فريد الأطرش.. أحب مصرية فطلبته أسرتها للغناء في زفافها من آخر

فريد الأطرش في جلسة مع صباح - أرشيفية
فريد الأطرش في جلسة مع صباح - أرشيفية

في جبل العرب جنوب سوريا، شق الملحن والمطرب والممثل فريد الأطرش عينيه على الحياة، ليصبح واحدًا من الدروز، وكان ذلك في 19 أكتوبر عام 1910؛ حيث كان لديه 9 أخوات.

 

تزوج والد فريد وهو الأمير فهد الأطرش ثلاث مرات، وكان لدى المطرب الراحل 5 أشقاء من والدته الأميرة علياء المنذر، التي كانت تمتلك صوتاً جميلاً ساعدها في امتهان الغناء لبعض الوقت كي تنفق على أبنائها بعد غياب الأب. 

 

تركت الأسرة سوريا خوفاً من مطاردات الاحتلال الفرنسي، واستقرت في مصر، وتنقل فريد الأطرش بين المدارس، وعمل منذ صغره في مهن شتى، منها بيع القماش، ليُسهم في نفقات العائلة، وعاش باسم عائلة مستعار أيضاً لبعض الوقت.

 

اقرأ أيضًا| فنانة ترفض الزواج من فريد الأطرش بسبب دينه

 

وعندما التحق فريد بمعهد الموسيقى العربية، ثم الإذاعة المصرية، لم تتحسن ظروفه كثيرًا، وخسر بعض المال حين  أسس فرقة بمفرده لتسجيل أغنياته، رغم نجاح أول أعماله «يا ريتني طير أطير حواليك»، نجاحًا ساحقًا، لكن الأمر لم يترجم سريعاً إلى ثراء مالي إلا بعد سنوات من المعاناة.

 

من هنا اكتسب فريد تعاطفا واسعًا بين المصريين، خاصة بعد إصابته بجلطة في الشريان التاجي في ثلاث سنوات متعاقبة آخرها 1957، وكان تقرير الأطباء عن حالته هي وجود أعراض هبوط بالطين الأيسر وكذلك انسداد جهاز التوصيل للبطين الأيسر، ثم اكتشف وجود فتق في الحجاب الحاجز يدخل منه جزء من المعدة إلى تجويف الصدر في معظم الأحيان.

 

 سارع الأطباء إلى نصح فريد بالإقلال قدر الإمكان من مزاولة أي نشاط ذهني أو جسماني وتجنب الانفعالات، وكان واضحا أن الطبيب حاول إبعاد كلمات الخطر من تقريره ولكن الطبيب الفرنسي يتولى علاجه في الخارج بعث له تقریرا آخر عن حالته الصحية وكان يقول فيه بصراحة إنه إذا قام بأي مجهود جسماني أو تعرض لأي انفعالات فأنه معرض للموت بين لحظة وأخرى.

 

لم تكن التقارير وحدها التي تشير إلى هذا الخطر وإنما الواقع أيضًا، ففريد إذا مشي قليلا  أو تحدث كثيرا خصوصا في الفترة الأخيرة فإنه يصاب بضيق في التنفس وقد طلب منه الطبيب الفرنسي أن ينام وهو جالس لتجنب حدوث أي اضطراب في القلب.

 

ورغم التقرير الذي أرسله له طبيبه الفرنسي من الخارج، وعلمه بمدى الخطر الذي يهدده بين لحظة وأخرى، أصر على بذل نفس المجهود ومواصلة العمل، والوقوف على المسرح للغناء 3 ساعات متواصلة. 

 

توقف القلب ثلاث مرات 

 

وحكاية المرض مع فريد الأطرش بدأت سنة ١٩٥٥، عندما كان يشكو من معدته وقلبه، وعندما أجريت له التحاليل في الخارج، نصحه الأطباء المصريون والفرنسيون ألا يغني ولا يمثل في السينما ومنعوه من الزواج وذلك خوفا على حياته من الموت! 

 

وقصة أول مرة أصيب فيها بالذبحة الصدرية، كان فريد على المسرح يحيي إحدى حفلاته، وأحس بألم شديد في جانبه الأيسر وتخدرت أطراف أصابعه وشعر بسكاكين تمزق صدره، وظل يغني، وتحامل على نفسه وأكمل الحفل، وعاد إلى المنزل بعد انتهاء الحفلة ووقع على الأرض من التعب والإرهاق الشديد وتعرض لذبحة صدرية وراح في غيبوبة.

 

وعندا فاق وجد الأطباء من حوله وأصدروا عليه حكما بالسجن في غرفة النوم إلى أجل غير مسمى، لكنه عاد يعمل من جديد، فأحس فريد مجددا بالإغماء وهو تحت الأضواء القوية في الاستديو فلم يبال وأمضى نصف اليوم في غرفة المونتاج حتى سقط مرة ثانية وأصيب بذبحة صدرية ثانية، ونصحه الأطباء بألا يتحرك لأن قلبه يتربص به ونصحه الأطباء بإجراء عملية نقل الدم.

 

وحدثت المفاجأة في ليلة رأس السنة وفريد في حالة احتضار؛ إذ كان الأطباء يتوقعون أنها النهاية فأراد فريد أن يذهب إلى الحمام فطلب من الممرضات الدخول، وبعد لحظات سمعن جسما ثقيلا يصطدم بشدة بالأرض، ففتحت الممرضات الباب فوجدن فريد على الأرض وقد سقط للمرة الثالثة.

 

ولكن بعد ساعة واحدة حدثت المعجزة.. قلب فريد ينبض أكثر من ذي قبل، وقال الدكتور وهو في دهشة: كان لابد أن يموت من أثر السقطة لكنه عاش ليؤكد أن إرادة الله فوق كل شيء.. فوق الطب.

 

سر السيدة المجهولة  

 

مرت الأيام بطيئة متثاقلة في الغرفة المغلقة، وأحس فريد بالوحدة وهنا بدأ التفكير: ما دام ممنوعا من العمل فلماذا لا يتزوج؟.. وبالفعل فكر جديا في الزواج وبينما يقلب مجلة أخر ساعة لفت نظره صورة فتاة جميلة وتذكر فريد أنه رآها في حلبة السباق من قبل، وقرر أن يتزوجها.

 

وأرسل أخوه فؤاد وزوجته إلى أسرة الفتاة في الإسكندرية لكي يخطبها له، وطرق الاثنان باب الأسرة، وحدثت المفاجأة ووقعت الأسرة في حيرة من أمرها؛ حيث قال والدها: «ابنتنا مخطوبة وسيتم زفافها بعد أسبوع وكنا نفكر أن يحيي فريد حفل زفافها لولا مرضه».

 

وكانت أمنية فريد أن يكون لنفسه أسرة وأولاد لأنه كان يعيش وحيدا بلا أهل في القاهرة ماعدا أخوه فؤاد لكنه لا يستطيع أن يتزوج بأوامر الأطباء. 

 

وتوفي فريد الأطرش وهو في عمر الـ64 عاما بعد صراع كبير مع المرض وبدون أن يتزوج، وأصيب بأزمة قلبية حادة بمستشفى الحايك في بيروت عام 1974، ونقل جثمانه ليدفن مع أخته في مصر حسب وصيته.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم