فى أروقة السياسة

تركيا وأحلام التوسع فى عام 2050

د. سمير فرج
د. سمير فرج

بقلم/ د. سمير فرج

عرضت القناة الأولى التركية TRT1، التى تعتبر القناة التليفزيونية الرسمية للدولة، فى الأسبوع الماضى تقريراً وضعه جورج فريدمان، مؤسس شركة استراس فورد، إحدى شركات البحث والتحليل، والتى يطلق عليها فى الغرب مصطلح، "CIA الظل"، أى إنها بديل للاستخبارات الأمريكية. عرض التقرير .

أن "تركيا الجديدة"، فى عام 2050، ستمتد حدودها من الشرق الأوسط، بدءاً من ليبيا ومصر وشبه الجزيرة العربية، إلى منطقة أراضى آسيا الوسطي، ومن ضمنها بعض أراضى الاتحاد السوفيتى السابق، مثل داغستان والشيشان وشبه جزيرة القرم. بمعنى آخر، ووفقاً للتقرير، تتطابق حدود "تركيا الجديدة" مع حدود الإمبراطورية العثمانية القديمة، التى زالت بنهاية الحرب العالمية الأولى، وهزيمة جيشها، إلا أن تركيا لازالت تعيش على آمال عودة الإمبراطورية العثمانية، التى استمرت ستمائة عام. 

وأتذكر عندما كنت ملحقاً عسكرياً لمصر بتركيا، لمدة ثلاث سنوات، أن الاحتفال السنوى بقيام الجمهورية، كان يشهد تقدم مجموعات الأعلام، وخلفها الطابور العسكرى مقسم لثلاث مجموعات، ترتدى كل مجموعة زى الجيش العثماني، خلال فترة الإمبراطورية العثمانية، وبنفس الخطوة التى كان يستخدمها، وهو ما كان يفسره الجميع بأن تركيا مازالت تحلم بعودة ذلك المجد القديم. 

وبمتابعة ما يحدث فى تركيا، الآن، نجد أنه لا توجد دولة فى العالم تقاتل على خمس جبهات، بالتوازي، مثلما تفعل تركيا؛ فجزء من قواتها يحارب فى شمال سوريا، وجزء يقاتل فى شمال العراق، وآخر فى ناجورنو كاراباخ ضد الأرمن، يضاف إليهم تحرشها الميدانى فى البحر والبر بجمهورية قبرص، فضلاً عن استمرار الاستفزازات العسكرية لليونان فى بحر إيجه. وفى الأعوام القليلة الماضية، اتجهت قواتها العسكرية إلى ليبيا، ومعهم المرتزقة من شمال سوريا، فى محاولة للهيمنة على ليبيا. ولولا الإنذار الذى أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن خط سرت−الجفرة، هو خط أحمر، لما توقف المد التركى داخل ليبيا.

وفى الشهر الماضي، وافق البرلمان التركى على استمرار قوات بلاده العسكرية، فى ليبيا، لمدة عام آخر، غير مكترث بقرارات مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، ومؤتمر برلين، وتلا ذلك عرض القناة التركية الأولى لهذا التقرير المصور لشكل الدولة التركية فى عام 2050، فى محاولة لترسيخ صورة ذهنية لدى الشعب التركى عن وطنه الجديد، بتحقيق حلم الدولة العثمانية القديمة فى عام 2050، إلا أن تلك الحيل والأدوات التى يستخدمها أردوغان لإلهاء الشعب التركى عن المشاكل الاقتصادية التى ورط بها تركيا لا تنطلى على أحد.