من الأعماق

جابر الخواطر .. وفتنة الشهر العقاري

جمال حسين
جمال حسين

عندما تصاعدت حدِّة رفض المصريين لتعديلات قانون ضريبة التصرفات العقاريَّة، لم يُساورنى الشك لحظةً واحدةً، أن الرئيس السيسى سوف يتدخَّل لوأد الفتنة فى مهدها، وينحاز كعادته لصالح الشعب المصرى، الذى يُحبَّه ويثق دائمًا فى حِكمته؛ بوصفه الحَكم بين السلطات.

سألنى أحد الأصدقاء: لماذا أنت على يقينٍ بأن الرئيس سوف يتدخَّل لنصرة الغلابة والبسطاء؟

قلتُ لأن الرئيس السيسي جابر الخواطر  ينحاز دائما للشعب ولم يخذل المصريين فى أى أزمةٍ سابقةٍ حيث استجاب لاصحاب المعاشات في قضية العلاوات الخمسة واستجاب للمواطنين في ازمة المصالحات واستجاب للشباب في قانون الجمعيات الأهليَّة، الذى أثار جدلاً واسعاً، ووجَّه بإجراء حوارٍ مجتمعىٍّ حوله.. كما استجاب للفلاحين وأوقف العمل بقانون الضريبة على الأطيان الزراعية لمدة ٣ سنوات، جدَّدها عامين آخرين. 

أكَّدتُ لمُحدِّثى أن الرجل الذى فعل وما زال يفعل المستحيل؛ لبناء مصر الجديدة، وحقَّق إنجازات تصل إلى درجة الإعجاز؛ من أجل إحداث تنميةٍ شاملةٍ تعود بالنفع على المصريين فى جميع مناحى الحياة، لن يقبل أن يُضار مصرىٌّ أو يتعرَّض للظلمِ.. أكًّدت أن السيسى الذى حمل روحه على أكفه فى ٣٠ يونيو؛ استجابةً لنداء المصريين مُتحديًا حُكم الجماعة الإرهابيَّة وجبروتها فى عز قوتها، سوف ينحاز دائمًا للشعب المصرى، ولن يسمح بتمرير أى قانونٍ يُثقل كاهله.
وجاءت استجابة الرئيس التى أثلجت صدور المصريين بتأجيل تطبيق تعديل قانون الشهر العقارى لفترة انتقاليَّة لا تقل عن عامين؛ بهدف إتاحة الفرصة لإجراء حوارٍ مجتمعىٍّ حوله.. قلتُ لمحدثى ألم أقل لك إن الرئيس يشعر بنبض المصريين ويُشاركهم آمالهم وآلامهم وأحلامهم، وينحاز دائمًا لهم فى كل الأمور التى تمس حياتهم؟
وكان طبيعيًا أن يستقبل المواطنون قرار الرئيس بفرحةٍ غامرةٍ، مُؤكدين أنه قرارٌ صائبٌ حكيمٌ من رئيسٍ يحنو على شعبه، وينحاز دائمًا للبسطاء والغلابة.

انتهت الأزمة التى سعت جماعة الإخوان وأبواقها لتحويلها إلى فتنةٍ.. لكن وما أدراك.. لكن؟

إذا كانت حِكمة الرئيس قد أنهت الفتنة إلا أن ما حدث درسٌ لكل من فكَّر وصاغ وسنَّ هذه التعديلات من الحكومة، ودرس لأعضاء البرلمان السابق الذى أصدر القانون المَعيب دون حوارٍ مجتمعىٍّ؟

أتمنى أن يعى مجلس النواب الحالى، الذى أراه يسير على الطريق الصحيح، أن الاستعجال فى سن القوانين قد تكون له عواقب وخيمة، وأتمنى أن يحرص النواب على إخضاع مشروعات القوانين التى تمس حياة المواطن بشكلٍ مباشرٍ لحوارٍ مجتمعىٍّ، حتى نصل إلى قوانين غير معيبةٍ، يجب أن يكون النواب لسان حال الشعب بشكلٍ حقيقىٍّ يُدافعون عن قضاياه تحت قبة البرلمان.

الأزمة أكدت سيادة وسائل التواصل الاجتماعى وتأثيرها على صُنع القرار، ويجب أن يكون لدى الدولة مراكز حقيقية لقياس الرأى العام، ومستشارون يُنيرون لمُتخذ القرار طريقه؛ لاتخاذ قرارات تخدم الوطن والمواطن، وتُؤكِّد للحكومة أنها تسير على الطريق الصحيح.

أسعدتنى انتفاضة مجلس النواب الجديد ضد قانون الشهر العقارى، مما يُؤكِّد أن البرلمان الجديد يختلف كثيرًا عن سابقه، الذى أصدر قانون الأزمة.. وأعجبتنى جدًا كلمة المستشار الجليل حنفى جبالى، رئيس المجلس، عندما قال: المواطن المصرى ينتظر أن نقف بجواره ونُسانده.. فالرئيس السيسى عندما استشعر رأى الشارع بشأن قانون الشهر العقارى، وأجَّل تطبيقه لمدة عامين، أرسى درسًا للجميع أنه حينما يتعلَّق القرار بمصالح الشعب، لابد من التوافق والاسترشاد بالمصلحة العامة.. حفظ الله مصر من كل سوء.