حروف ثائرة

مصر والسودان بين الذباب الإليكترونى وأفاعى الشاشات!!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

زيارة‭ ‬تاريخية‭ ‬بالفعل‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬السبت‭ ‬الماضى‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬الشقيق‭.. ‬ليست‭ ‬تاريخية‭ ‬فقط‭ ‬بحكم‭ ‬العلاقات‭ ‬والروابط‭ ‬العميقة‭ ‬ووحدة‭ ‬المصير‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الراسخة‭ ‬رسوخ‭ ‬النيل‭ ‬وواديه‭ ‬الطيب‭ ‬من‭ ‬توشكى‭ ‬لكلابشة‭ ‬وما‭ ‬بعدهما‭ .. ‬لكنها‭ ‬تاريخية‭ ‬لأنها‭ ‬تتوج‭ ‬جهودا‭ ‬بدأت‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬آمن‭ ‬للشعبين‭ ‬الشقيقين‭.. ‬وتأكيدا‭ ‬لوحدة‭ ‬المواقف‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬تهدد‭ ‬البلدين‭.. ‬فى‭ ‬مقدمتها‭ ‬وبوضوح‭ ‬شديد‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬الإثيوبى‭ ‬والموقف‭ ‬المتعنت‭ ‬لأديس‭ ‬أبابا‭ ‬وتعطيلها‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التى‭ ‬تحرص‭ ‬عليها‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬لحل‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭.. ‬وقد‭ ‬حملت‭ ‬الزيارة‭ ‬رسائل‭ ‬عديدة‭ ‬أهمها‭ ‬تأكيد‭ ‬الدعم‭ ‬المصرى‭ ‬للسودان‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬وتأكيد‭ ‬الموقف‭ ‬المصرى‭ ‬السودانى‭ ‬الموحد‭ ‬تجاه‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬فرض‭ ‬المواقف‭ ‬الأحادية‭ ‬واتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬تضر‭ ‬بالشعبين‭ ‬الشقيقين‭ ‬ودعوة‭ ‬إثيوبيا‭ ‬للعودة‭ ‬الجادة‭ ‬للمفاوضات‭ ‬قبل‭ ‬الملء‭ ‬الثانى‭ ‬للسد‭.‬

لن‭ ‬أسهب‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الزيارة‭ ‬وأهميتها،‭ ‬إنما‭ ‬أشير‭ ‬لموقفين‭ ‬أراهما‭ ‬متطابقين‭ ‬ومتصلين‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬التى‭ ‬تتوطد‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬ووقف‭ ‬النمو‭ ‬الطبيعى‭ ‬والمنطقى‭ ‬لتلك‭ ‬العلاقات‭ ‬بحكم‭ ‬ما‭ ‬قلناه‭ ‬من‭ ‬وحدة‭ ‬التاريخ‭ ‬والمصير‭.. ‬الموقف‭ ‬الأول‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬تقارير‭ ‬إعلامية‭ ‬منشورة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مخططا‭ ‬إثيوبيا‭ ‬لتحريك‭ ‬‮»‬الذباب‭ ‬الإليكترونى‮«‬‭ ‬بكثافة‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬لمحاولة‭ ‬الوقيعة‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين‭ ‬وخلق‭ ‬ملفات‭ ‬خلافية‭ ‬وهمية‭ ‬لدعم‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭.. ‬واستغلال‭ ‬الحالة‭ ‬الثورية‭ ‬بالسودان‭ ‬الشقيق‭ ‬لتحريك‭ ‬عناصر‭ ‬تنتمى‭ ‬لنظام‭ ‬البشير‭ ‬الإخوانى‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬التى‭ ‬تحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬شعبى‭ ‬واسع‭ ‬ومحاولة‭ ‬استغلال‭ ‬تحركات‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭ ‬المحدودة‭ ‬للإيحاء‭ ‬بخلافات‭ ‬سودانية‭ ‬داخلية‭.‬

والموقف‭ ‬الثانى‭ ‬يخص‭ ‬تناول‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬للعلاقات‭ ‬المصرية‭ ‬السودانية‭ ‬وملف‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬وأيضا‭ ‬تغطيتها‭ ‬لزيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬الناجحة‭ ‬للخرطوم،‭ ‬والتى‭ ‬تؤكد‭ ‬فعلا‭ ‬وبوضوح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬معينا‭ ‬وبوتقة‭ ‬واحدة‭ ‬تخرج‭ ‬منها‭ ‬محاولات‭ ‬الوقيعة‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الذباب‭ ‬الإليكترونى‭ ‬أو‭ ‬ذيول‭ ‬الشاشات‭.‬

ولن‭ ‬أستغرب‭ ‬مواقف‭ ‬محرضة‭ ‬ومشابهة‭ ‬من‭ ‬مصريين‭ ‬يدعون‭ ‬حب‭ ‬مصر‭ ‬ويٌشهدون‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬قلوبهم‭ ‬وهو‭ ‬ألد‭ ‬الخصام‭!.. ‬فهؤلاء‭ ‬أشد‭ ‬خطرا‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭.‬‭. ‬فهم‭ ‬يندسون‭ ‬بيننا‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬الشاشات‭ ‬التى‭ ‬تبث‭ ‬من‭ ‬الدوحة‭ ‬وأنقرة‭ ‬أو‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬وخارجها‭.. ‬يبثون‭ ‬سمومهم‭ ‬مغلفة‭ ‬بشعارات‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬فرض‭ ‬عليا‭!. ‬أثق‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬تنفذ‭ ‬تلك‭ ‬التحركات‭ ‬السياسية‭ ‬العبقرية‭ ‬بكافة‭ ‬الإتجاهات‭ ‬ترصد‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬جيدا‭ ‬وتتحسب‭ ‬لها‭ ‬وتجهز‭ ‬العدة‭ ‬لمواجهتها‭.‬

طيب‭ ‬ليه

هناك‭ ‬أمر‭ ‬يبدو‭ ‬ظاهريا‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الكلام‭ ‬السابق‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حبل‭ ‬سرى‭ ‬بينهما‭ ‬نرجو‭ ‬له‭ ‬قطعا‭ ‬بلا‭ ‬اتصال‭ ‬يرتبط‭ ‬بالاستخدام‭ ‬المغرض‭ ‬للسوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬وحملات‭ ‬التوجيه‭ ‬السوداء‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬إيجابى‭ ‬بمصر‭.. ‬فمثلا‭ ‬أفاعى‭ ‬الشاشات‭ ‬ادعوا‭ ‬تراخى‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬اللقاح‭ ‬المضاد‭ ‬لكورونا‭ ‬للمصريين،‭ ‬واتهامها‭ ‬بالاستهتار‭ ‬بصحة‭ ‬ألشعب‭ ‬وتجاهل‭ ‬مطالبه‭ ‬الملحة‭ ‬بتوفير‭ ‬اللقاح‭ ‬الذى‭ ‬كانت‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬وفرته،‭ ‬اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬أسبوع‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬تسجيل‭ ‬الراغبين‭ ‬فى‭ ‬التطعيم‭ ‬‮٤٠٠‬‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬فقط‭ ‬قاموا‭ ‬بالتسجيل،‭ ‬واختفت‭ ‬الأصوات‭ ‬الباكية‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬المصريين‭ ‬ولم‭ ‬تنصحهم‭ ‬بالتطعيم،‭ ‬فهل‭ ‬حقا‭ ‬صحة‭ ‬المصريين‭ ‬أو‭ ‬صالحهم‭ ‬يهم‭ ‬تلك‭ ‬الأصوات‭ ‬؟‭!‬

نفس‭ ‬الأمر‭ ‬بالمشروع‭ ‬القومى‭ ‬بتبطين‭ ‬الترع‭ ‬والذى‭ ‬تعرض‭ ‬للتشكيك‭ ‬بل‭ ‬والتريقة‭ ‬أحيانا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأصوات‭ ‬المسمومة،‭ ‬ليتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬العملاق‭ ‬لخدمة‭ ‬المصريين‭ ‬وصحتهم‭.. ‬ثم‭ ‬نفاجأ‭ ‬بالصور‭ ‬المفزعة‭ ‬والكارثية‭ ‬لأكوام‭ ‬القمامة‭ ‬تملأ‭ ‬بعض‭ ‬الترع‭ ‬وتهيل‭ ‬الطين‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬عظيم،‭ ‬لتختفى‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬تلك‭ ‬الأصوات‭ ‬المغرضة‭ ‬ويتوقف‭ ‬صوتها‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬الإشادة‭ ‬بالمشروع‭ ‬إنما‭ ‬عن‭ ‬نصح‭ ‬المواطنين‭ ‬لصالحهم‭ ‬وصحة‭ ‬أبنائهم‭ ‬‮«‬‭ ‬هم‭ ‬العدو‭ ‬فاحذرهم‭ ‬‮«‬‭ ‬هكذا‭ ‬نصف‭ ‬تلك‭ ‬الأصوات‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬للمصريين‭ ‬أمام‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬سوى‭ ‬التساؤل‭: ‬‮»‬‭ ‬طيب‭ ‬ليه‭ ‬‮«‬‭ ‬؟