إنها مصر

الإعلام المصرى

كرم جبر
كرم جبر

الإعلام المصرى ليس متخاذلاً ولا متراجعاً ولا منسحباً ولا متردداً، ولكنه يؤدى دوره بأمانة وموضوعية، ويقف حارساً أميناً فى ظهر الدولة المصرية، متبنياً معاركها وتحدياتها.

أما الإعلام الذى يبحث عنه البعض ويتصورون أنه جنة الحرية، وبلسم الديمقراطية، فله مفردات أخرى ليس لها أدنى علاقة بالمهنية والموضوعية والمصداقية التى تفرق بين إعلام وآخر.

البعض يتصور أن حرية الإعلام لا تكون إلا بإذكاء روح الغضب والتمرد فى نفوس الناس، وشحنهم باليأس والإحباط، ليكونوا وقوداً للديمقراطية.

والبعض يتصور أنه يعرف "نبض الجماهير" أكثر من الجماهير نفسها، وينصب نفسه متحدثاً باسمها راعياً لمصالحها مدافعاً عن أهدافها، دون أن يسأل نفسه من منحه هذا التفويض؟

والبعض يتصور أنه مبعوث هداية الرأى العام، فيفتش فى نظريات لا تمت للواقع بصلة، ويبحث فى فضاء فسيح عن إعلامه هو الكامن فى مصالحه الشخصية.

ومن يده فى "الميه غير اللى إيده فى النار".

فليست المسألة جمهورية الإعلام الفاضلة، ولكن أن نطرح على أنفسنا ثلاثة أسئلة: أين نحن الآن؟.. أين نريد أن نصل؟.. كيف نصل لهناك؟

نحن الآن فى مرحلة انتقالية للإعلام فى العالم كله وليس فى مصر وحدها، واقتحمت الثورة الرقمية الأبواب والشبابيك وحطمت موروثات قديمة.

نحن الآن أمام إعلام جديد "سوشيال ميديا" يلعب فيه الجمهور دور الإعلامي، إعلام تفاعلى يشارك فيه الجمهور بالرأى والتحليل، ولبعضهم جمهور عريض جداً.

أين نريد أن نصل بالإعلام؟

إلى ركوب قطار التحديث والتطوير والرقمنة، والتركيز على العنصر البشري، باعتباره الفكر الإنسانى الذى يشغل حيز أدوات الرقمنة الحديثة، ويطوعها لخدمة العملية الإعلامية وتحقيق أهدافها.

العنصر البشرى هو الأساس، أما الوسيلة فقد تطورت من الكتابة على أوراق البردى حتى الراديو والتليفزيون والموبايل والقادم أكثر تعقيداً.

الرقمنة ليس معناها . كما يتصور البعض . أن يتحول الإعلاميون إلى "ريبوتات"، ولكن أن تظل القوة الناعمة هى التى تحرك الأدوات الحديثة.

كيف نحقق ذلك؟

بالحوار والنقاش وتحفيز إبداعات الفكر دون جلد للذات أو اتباع سياسة "هدم الآخرين" كى تقف فوق حطامهم و"تعلو".. ولكن ابدأ بالبناء ثم قف فوق ما تبنيه "لتعلو".

من المهم جداً أن يحدث تزاوج هادئ بين الخبرات العلمية والأفكار النظرية، فإذا تحدثت مثلاً عن رقمنة الطباعة، عليك أن تذهب للمطابع وتضع خطة لنهضتها وتحديثها، وليس هدمها وتشريد العاملين فيها.

من يفعل ذلك هم البشر، والإعلام المصرى يزخر الآن بمجموعات كبيرة من الشباب الرائع.. ويحتاجون فقط إلى التشجيع والفرص العادلة.