رحلة الحياة بين اليأس والأمل

عايدة محمود
عايدة محمود

 بقلم: عايدة محمود

 

نحن علي كوكب الأرض تلك الكرة الفضية التي تدور حول نفسها، كل يوم هذا الكوكب مليء بالأحداث والبشر وعالمنا الواقعي الذي نعيشه مختلف تماما عن عالم المدينة الفاضلة التي رسمها أفلاطون في خياله، فبرغم أن الأرض تعج بالحروب والصراعات لكن مازالت هناك دول وبقاع تدعو للسلام وتنشر دعوات الأمن والإستقرار والأمان وحتي نحن البشر كل إنسان منا مر في حياته بمنحنيات وسقطت خطواته في دروب الفشل وكم سجن اليأس أرواحنا وكم كبل الألم قلوبنا. ولكن مع كل فجر جديد يولد أمل يانع لتعلن كل يوم خيوط الشفق الخلابة التى يمحى معها ظلام الليل أن الحياة مازالت مستمرة وأن كل ليل وله إشراقة تعقبه وكل عسر يأتي معه يسر ورحمة السماء تسقى قلوب الصابرين بالرحمة والأمل وبرغم الحزن السعادة قادرة أن تدق القلوب، ووبرغم اليأس والفشل والإحباط وتكسر أحلامنا أحيانا.

 نحن قادرون أن نحلم من جديد ونبدع ونتميز كلا منا في مجاله فالإبداع كثيرا ما يولد من رحم الألم . فيستطيع كل إنسان أن يبدأ فصل جديد من حياته تاركا وراءه محطات فشله ومتحديا كل الحواجز والعقبات لينطلق كمحارب يرفض أن تهزمه الحياة، ويجول بشجاعة فى ساحات معارك الأيام. فكلا منا قادر أن يكتشف بداخله قدراته وإبداعاته الخاصة، فبداخل كل إنسان طاقة روحية وأشياء تميزه ونقاط قوة إذا نجح فى إكتشافها يستطيع من خلالها أن يولد من جديد.

فالقلب مهما أنهكه الحزن قادر أن يجدد دماء شرايينه ويضخ الأمل والطاقة الإيجابية في حناياه من جديد ....

فمهما مر بنا من أحداث ومهما تكسرت أحلامنا ومهما فقدنا أناس عزيزة علي قلوبنا رحلوا عن عالمنا، وكانوا يمثلوا معني الحياة، وكنا نري الدنيا بأعينهم. رحلوا لعالم أجمل فعالم الأرواح أنقى من عالم الأجساد والمادة ويوما ما سنقابلهم في هذا العالم، وهناك لن يوجد رحيل وفراق لنبقي معهم للأبد.

مازالت الشمس تعلن كل يوم عن ميلاد يوم جديد مفعم بالضوء والحياة لتعطي رسائل للكون أن بعد كل ظلام لابد أن يأتي النور ممتزج بالإشراق والأمل.

كم تألمت قلوبنا وبكيت أرواحنا وأحيانا كثيرة يكون بكاء الروح أكثر ألما وقسوة من بكاء العيون، وكم صدمنا في أصدقاء وأحباء وحتي احيانا أقرب الناس إلينا قد لا يصدق  ظننا بهم،ولكن مازال هناك بشر مخلصة ووفيه وصادقة بدليل أن كلا منا يمتلك علي الأقل ولو صديق حقيقي واحد لا يتصور الحياة بدونه يدعمه ويسانده في الأوقات والمواقف الصعبة التي يمر بها ، وهذا يبرهن أن قوي الحب والصداقة والوفاء مازالت موجودة وان مازال هناك ركن مضيء في هذا العالم حيث مازالت تنمو الزهور وينمو الحب والصدق والنقاء.

ودائما لغة الحب موجودة فى كل معاجم البشر ،وقادرة أن تحفر في وعورة الجبال ممرات لنعبر من خلالها إلي عالم الصدق والأمان. 

فعندما نحب الوطن والأصدقاء وكل من حولنا ونعيش لنكون سبب فى سعادة من حولنا ودعمهم حينها سيشع نور الحب من قلوبنا ليضيء ظلمة العالم فمازال هناك أب يعمل ويكدح بحب من أجل ابناؤه، وأم تطهو وتسهر وتتعب بحب من أجل ابناءها، ومازال هناك صديق سند ودعم ورفيق حياة، و حبيب يختار أن تفارقه روحه ولا يفارق من يحب ، ومازالت هناك ضحكة طفل ترسم علي وجهه بكل براءه،  وسيظل المطر  ينزل من سحابة رمادية ويروى الأرض وينقي الأرواح و الورد سيبقي يعانق أريج الياسمين في الربيع. مازال هناك الكثير والكثير من الأشياء الجميلة والرائعة والتي تبعث فينا إحساس الحياة والجمال والأمل، ولنجمع ملامحنا المبعثرة ونعيد رسم وجوهنا.

فهناك دائما قلوب نقية وصادقة تتمني الخير للجميع . ورغم أننا في وقت ما نشعر بالوحدة والغربة ، وأصبحت بيوتنا كبستان مهجور بعد رحيل أشخاص كانوا  لنا الحياة،  لكن علينا أن نبحث بداخلنا لنجد ان الله هو من يبقي و سيبقي يعطي قلوبنا إحساس الأمان والسكينة.  فكل الأديان تطمئن البشر أن الله موجود وحافظا لهم. 

عيشوا بالحب واجعلوه قنديلا ليضىء لكم الطريق ، فالقلوب تحيا بالحب والخير والنقاء ، وامتلكوا روح الجندى الجسور التي لا تقهرها الصعاب والمحن واجعلوا السلام والحب ليس شعارا فحسب بل أجعلوه قانونا وفلسفة حياة ، وارفعوا أيديكم بالدعاء إلي الله في كل الأديان . في المساجد والكنائس وأروقة المعابد واطلبوا من الله الأمل والأمان.