تجربة كاشفة

تجربة كاشفة
تجربة كاشفة

مجرد تطبيق جديد في محيطنا أصبح حديث الجميع، واحد من تطبيقات التواصل الاجتماعي له أهدافه فيما يظن الكثيرون وأنا منهم لكني وجدت أنه لا مانع من التجربة .

 

بين استياء من التمييز وخوف من سرقة للوقت و قلق من التحدث علانيه مع من لم نعرف سابقاً وفرحة بسماع أصوات من عرفناهم طويلاً و لم نقترب لنسمعهم قط ، بدأ كثير منا استكشافه .

 

لكن هذا التطبيق على المستوى الشخصي جعلني اكتشف أهمية التواصل بالحواس بجانب الكلمات بالرغم من أني لم أشعر يوماً بأني أحتاج لهذا النوع من التواصل بل أني كنت اشعر بثقله في بعض الأحيان.

 

 فأنا دائما ما كنت أتفاخر بأني استطيع أن اشعر بما تحمل الكلمات من أحاسيس و مشاعر ، امتلك الخيال الأقرب للواقع من وجهة نظري .

 

لكني وجدت أننا قد نقرا لبعضنا البعض اياماً و شهوراً، نختلف ونتفق، نتعاتب و نفارق ونرجع لنجتمع في شهور كل هذا بكلمات.. صداقة حقيقية تكونت من كلمات، صداقة مكتوبة نعبر فيها عن أفكارنا و توجهاتنا بل و نهاجم و ندافع كل هذا بالكلمات ثم يأتي الصوت ليختصر كل هذا في دقائق .

 

عندما سمعت أصوات لمن اعدهم اصدقاء لي لسنوات طويلة، عندما سمعتهم يتحدثون، اُختصر الكثير في كلمات بسيطة تفسرها نبرة أصواتهم و ضحكاتهم و حتي جدهم ،  أفكارهم لم تحتاج للكثير من الشرح فأصواتهم قامت بذلك بمنتهي السهولة .

وبدأت الصورة تكتمل في ذهني نبرة الصوت مع طريقة الكلام لأعود و اقرأ الكلمات المكتوبة منهم بأصواتهم كما سمعتها منهم و خيالي كما عدلته بعد هذا التواصل لتكتمل الفكرة عنهم وتُثقل.

كما هي الأحاجي والألغاز  تتجمع لتكون الصورة الكبيرة والاكثر وضوحاً والأقرب للحقيقة .

 

أيقنت أن وحده التواصل الحسي يجعلك تكون الفكرة الأقرب للحقيقة، الحواس تعيد  الخيال لحجمه وتعطيه مساحته الحقيقية... مجرد مكمل لا أساس لبناء وجهة نظرك و تقديرك علي البشر الذين يتواصلون معك .

 

شعرت بأني لم أكن أمتلك الفكرة الكاملة او حتي شبه الكاملة عن من أعدهم اصدقاء لكن سماعي أصوات من عرفتهم سنوات عبر الكتابة وغيرهم من من لم اعرفهم الا عبر صوتهم اكدت لي أن الشعور و الأحساس بهم كان ليكون أسهل و أسرع بل و اكثر قرباً من الحقيقة إذا كان تم عن طريق تواصل حسي و ليس كلمات فقط.

 

بالرغم من أني اعترف أني ممن يعشقون التعبير بالكتابة ممن يهيمون عشقاً بكل ما يكتب من أدب، شعر، فلسفة او سير ذاتية ، تاريخ  او سياسة كما يشبهون  امثالي " دودة  كتب " إلا أني ايقنت أن مع من لم تتواصل معهم حسياً قبلا تكون الكلمات غير قادرة عن نقل الصورة كاملة بل في أحيان كثيرة تكون مضللة

 

فالتواصل يظل ناقصا مع الكتابة فبالكلمات وحدها تصنع أنت جانباً كبيراً من التخيل عن الكاتب تتخيله و ترسم شخصيته و أسلوبه تتخيل أشخاصه و مشاهد حكاياته و روايته او تتصور افكاره و يحيلها خيالك إلي مشاهد و وقائع .

 

وهذا يجعلك تتواصل مع خيال صنعته انت بكلماته وليس للحقيقة دخل فيه حتي و ان كونت فكرة عنه جيدة الا انها ستظل ناقصة تفتقر للحقيقة .

 

التواصل الحسي أساسي يجنبنا الكثير من التخيل و الكثير من سوء الفهم أيضا، لذلك فاني أشكر هذه التجربة المميزة كثيراً و اشكر تواصلي معها الذي جعلني أعدل من نظرتي للأمور.

شكراً لهذه التجربة  الكاشفة