بسم الله

العمق الإستراتيجي «2»

د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا

السياسة الخارجية المصرية تثبت دائما دعوة مصر المحبة للسلام، لهذا تتبع سياسة النفس الطويل فى المفاوضات. فلا يتصور أحد أن هذا النهج من أنواع الضعف. ولا يصح أن يتصور أحد أنها عندما تقوم بمناورات وتدريبات عسكرية أنها تسعى للحرب وإستعراض للقوة. تاريخها ثابت فى الدفاع عن النفس، والسيادة والأمن القومى. كما لا يصح أن يتصور البعض أن اتفاقياتها العسكرية مع دول الجوار مثلا تمهيد للدخول فى معارك يتمناها الأعداء. مصر أكبر من كل هذه المهاترات التى يروج لها البعض.

لقد أعجبنى تحليل إستراتيجى للخبير أحمد سعيد يؤكد فيه أن ما يتصوره البعض من تخطيط مصر أو السودان لضرب سد النهضة تخريف، لأنه ببساطة يضر بالسودان ومصر حيث لا تستوعب السدود بها حجم الفيضان المترتب على انهيار سد النهضة لأى سبب. نفس الضرر يقع على مصر والسودان إذا تم ملء سد النهضة فى مرحلة ثانية حيث تم ملؤه بـ ٤٫٩ مليار متر مكعب فى مرحلته الأولى التى أخفتها إثيوبيا. وهو ما دفع وزيرة خارجية السودان للقول بأن ملء السد يعنى تهديد حياة 20 مليون مواطن سودانى.

من هنا، فقد أعلن سامح شكرى وزير الخارجية أنه بحث مع وزيرة خارجية السودان إعادة إطلاق مسار المفاوضات من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الاتحاد الأفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى بجانب الأمم المتحدة للتوسط فى العملية التفاوضية. وهى الآلية التى اقترحتها السودان وأيدتها مصر لدعم جهود الرئيس "فيليكس تشيسيكيدى" رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية والتعظيم من فرص نجاح مسار المفاوضات، حيث أكدنا على ثقتنا الكاملة فى قدرة فخامته على إدارة هذه المفاوضات وتحقيق اختراق فيها من أجل التوصل إلى الاتفاق المنشود. لقد جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى السودان فى توقيتها المناسب حيث تم تبادل الرؤى حول ملف سد النهضة، وأهمية التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم يضمن قواعد واضحة تنظم عملية الملء والتشغيل ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.

دعاء : اللهم يا من على العرش استوى، يا من خلق فسوى وقدر فهدى، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا واهدنا سبل السلام واخرجنا من الظلمات إلى النور التام .