تعرف على حكاية «الأسطورة الأوزيرية»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تقول منار ياسر باحثة في  الآثار المصرية القديمة، أن «الأسطورة الاوزيرية» أحتلت مكانة كبيرة في الأدب المصري القديم ، وتم الإشارة إلى هذه الأسطورة أول مرة في فقرات «متون الأهرام»، وهي مجموعة من النصوص المتفرقة غير مترابطة مع بعض، وبالرغم من ذلك فهي تعطي فكرة عن العناصر الرئيسية للأسطورة، و قد تعددت المصادر التي أشارت إلى أحداث الأسطورة الأوزيرية .

وأضافت "ياسر"، أن هذه الأسطورة تتحدث عن مقتل " أوزير" على يد أخيه "ست" و قد اختلفت الآراء حول مقتلة، فجاء الرأي الأول، وهو أنه قد قُطع جسد أوزير وألقي بأشلائه في النيل، و هذا تفسير لنا حول تعدد مراكز عبادة أوزير في البلاد التي يفترض أن كل مدينة تضم جزء من جسد أوزير، وهناك بعض الإشارات على ذلك في «متون الأهرام » ، وتوضح الشر الذي فعله " ست " مع أخيه "أوزير" فضلاً على أن " أوزير" لقي حتفه على يد " ست " في أكثر من موقع.

وجاء الرأي الأخر بزعم أن أوزير قد أُغرق، وبعد غرق أوزير، قد نصب المعبود "جب "، " حور" كملك لمصر السفلى، في المكان الذي أغرق فيه أوزير، وبعد موت أوزير حزنت عليه الآلهة، وقامت المعبودة إيزيس الأخت والزوجة المحبة التي ظلت وفيه لزوجها وجالت البلاد جنوبا وشمالا للبحث عن أوزير، وساعدتها في ذلك أختها " نفتيس" بالرغم من كونها زوجة  للمعبود "ست" . 

أما عن طفولة حور في أحراش الدلتا، فقد كانت حافلة بالمخاطر، نظرا لأنه قد تربى في منطقة بعيدة عن عين "ست" ليكون في مكان آمن " في مدينة بوتو"، وقد انتشرت العديد من المناظر وخاصة خلال العصر المتأخر، والتي صورت إيزيس وهي تحمل طفلها على حجرها في الأحراش، منها تلك المناظر التي صورت أكثر من مرة على جدران معبد هيبس، هذا فضلا عن العديد من المناظر المتشابهة التي وردت على جدران المعابد البطلمية.

وهناك إشارة في متون الأهرام لرعاية إيزيس لابنها، كما توجد إشارات عديدة إلى قيام الربات بحماية "حور" إلى جانب أمه " أيزيس "، و"نفتيس" وأن البقرة "سحات" قد أرضعته وكانت المعبودة " نيت " خلفه، والمعبودة " سلكت" أمامه، ومن هنا اعتبرت المعبودات "ايزيس" و"نفتيس" و"نيت" و"سلكت" بمثابة ربات للحماية، وكن يصورن على سطح التوابيت ناشرات أجنحهتهن . 

ويبدو أن طفولة حور كانت حافلة بالمخاطر من قبل بعض الكائنات الخطرة والزواحف، بعد ما أخفته أمه عن الأعين، وخاصة عن ست وأعوانه، إلا أنها استطاعت حمايته بفضل قدرتها الفائقة في السحر، وهنا تجدر الإشارة لشيوع لوحات تعرف باسم لوحات " حور السحرية " والتي ظهرت في بداية الأسرة السادسة والعشرين فصاعدا، وكانت تحوي تعاويذ سحرية وأدعية يعتقد أنها كانت تقي أصحابها من الثعابين والعقارب وجميع أنواع الزواحف، وكانت توضع في المنازل أو يزود بها المتوفى في قبره لضمان درء الأذى والشر عنه في عالمه الآخر على الدوام، ويصور حور على هذه اللوحات عاريا  يقف على تمساحين، ويمسك بيده ثعابين وعقارب أو أسد أو أحد الحيوانات الضارية، وجميع هذه الكائنات ترمز لقوى الشر أو للمعبود "ست".

 أخيراً يأتي دور "حور" تجاه أبيه، حيث أنه رفع أوزير بمساعدة جحوتي، وأحضره إلى مدينة " ايونو" للوقف أمام محكمة المعبودات برئاسة المعبود " جب " وأقيمت الدعوة ضد" ست" الذي أنكر في البداية واقعة اعتدائه على أوزير، وقد أشارت فقرات متون الأهرام لذلك، وفي نهاية المحكمة وبعد صراع طويل ثبتت براءة أوزير، وأعتبر صادق الصوت وأدين "ست" وأذيع الحكم لصالح اوزير، واعترفت المحكمة بالمعبود "حور" ملك شرعي على عرش أبيه على الأرض، وأن من يجلس على عرشه من بعده هم خلفاؤه "ملوك مصر"، وتجدر الإشارة إلى أن المعبود "جب" كان أمير الآلهة ووريث للعرش بعد كل من "أتوم وشو وتفنوت " وذلك في تكوين الأسرة الإلهية، ويعتبر عرش" جب "هو عرش ملوك مصر القديمة فيما بعد، حيث إن من حكم العالم في البداية كانت الأسرة الإلهية الأولى، وهي المجمع الإلهي الكبير " التاسوع الكبير" بهليوبوليس، ويعتبر الملوك أنفسهم خلفاء لمعبود "جب" في إطار السياق التاريخي، حيث أن المعبود "جب" يعتبر طبقا للأساطير القديمة والد المعبود "رع "من المعبودة " نوت" ، والتي تلده كل صباح ، وبفضل هذه الأبوة استحق "جب" لقب أمير الآلهة، وهو الذي منح سلطته الأرضية لأوزير ثم حور، وآخر الملوك الذي أطلق عليه "وريث جب " .

اقرأ ايضا ||حمامات «كاراكالا» أنتجتها العمارة الرومانية منذ أكثر من 300 سنة| صور