توسعات مثيرة بالحرم النووي في ديمونة

تحركات نووية مريبة في إسرائيل

أعمال حفر ظاهرة بعمق عدة طوابق تحت الأرض
أعمال حفر ظاهرة بعمق عدة طوابق تحت الأرض

فيما عدا العاملين، وأصحاب القرار والمتورطين والمتآمرين، لا أحد يعرف حتى كتابة هذه السطور حقيقة ما يجرى فى مفاعل" ديمونة" النووى الإسرائيلي، الذى كشفت صور جوجل ووكالات الأنباء مؤخرًا عن حدوث حركة غير عادية وتوسعات في المنشأة التى تعد قدس الأقداس فى إسرائيل.

تأتى التوسعات فى الوقت الذى تواصل فيه تل أبيب − بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو − انتقاداتها اللاذعة لبرنامج إيران النووي، الذى لا يزال تحت مراقبة مفتشى الأمم المتحدة على عكس برنامجها الذى يتسم بالغموض.

 فى إشارة إلى الأغراض الخفية لتل أبيب وراء هذه التحركات قال جيفرى لويس، الأستاذ المهتم بقضايا حظر انتشار الأسلحة النووية: "لو كنت إسرائيل وستضطر إلى تنفيذ مشروع بناء كبير فى ديمونة من شأنه أن يجذب الانتباه، فمن المحتمل أن يكون هذا هو الوقت الذى قد تصرخ فيه أكثر من غيرها بشأن الإيرانيين".

حول ما يحدث داخل الحرم النووى الإسرائيلى الآن، وتاريخ البرنامج النووى الصهيوني، وجرائم إسرائيل للحفاظ على تفوقها النوعى وحرمان أى جارة فى المنطقة من امتلاك قدرات نووية تقدم "الأخبار" هذا الملف الخاص.

 

منذ شهور طويلة رصدت الأقمار الاصطناعية تحركات غير معتادة فى داخل حرم "مفاعل ديمونة" الإسرائيلي. وفى الأسبوع الماضى أظهرت الصور التى حللتها وكالة أسوشيتدبرس أن ثمة عمليات بناء فى منشأة إسرائيل النووية السرية، تمثلت فى وجود أعمال حفر بحجم ملعب كرة قدم ومن المحتمل أن يكون عمق عدة طوابق تحت الأرض. تقع هذه الحفريات الآن على بعد أمتار من المفاعل القديم فى مركز شمعون بيريس للأبحاث النووية بالقرب من مدينة ديمونة.

والمعروف أن المنشأة هى بالفعل موطن لمختبرات تحت الأرض يعود عمرها إلى عقود من الزمن، تقوم بإعادة معالجة قضبان المفاعل المستهلكة للحصول على البلوتونيوم المستخدم فى صنع الأسلحة لبرنامج القنبلة النووية الإسرائيلي.

 على مدى هذه العقود، ظل تصميم منشأة ديمونة كما هو، ومع ذلك، فى الأسبوع الماضي، أشار الفريق الدولى المعنى بالمواد الانشطارية فى جامعة برينستون إلى أنه شاهد "بناءً جديدًا مهمًا" فى الموقع عبر صور الأقمار الصناعية المتاحة تجاريًا.

تقدم صور الأقمار الصناعية التى تم التقاطها يوم الاثنين الماضى من قبل شركة Planet Labs Inc. بطلب من وكالة الأسوشيتدبرس أوضح عرض حتى الآن للنشاط الجارى جنوب غرب المفاعل مباشرة، حيث حفر العمال حفرة يبلغ طولها حوالى 150 مترًا وعرضها 60 مترًا، ويمكن رؤية بقايا الحفريات بجوار الموقع. ويمتد بالقرب من الحفر خندق على بعد 330 مترًا. وعلى بعد حوالى كيلومترين غرب المفاعل، توجد الصناديق مكدسة فى فتحتين مستطيلتين يبدو أن لها قواعد خرسانية. ويمكن رؤية بقايا الحفريات فى مكان قريب. غالبًا ما تستخدم منصات خرسانية مماثلة لدفن النفايات النووية. وتشير صور أخرى إلى أن الحفر بالقرب من المفاعل بدأ فى أوائل عام 2019 وتقدم ببطء منذ ذلك الحين.

صور تقارن بين هيكل بناء المفاعل بين عامى ١٩٧١ و٢٠٢١ وتظهر فيها الإضافات الجديدة

تكهنات.. وتفسيرات

للآن لا يزال سبب البناء غير واضح. ولم ترد الحكومة على أسئلة مفصلة من وكالة الأسوشيتدبرس حول العمل.. مع ذلك قدم المحللون الذين تحدثوا إلى الوكالة عدة تكهنات حول ما يمكن أن يحدث هناك.. أول هذه التكهنات يتعلق بعمل مفاعل الماء الثقيل فى المركز منذ الستينيات مما يثير تساؤلات حول الفعالية والسلامة، ويقول محللون إن هذه المخاوف المتعلقة بالسلامة قد تؤدى إلى توقف السلطات عن العمل أو تعديل المفاعل بطريقة أخرى.

تأكيدًا لهذه الفكرة كتب أفنير كوهين، أستاذ دراسات منع الانتشار فى معهد ميدلبرى للدراسات الدولية، والمهتم بنشاطات ديمونة: "أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالحفاظ على القدرات النووية الحالية للدولة والحفاظ عليها".. "إذا كان مفاعل ديمونة يقترب بالفعل من التوقف عن العمل، كما أعتقد، فإن المرء يتوقع أن تتأكد إسرائيل من استبدال وظائف معينة للمفاعل، والتى لا تزال لا غنى عنها، بالكامل".. فيما تكهن م.بول، من جمعية الحد من الأسلحة، أن إسرائيل قد ترغب فى إنتاج المزيد من التريتيوم، وهو منتج ثانوى مشع سريع التحلل يستخدم لزيادة القدرة التفجيرية لبعض الرؤوس الحربية النووية.

وأضاف أنها قد ترغب أيضا فى بلوتونيوم جديد "ليحل محل أو يطيل عمر الرؤوس الحربية الموجودة بالفعل فى الترسانة النووية الإسرائيلية".