تحياتى

المشاهدة الشرهة عبر المنصات الرقمية تهدد التلفزيون التقليدى (٦-٧)

د. حسن عماد مكاوى
د. حسن عماد مكاوى

أدى انتشار منصات الترفيه الرقمية إلى تراجع عدد مشاهدى التليفزيون التقليدى للحصول على الترفيه.

 وزاد التوجه نحو الاشتراك فى المنصات الرقمية بحثا عن متابعة حلقات كثيرة من نفس البرنامج أو المسلسل الدرامى فى جلسة واحدة تناسب ظروف المتلقي، ولعل من أبرز أسباب هذا الاتجاه توافر العروض الترفيهية بدون إعلانات تجارية تعوق الاندماج فى العمل الدرامي، وهو أحد دوافع المشاهدة الشرهة. هذا السلوك الجديد من استهلاك المحتوى التلفزيونى بطريقة شرهة وفردية، والتحول من منصات التعرض العادية للتلفزيون كوسيلة جماهيرية عامة مشتركة إلى نمط التعرض الفردي،وهو ما أدى إلى زيادة مساحة " المونولوج"− الحوار الداخلى للفرد مع ذاته− كبديل عن حواره السابق مع أفراد أسرته أو الأصدقاء أثناء المشاهدة الجماعية عبر شاشة التلفزيون، وقد ساعد ظهور منصات الترفيه التجارية على توظيف انتشار هذا النمط الجديد من المشاهدة الشرهة لتزيد من حالة انفصال المتلقى عن واقعه الاجتماعي، واندماجه مع المحتوى الذى يتلقاه عبر المشاهدة الشرهة. فى يناير من عام ٢٠١٩ أتاحت منصة نتفليكس الأمريكية تجربة جديدة للتفاعل المباشر مع الجمهور حول إحدى حلقات المسلسل الشهير الذى تقدمه الشبكة " بلاك ميرور"، حيث امتدت تلك الحلقة لخمس ساعات بين التعرض والتفاعل والنقاش وطرح النهايات من جانب الجمهور، ليصل المتابع لهذه التجربة إلى حالة أكبر من مجرد المشاهدة والتفاعل إلى الشعور بكونه مشاركا فى كتابة الأحداث وتطورها، وأنه مسئول عما آلت إليه أحداث الحلقة ونهايتها فى تجربة أدهشت العالم، وتنبأت بنمط جديد من التعرض لوسائل الإعلام يعتمد على التفاعلية والتقمص والمسئولية المشتركة بين المنتجوالمتلقى للمحتوى الإعلامي، وهو ما يؤكد التحول فى نمط التعرض للتلفزيون، وهو ما قد يغير من اقتصاديات صناعة الإعلام.

وفى المنطقة العربية ظهر فى السنوات الأخيرة منصات رقمية للترفيه مثل منصة " شاهد" و " شاهد بلس" التابعة لشبكة "إم بى سي" والتى بلغ عدد مشتركيها نحو ١١ مليونا ، وهو ما يؤكد أن طبيعة المتلقى الذى اعتاد على متابعة المحتوى المجانى قد تغيرت، وأصبح فى استطاعته متابعة المحتوى فى الوقت الذى يروق له . وللحديث بقية..