فى الصميم

الفساد المالي أخطر من أخطاء السياسة!

جلال عارف
جلال عارف

سيظل «دونالد ترامب» حاضراً فى السياسة الأمريكية حتى إشعار آخر أو تطور يغير مجرى الأحداث فى أمريكا. سيظل الرئيس السابق يثير الجدل ويحاول الحفاظ على نفوذه السياسى ليس فقط لأنه يمثل تياراً له جذوره فى المجتمع الأمريكي، ولا لأنه فلتة الزمان كما يعتقد أنصاره رغم كل أخطائه!
الأهم من هذا كله ـ بالنسبة لترامب ـ أن الخروج من ميدان السياسة ينزع عنه الدرع التى يحاول الاحتماء بها من مساءلات لن تنتهى بسهولة، وقد تكون عواقبها أفدح مما يتصوره الكثيرون. والمساءلة هنا لا تقتصر على ما يتصل بعالم السياسة كما فى قضايا الانتخابات الأخيرة واقتحام مبنى الكونجرس والتى لم تتوفر الأغلبية المطلوبة لإدانته فى مجلس الشيوخ، ولكنها أصبحت الآن أمام القضاء فى دعاوى عديدة لعل أهمها ما ثبت بشأن الضغوط التى مارسها الرئيس السابق على بعض المسئولين فى الولايات لتغيير نتيجة الانتخابات لصالحه!
لا يقتصر الأمر على ذلك.. فالدعاوى القضائية التى يواجهها ترامب بالفعل عديدة ومتصلة بجرائم تبدأ من ادعاء ارتكابه لوقائع تحرش واغتصاب ولا تنتهى عند الدعاوى المتعلقة بالتحايل الضريبى الذى ظل طوال سنوات حكمه يستخدم كل الوسائل لتعطيل الحسم فيها، ويرفض ـ فى نفس الوقت ـ الكشف عن موقفه المالى كما يفعل كل الرؤساء الأمريكيين تاركا ـ دون رد ـ ما نُشر من وقائع حول المبالغ التافهة التى سددتها مجموعته المالية والعقارية الضخمة للضرائب، أو ادعاء الخسارة بالتلاعب فى الميزانيات، أو إعلان إفلاس بعض الشركات على غير الحقيقة للتهرب من سداد حق الدولة!
بالأمس ازدادت الضغوط على ترامب، مع صدور قرار للمحكمة العليا بإجباره على تسليم إقراراته الضريبية للمدعين العامين فى نيويورك، وهو ما كان يتحاشاه طوال سنوات رئاسته. وما سيفتح الباب أمام كشف الحقائق وبيان ما إذا كانت هذه الإقرارات تعبر عن موقفه المالى الصحيح أم تتلاعب بالأرقام وتتحايل للتهرب من الضرائب.
وفى نفس الوقت كان يتم الكشف عن تقرير صادر عن منظمة تدعى «مواطنون من أجل المسئولية والأخلاق» يقول إن ترامب حقق فى سنوات رئاسته الأربع ١٫٦ مليار دولار أرباحاً من إمبراطوريته التجارية وخاصة فى قطاع العقارات والفنادق ونوادى الجولف رغم أن المنافسين فى هذه القطاعات حققوا خسائر فادحة بسبب جائحة كورونا.. وهو ما يثير العديد من التساؤلات التى يفترض أن تتم الإجابة عليها من الرئيس السابق ومن نجله الذى أدار أعماله التجارية أثناء رئاسته والذى يتم التحقيق معه بالفعل حول وقائع عديدة تتصل بالتهرب الضريبى واستغلال النفوذ... إلخ!
فى وجه هذه العواصف لا يمكن أن يتخلى ترامب عن نشاطه السياسى، ولا عن حشد أنصاره الذين مازالوا يعتقدون أنه يواجه مؤامرة كونية، والذين يمثلون لترامب الدرع التى يمكن أن تحميه من المصير الأسوأ!