التناص‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬تحول‭ ‬المركزية‭ ‬النوعية‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬الرواية‭ ‬وتحديدًا‭ ‬مع‭ ‬طرح‭ ‬باختين‭ ‬لمفهوم‭ ‬الحوارية،‭ ‬وتقديم‭ ‬جوليا‭ ‬كريستفيا‭ ‬لمصطلح‭ ‬التناص‭. ‬

ويعتبر‭ ‬العدوانى‭ ‬أن‭ ‬استقبال‭ ‬النقاد‭ ‬فى‭ ‬شتى‭ ‬الثقافات‭ ‬لمفهوم‭ ‬التناص‭ ‬سبب‭ ‬فوضى‭ ‬فى‭ ‬استعمال‭ ‬المصطلح‭ ‬لكن‭ ‬المصطلح‭ ‬نفسه‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬مصطلح‭ ‬يسهل‭ ‬ترويضه‭ ‬وتوظيفه‭ ‬وفق‭ ‬تأويل‭ ‬كل‭ ‬ثقافة‭ ‬بل‭ ‬تأويل‭ ‬كل‭ ‬ناقد‭ ‬له‭. ‬فالانتقال‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬السرقات‭ ‬الشعرية‭ ‬لدراسة‭ ‬العلاقة‭ ‬بالتراث‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬احتلال‭ ‬الرواية‭ ‬لمركز‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشعر‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬التناص‭ ‬عملية‭ ‬تتبع‭ ‬لحضور‭ ‬شخصيات‭ ‬تراثية‭ ‬فى‭ ‬الروايات‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الاستلهام‭ ‬للتراث‭.‬

إن‭ ‬قبول‭ ‬تطوير‭ ‬مفهوم‭ ‬التناص‭ ‬ليكون‭ ‬تناصًا‭ ‬ثقافيًا‭ ‬يحتاج‭ ‬للتوافق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدلالة‭ ‬المباشرة‭ ‬لكلمة‭ ‬نص‭ ‬التى‭ ‬تربطه‭ ‬بالإنتاج‭ ‬اللغوى‭ ‬تحتاج‭ ‬لتوسعة‭ ‬لتغدو‭ ‬الثقافة‭ ‬ذاتها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تجلياتها‭ ‬اللغوية‭ ‬وغير‭ ‬اللغوية‭ ‬نصًا‭ ‬أكبر‭ ‬تمتح‭ ‬منه‭ ‬النصوص‭ ‬المنتجة‭ ‬باللغة‭ ‬أو‭ ‬الصورة‭ ‬أو‭ ‬أى‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التعبير‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬وسيلة‭ ‬تعبير‭ ‬هى‭ ‬تعبير‭ ‬بالعلامات،‭ ‬والثقافة‭ ‬تنظيم‭ ‬للعلامات‭ ‬وفق‭ ‬أنساق‭ ‬وتصورات‭ ‬مهيمنة‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬تاريخى‭ ‬واجتماعى‭ ‬معين‭. ‬ولعل‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬يتم‭ ‬تأويل‭ ‬تناصية‭ ‬جوليا‭ ‬كريستيفيا‭ ‬لتكون‭ ‬مرجعًا‭ ‬للقراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافية‭ ‬رغم‭ ‬سوء‭ ‬التأويل‭ ‬الذى‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬مصطلحها‭ ‬التناصية‭ ‬بحصره‭ ‬فى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬نصين‭ ‬منتجين‭ ‬لغويًا‭ ‬دون‭ ‬عناية‭ ‬بالأنساق‭ ‬الثقافية‭ ‬الكامنة‭ ‬فيهما‭ ‬وخلفهما‭. ‬

حاول‭ ‬العدوانى‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬على‭ ‬مدونة‭ ‬سردية‭ ‬حديثة‭ ‬لتجاوز‭ ‬المقولات‭ ‬المتكررة‭ ‬حول‭ ‬علاقة‭ ‬الرواية‭ ‬بالتراث‭ ‬السردى‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬خاضعة‭ ‬لرؤى‭ ‬نظرية‭ ‬حول‭ ‬التناص‭ ‬تنتمى‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬القراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافية‭. ‬نجح‭ ‬العدوانى‭ ‬فى‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬طرق‭ ‬توظيف‭ ‬التراث‭ ‬فى‭ ‬الرواية‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الحادى‭ ‬والعشرين،‭ ‬حيث‭ ‬اختار‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ثمانى‭ ‬روايات‭ ‬نشرت‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬إلى‭ ‬2016‭ ‬لكتاب‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬عربية‭ ‬مختلفة‭ ‬وهى‭ ‬اأولاد‭ ‬غيتو‭ ‬اسمى‭ ‬آدم‭ ‬للروائى‭ ‬اللبنانى‭ ‬إلياس‭ ‬خورى،‭ ‬والظهور‭ ‬الثانى‭ ‬لابن‭ ‬لعبون‭ ‬للروائى‭ ‬الكويتى‭ ‬إسماعيل‭ ‬فهم‭ ‬إسماعيل،‭ ‬ورسالة‭ ‬النور‭ ‬رواية‭ ‬عن‭ ‬زمان‭ ‬ابن‭ ‬المقفع‭ ‬للروائى‭ ‬اللبنانى‭ ‬محمد‭ ‬طرزى،‭ ‬وفى‭ ‬فمى‭ ‬لؤلؤة‭ ‬للروائية‭ ‬الإماراتية‭ ‬ميسون‭ ‬صقر،‭ ‬وسيرة‭ ‬المنتهى‭ ‬للروائى‭ ‬الجزائرى‭ ‬واسينى‭ ‬الأعرج،‭ ‬وزرياب‭ ‬للورائى‭ ‬السعوى‭ ‬مقبول‭ ‬العلوى،‭ ‬وراكب‭ ‬الريح‭ ‬ليحيى‭ ‬يخلف،‭ ‬وعزازيل‭ ‬للروائى‭ ‬المصرى‭ ‬يوسف‭ ‬زيدان‭ ‬ا‭ (‬ص59‭).‬

يمكن‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬العدوانى‭ ‬حول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخلاصات‭ ‬التى‭ ‬توصل‭ ‬لها‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التطبيق‭ ‬والتنظير،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬لمراجعة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تقسيم‭ ‬لموجات‭ ‬توظيف‭ ‬التراث‭ ‬فى‭ ‬الرواية‭. ‬فقد‭ ‬قسم‭ ‬العدوانى‭ ‬هذه‭ ‬الموجات‭ ‬إلى‭ ‬أربع‭. ‬

-‭ ‬موجة‭ ‬التوظيف‭ ‬المباشر‭ ‬للتراث‭ ‬ذات‭ ‬النزعة‭ ‬الإحيائبة‭ ‬ونموذجها‭ ‬جرجى‭ ‬زيدان‭.‬

-‭ ‬موجة‭ ‬التيار‭ ‬الماركسى‭ ‬المستلهم‭ ‬للواقعية‭ ‬فى‭ ‬الرواية‭ ‬والمهمل‭ ‬للتاريخ‭ ‬ومثاله‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬منيف‭.‬

-‭ ‬موجة‭ ‬تيار‭ ‬الحداثة‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬الذى‭ ‬مزج‭ ‬شكل‭ ‬الرواية‭ ‬الغربى‭ ‬مع‭ ‬التقاليد‭ ‬السردية‭ ‬العربية‭ ‬ومثالها‭ ‬جمال‭ ‬الغيطانى‭. ‬

-‭ ‬موجة‭ ‬استلهمام‭ ‬التراث‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬21‭ ‬لمساءلته‭ ‬وليس‭ ‬محاكاته‭ ‬محاكاة‭ ‬بدائية‭ ‬ومثالها‭ ‬الروايات‭ ‬الثماني‭ ‬المختارة‭ ‬موضوعا‭ ‬للدراسة‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬التقسيم‭ ‬يسهل‭ ‬خلخلته‭ ‬لآن‭ ‬الغيطانى‭ ‬ماركسى‭ ‬بامتياز‭ ‬وعبد‭ ‬الرحمن‭ ‬منيف‭ ‬حداثى‭ ‬بامتياز‭ ‬ولم‭ ‬يهمل‭ ‬التراث‭ ‬أيضًا،‭ ‬فضلا‭ ‬ً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬توظيف‭ ‬المتأخرين‭ ‬من‭ ‬الروائيين‭ ‬للتراث‭ ‬ليس‭ ‬كله‭ ‬مساءلة‭ ‬كاشفة‭ ‬عن‭ ‬نضج‭ ‬لم‭ ‬يعرفه‭ ‬السابقون‭. ‬

صفوة‭ ‬القول،‭ ‬غامر‭ ‬العدواني‭ ‬بطرح‭ ‬مفهوم‭ ‬القراءة‭ ‬التناصية‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬العربي‭ ‬ونجح‭ ‬فى‭ ‬تطبيقه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬على‭ ‬مدونته‭ ‬الروائية‭ ‬المختارة‭ ‬وعلى‭ ‬الحكاية‭ ‬الشعبية‭ ‬والفلم‭ ‬والاعلانات،‭ ‬لينتقل‭ ‬التناص‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬تداخلا‭ ‬بين‭ ‬نصوص‭ ‬إلى‭ ‬تداخل‭ ‬بين‭ ‬طبقات‭ ‬الثقافة‭ ‬وأنساقها‭ ‬الساكنة‭ ‬فى‭ ‬العقول‭ ‬والمتحركة‭ ‬فى‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬التعبير‭ ‬الإنسانية‭.‬

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا