نحن والعالم

دبلوماسية اللقاحات

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

فى الوقت الذى بدأت فيه دول الغرب الغنية الاستئثار بجرعات لقاحات كورونا وتخزين ما هو فائض عن حاجتها، لجأت دول أخرى لإستخدام اللقاحات −السلعة الأكثر طلباً فى العالم− كعملة جديدة لدبلوماسيتها الدولية. الصين كانت أول من فعل ذلك عندما أرسلت لقاحاتها لعدة دول فى الجوار وفى افريقيا. ثم بدأت فى منافستها الهند حيث تنتج Serum Institute 2.5 مليون جرعة يومية من لقاح استرازينيكا، فبدأت فى توزيع الجرعات مجانًا على الجيران من نيبال لبنجلاديش وميانمار وجزرالمالديف وسيريلانكا وسيشيل وأفغانستان، فى محاولة لإستعادة نفوذها هناك. كما تعهدت بتقديم 200 مليون جرعة لمبادرة "كوفاكس" التابعة لمنظمة الصحة لتوزيع اللقاحات على الدول الفقيرة، والتى تعهدت الصين لها أيضاً بـ 10 ملايين جرعة مؤخرًا.

أحدث من تبنى هذه الدبلوماسية كان إسرائيل، والتى حولتها، بطريقتها المعهودة، إلى رشوة سياسية ووسيلة للمساومة. فقبل اسبوع قامت بشراء عشرات الآلاف من الجرعات لدمشق كصفقة لإعادة إسرائيلية محتجزة هناك. ثم أعلنت بعدها عن ارسال شحنات كمكافأة تشجيعية لعدد من الدول، العامل المشترك بينها انها قبلت ضمنيًا بالسيادة الإسرائيلية فى القدس، وهى جواتيمالا التى نقلت سفارتها، وهندوراس التى تعهدت بذلك.والمجر التى أنشأت بعثة تجارية بالعاصمة المتنازع عليها والتشيك التى وعدت بفتح مكتب دبلوماسى هناك. يحدث ذلك فى الوقت الذى تضن فيه باللقاحات على الفلسطينيين الذين يعيشون معها على نفس الأراضى، فى مخالفة صريحة لإتفاقية جنيف الرابعة، التى تُلزم القوى المحتلة بالتنسيق مع السلطات المحلية للحفاظ على الصحة العامة داخل الأراضى المحتلة، بما فى ذلك أثناء تفشى الأوبئة.

لكن ما يلفت الانتباه، ما قاله مسئول إسرائيلى من استغلال هذه السياسة لتسريع المحادثات مع الدول ذات الأغلبية المسلمة التى تدرس تقوية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، فى اشارة واضحة لإستخدام اللقاح كرشوة لشراء المزيد من العلاقات وربما السفارات فى القدس فى المستقبل القريب.