السودان: استطعنا الخروج من الحفرة الإخوانية وتنظيف المجتمع من آثار الإرهاب

وزير الأوقاف السودانى
وزير الأوقاف السودانى


تقرير: كرم من الله السيد

كان عام  1989 شؤمًا بالنسبة للسودان، دولةً وشعباً، فبعد أن قام عمر البشير بانقلاب عسكري أطاح خلاله بحكومة الصادق المهدي المنتخبة بدا واضحاً أن البلد قد سلم قيادته لجماعة الإخوان المسلمين، وكان الإخواني حسن الترابي، الأب الروحي للانقلابيين، وفي مقدمتهم البشير نفسه.

يومها سار السودان في الطريق الذي لا رجعة منه وهو طريق الإرهاب، اختلط الدين بعالم الجريمة وصار السودان يبتعد عن العالم حتى اختفى نهائيًا وهو يحمل على عاتقه مسؤولية عدد من الجرائم الكبرى التي نفذها منتسبو تنظيم القاعدة حول العالم، أما لماذا ارتبط السودان بتلك الجرائم؟ فلأنه كان الملاذ الآمن لأولئك القتلة.
 

اقرأ أيضا|مد فترة تسليم أبحاث مسابقتي «الدينية الكبرى  والثقافة المسيحية»

لقد رفع البلد الذي يعاني سكانه من مشكلات معقدة راية الجهاد، ولم يكن ذلك الجهاد سوى الاسم الحركي لقتل المدنيين بحجة محاربة الشيطان الأكبر حسب التسمية الإيرانية.

لقد أدخل الترابي من خلال تلميذه الوفي الذي انقلب عليه فيما بعد عمر البشير السودان في دوامة لم يكن البلد الفقير يقوى على مواجهته أو الخروج منه.

وهذا ما حدث حين تم ضم السودان إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب، يومها فرضت عليه عقوبات دولية فتحت أمام البشير باب الحروب الأهلية التي لم يجد أمامه بديلاً عنها من أجل أن ينهي حالات التمرد التي صارت الحركات الثورية تتسابق في الالتحاق بها. وفي سياق تلك الحروب ارتكب نظام الحكم بقيادة البشير جرائم ضد الإنسانية كانت الإبادة البشرية عنوانها.

وفي ظل الإهمال الدولي الذي أُحيط به السودان كان البشير يقود ثورة إخوانية حاملاً عصاه وهو يرقص محاطاً بحشود من مناصريه الذين صاروا يتنقلون بخفة بين تحولاته في الطريق المظلمة التي لا نهاية لها.

في هذه الإثناء فرغت سلة الغذاء وصار السودان محكومًا بقوانين الشريعة، المكان الأمثل الذي تشير إليه جماعة الإخوان باعتباره نموذجاً لنجاح تجربتها في عزل شعب عن الحياة الحديثة.

في الحقيقته لقد خسر السودان وقتًا عزيزًا لا يمكن تعويضه وفي واقعه فقد شهد نزوحاً لكفاءاته العلمية والفكرية لا يمكن استعادتها، ولم يربح إلا حيل الترابي وألعابه اللغوية فيما عمل البشير على تمزيق نسيجه الاجتماعي واضعاً الولاء للجماعة الإخوانية فوق الولاء للوطن الذي صار سياجه أعلى من أن يتم التطلع من خلاله إلى العالم.

وأكد خبراء في الشؤون السودانية أن البشير لم يكن يملك مشروعاً وطنياً، بل كان جاهلاً أمياً انتزعه فكر الإخوان من الواقع وصار يغريه بالخلافة في عالم خيالي، وهو ما يسر له تبني الجماعات الإرهابية ودعمها على حساب مصير الشعب السوداني الذي لم يعد قادرًا على رؤيته. في خضم الكارثة التي كان الشعب السوداني يعيشها كان الرئيس الإخواني يعلن عن انتصاراته الكئيبة، موضحين أن البشير الآن يقبع في السجن وأعادت الدولة الجديدة النظر في علاقة الدين بالدولة.. تلك خطوة ثورية كان لابد منها من أجل أن يخرج السودان من الحفرة الإخوانية التي وقع فيها منذ أكثر من ثلاثين سنة ومن أجل أن يخرج إلى العالم.

وفي هذا الصدد أكد وزير الأوقاف الشيخ نصر الدين مفرح السوداني أن مصر والسودان بينهما مشتركات كثيرة «العمق التاريخي والجغرافي»، وما يتأثر به السودان تتأثر به مصر، بالذات في الخطاب الديني، لأن الإسلام والمسيحية دخلوا السودان عن طريق مصر، وأغلب الأئمة ودعاة وفقهاء السودان قديمًا، درسوا في الأزهر الشريف، وتلقوا تعاليم الإسلام من الأزهر الشريف، والقليل تلقوا تعاليم الإسلام من السعودية عن طريق الحج والعمرة، لكن أكثر ما نهِلنا من علمه هو الأزهر الشريف، لذلك البُعد التاريخي والجغرافي من واقع العلاقات التاريخية بين السودان ومصر، لذلك كان اختيارنا أن نسير مع إخواننا المصريين في تدريب مشترك.

 

وأوضح الوزير أنه تم تشكيل لجنة في مجلس السيادة الانتقالي، لإزالة التمكين الذي تم في عهد الإخوان، وبدأنا بمجمع الفقه الإسلامي، وتم فصل بعض المنتمين طبقاً للقانون، هناك أشخاص من الإخوان تم توظيفهم في الديوان العام طبقاً لقانون الخدمة المدنية، هؤلاء موظفون ولا يمكن اتخاذ أي إجراء معهم، وهناك آخرون تم تعيينهم عن طريق التوصية، وتم فصلهم، أما من ينتمي للحركة الإسلامية ومعينًا طبقًا لقانون الخدمة المدنية، إذا وقع منه أي خرق للمبدأ العام للوزارة لن نتركه، وعلى مستوى الأئمة والدعاة التابعين للحركات الإسلامية، وضعنا لائحة لتنظيم دور العبادة، ومن ضمنها لابد من حدوث عملية إحلال وحل الجمعيات ولجان المساجد، وتركنا لجنة المسجد التي تأتي عن طريق الجمعية العمومية، وهي المكلفة باختيار الإمام والخطيب وأمن المسجد، وجميعهم يلتزمون بخطة الوزارة والمنهج العام للدولة ومحاربة التطرف والامتناع عن التشدد.