شىء من الأمل

قلق المراوغ !

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

بعد التطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها العلاقات المصرية السودانية الأيام القليلة الماضية أسرعت اثيوبيا لتعلن انها مستعدة فورا للعودة للتفاوض بحسن نية لحل أزمة سد النهضة مع البلدين، وأنها تعتقد بإمكانية التوصل إلي اتفاق ثلاثي قريب.. وهذا يعني إن الادارة الاثيوبية بدأت تشعربالقلق بعد أن وجدت نفسها في مواجهة منفردة مع كل من مصر والسودان، وبعد أن صار لمصر والسودان موقف واحد مشترك فى أزمة سد النهضة، يطالبها بضرورة احترام القانون الدولى والاتفاقات التاريخية الخاصة بنهر النيل، ويدعوها لإبرام اتفاق قانوني ملزم يتضمن قواعد تشغيل وملء السد ويحقق مصالح الدول الثلاث ويحافظ على حقوقها فى الحياة والتنمية
لقد استفادت اثيوبيا كثيرا من تباعد سابق بين مصر والسودان حاولت استغلاله للسيطرة على النيل الأزرق والتحكم فيه رغم إنه نهر دولي.. لكن الموقف الآن تغير وصار للبلدين موقف واحد تجاه أزمة السد الاثيوبي بعد ان تعرض السودان بالفعل لأضرار بالغة فى أعقاب مرحلة الملء الأول والتجريبى للسد، وبعد أن خبر مراوغات الادارة الاثيوبية فى المفاوضات التى يرعاها الاتحاد الافريقي للتوصل إلى حل للازمة وضاق ذرعا بهذه المراوغات ولذلك رفض استمرارها بالشكل الذى كانت تمضى به وطالب بإشراك أمريكا والاتحاد الاوربى والبنك الدولى مع الاتحاد الافريقى فيها، وهو ما وافقت عليه مصر وأيدته مؤخرا.. وما حدث فى العلاقات المصرية السودانية والذى يتجاوز التقارب إلى التوحد فى المواقف السياسية والعسكرية لاشك انه اقلق الادارة الاثيوبية لأنه حرمها من ظروف استغلتها من قبل لتمد من حبال مراوغاتها فى مفاوضات السد، والأهم أنه اكد لها ان كلا من البلدين لن يفرط فى حقوقه ولن يقبل أن يلحق به ضررا يهدد الحياة على أرضه بسبب سد أقيم لا من أجل التنمية فقط وإنما للسيطرة على النيل الأزرق والتحكم فيه.
لكن رغم ذلك فإن الادارة الاثيوبية التى سارعت بالاعلان عن استعدادها لاستئناف التفاوض فورا وانه من الممكن التوصل إلى اتفاق بخصوص سد النهضة، لم تتخل بعد عن مراوغاتها بعد.. لقد شعرت بالقلق خشية ان تتزايد عليها الضغوط بخصوص السد فى وقت تتعرض فيه لضغوط أخرى بسبب ما فعلته فى إقليم تيجراى لذلك أسرعت بإطلاق التصريحات حول استعدادها للتوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان حول تشغيل وملء السد.. لكنها فى ذات الوقت رفضت ما اتفقت عليه مصر والسودان بضرورة أن يتغير النهج القديم للمفاوضات الذى استهلك وأضاع الوقت دون التوصل إلى نتائج.. وهكذا اثيوبيا قلقت لكنها مازالت تراوغ ولذلك على كل من مصر والسودان ان تمضيا فى طريق العمل الموحد معا فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية حتى تتوقف الادارة الاثيوبية عن مراوغاتها.