أجـرى فى «رابعـة العـدوية» كان 100 جنيه .. وقـدمت أفـلام «نص ونص» ندمانة عليها!

أوراق من حياة «نجمة مصر».. نبيلة عبيد:

نبيلة عبيد
نبيلة عبيد

نبيلة عبيد، فنانة أمتعت أجيالا بأعمالها، مشوارها الفنى وتاريخها يحكى قصصا وحكايات، عن فنانة عشقت الفن، فأحبها الجمهور، لكن جيل الألفينيات لا يعرف الكثير عن ممثلة جسدت أداوارها بحب، وستظل الشخصيات التى قدمتها فى مشوارها الفنى محفورة فى ذاكرة السينما المصرية، فهي الراقصة، والمدرسة، والطبيبة، والقاتلة، والنصابة، والمدمنة، وهى الإنسانة بعيدًا عن الكاميرا، عشقت وأحبت، ورفضت تسلط الرجال، عشقت الأمومة ولم تفكر فى الإنجاب، حياتها ومشوارها الفنى يحوى قصصا وحكايات مع عمالقة الإخراج.
أوراق من حياة الفنانة تحكيها بلبلة السينما حول البدايات ولحظات النجاح الجماهيرى فى حياة نجمة مصر الأولى.

سألناها» ما سر الاختفاء بعيدًا عن السينما والدراما؟
ـ أنا مُعتكفة فى البيت، لا أخرج نهائيًا منذ 11 شهرًا بسبب كورونا، ولم أر الشارع.
 احكى لنا عن يومك وأنت فى العزل؟
ـ ليس هناك سفر أو سهر، فقط أسمع أغانى حليم وأم كلثوم، ووجدت نفسى أكتشف المطربين من جديد، لكن هذا لم يمنعنى من السؤال عن أصحابى من الوسط الفنى أو خارجه، وكنت أتصل بعزت العلايلى، الله يرحمه، كان فنانا محبا للحياة جدا، واليوم الذى رحل فيه أمسكت الموبايل كى أحدثه فقرأت نبأ رحيله.
 لماذا محمود قاسم هو من يُحضِّر كتاباً عن حياة نبيلة عبيد؟
ـ محمود قاسم مؤرخ سينمائى، وهو الذى بدأ فى عمل الكتاب، وأنا لم أطلب منه ذلك، هو اتصل بى وقال إنه بصدد عمل كتاب عن سينما نبيلة عبيد.
 خلال مشوارك الفنى هل تتذكرين عدد الأفلام التى قمتِ ببطولتها؟
ـ أنا عملت فوق الـ86 فيلما.
 لكن مؤكد هناك أفلام أقرب لقلبك.. فما هى؟
ـ كل فيلم له حالته الخاصة، ووقته، مثل فيلم لا يزال التحقيق مستمرًا، وديك البرابر، وحارة برجوان، وغيرها..
 ما الأفـــــلام التى تـريـــــن أن أحــــداثهـــــا لا تموت؟
ـ شاهدت من فترة فيلم الراقصة والسياسى، وقلت إيه العظمة الموجودة فى هذا العمل، شيء خيالى، التصوير والإخراج، والملابس، وأحداثه مستمرة وتليق على أى وقت، أيضًا فيلم الغرقانة لمحمد خان، كان بمثابة لوحة فنية.
 خلال مشوارك الفنى الممتد لأكثر من 50 عاما ألم تندمى على فيلم قدمتهِ؟
ـ الفترة التى أعقبت تصوير فيلم رابعة العدوية، كانت فترة سيئة، وقدمت فيها أفلام "نص و نص" لكن سرعان ما توقفت، وبدأت أعيد حساباتى مرة أخرى، ولأننى أحاسب نفسى باستمرار أدركت أننى أسير فى الاتجاه الخاطئ، لذا قررت التوقف وندمت على أعمالى فى هذه المرحلة.
وبدأت قصتى مع الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس والمخرج أشرف فهمى، حيث بدأت ملامح طريقى تتشكل، وأصبحت فنانة واعية وقدمت أفلاما رائعة مثل «المرأة الأخرى» و«الشيطان يعظ» و«رحلة داخل امرأة» مع الفنانة الكبيرة نادية لطفى، ورغم ذلك كنت غير راضية، كنت أريد أن يحمل الفيلم اسمى فقط، وبذلت مجهودا كبيرا من أجل البحث عن موضوعات شيقة وابتسم لى الحظ عندما قدمت فيلم «وسقطت فى بحر العسل» و«لا يزال التحقيق مستمراً» و«أرجوك أعطنى هذا الدواء» للمخرج حسين كمال و«أيام فى الحلال» وتوالت أعمالى الجيدة والتى تحمل اسمى، وقدمت أفلاما لها بعد ومغزى سياسى مثل «الراقصة والسياسى» للكاتب الكبير وحيد حامد، الذى دائما ما يتنبأ فى أفلامه بأحداث سياسية، واشتغلت مع يوسف شاهين فى فيلم «الآخر»، ولكن كانت أمنية حياتى العمل مع بركات وبكل أسف لم تتحقق.
 ما ذكرياتك مع فيلم رابعة العدوية؟
ـ تخيل عندما يكون اختيارهم لفنانة صغيرة فى بدايتها ويسندون لها بطولة فيلم، علمونى الإلقاء والأداء والمناجاة على يد إبراهيم عمارة، وعلمونى اللغة العربية على يد فاخر فاخر، وشادى عبد السلام صمم الأزياء، كل هذا لأنهم يريدون لهذه الممثلة أن تكبر، وتكمل مشوارها الفنى، هل هذا يحدث الآن؟!..
وقتها حلمى رفلة اختار هذه الفتاة، وأسند لها 4 أفلام مستوى كبير، وكانت "ملونة" وصنعت منى نجمة، كل فيلم كان يحكى حكاية ويفيد المجتمع، وكان حلمى رفلة يريد صناعة نجمة كبيرة تستمر وليس مجرد نجمة تقدم «فيلم وخلاص».
 ما أجرك فى فيلم رابعة العدوية؟
ـ كان أجرى 100 جنيه فقط.
 قلت إن المخرج حلمى رفلة هو الذى صنع نجوميتك فهل هو الذى اكتشفك؟
ـ اكتشفنى المخرج عاطف سالم.
 حدثينا عن دورك الرائع "الفتاة المعاقة ذهنيًا" فى فيلم "توت توت" لعاطف سالم؟
ـ عملنا جلسات وكنت مقتنعة بالدور، وقالوا إن الدور فيه 15 كلمة فقط، وأعجبتنى الفكرة، أيضا "المرأة والساطور" تقمصت الشخصية، و"كشف المستور" كلها أفلام صنعت تاريخى، ومنزلى يحتوى على عشرات الصور والتكريمات من وراء هذه الأفلام.
 ما الأفلام التى أرهقتك أثناء تصويرها ولا تنسينها؟
ـ "توت توت" و"المرأة والساطور"، والأخير كنا نصوره فى الإسكندرية والنوة شديدة، وكان كل يوم لابد من تغيير الملابس، ومشاهد تقطيع الجثة، كنت أكره الملابس التى أرتديها فى الفيلم.
 من أهم المخرجين الذين عملتِ معهم؟
ـ عملت مع 7 مخرجين كبار وكنت أحب تكرار الشغل معهم مثل حسين كمال وعاطف الطيب، وأشرف فهمى فى قضية سميحة بدران، وعلى عبد الخالق وإيناس الدغيدى.
 هل ندمت لأن مشوارك الفنى خطفك من حياتك الطبيعية؟
ـ لا أستطيع أن أقول إننى "ندمانة" لأنها رغبتى، وكل حاجة عايزاها من الفن أخدتها، السينما منحتنى أشياء كثيرة عايشة عليها الآن، وأنا أعطيتها عمرى وقدمت تضحيات لا يتخيلها أحد، كحلم الزوجة والأبناء لكن حققت كل حاجة تمنيتها، فربنا يعطى شيئا ويأخذ منك شيئا آخر، وأنا حققت الشهرة ولم أحقق الأمومة، مش ممكن يكون هناك نجاحات وأمومة فى نفس الوقت.
أنا ضحيت بنبيلة الزوجة والأم، وكان لازم يحصل كده، لأظل نبيلة الفنانة التى تعطى كل شىء لفنها، أنا الآن أجمع ثمار نجاحى، وأى حد كان عايز يرتبط بى يطلب منى ترك الشغل، فكنت أرفض حلم الأم من البداية.
 لكن المخرج عاطف سالم اكتشفك وقدمك للسينما وتزوجك؟
ـ هو أيضًا كان يرفض فكرة عملى، وكان يريدنى زوجة وليس فنانة، ولم أستطع أن أكون زوجة، وهو الذى قدمنى لحلمى رفلة.
 هل تشعرين أنكم جيل ظلم فى أجوره؟
ـ نحن جيل لا يهمه الأجر بقدر ما يهمه الفن، وأنا كنت ممثلة سينما ولست ممثلة دراما، كنا ننظر للموضوع والمخرج والدعاية، لم أفكر كم أجرى بقدر ما أفكر فى صورتى كفنانة تقدم عملاً ينجح جماهيريا، يحيى شاهين وفاتن حمامة وشادية وماجدة كلهم أنتجوا لحسابهم عشان يعملوا الأفلام التى يريدونها، وأنا أنتجت رواية "سقطت فى بحر العسل"، وكان نفسى أشتغل مع بركات وكمال الشيخ، أنا اشتغلت مع صلاح أبوسيف ويوسف شاهين وعاطف الطيب وعملت مع المخرج حسام الدين مصطفى فيلم "الخطافين" بطولة فريدة شوقى.
 متى لقبتِ بـ"نجمة مصر الأولى"؟
ـ أطلق علىّ هذا اللقب المنتج الراحل إبراهيم شوقى، لأنه كان يبيع باسمى 10 أفلام.
 احكى لنا عن المنافسة بينك وبين نجمة الجماهير نادية الجندى على شباك التذاكر؟
ـ أنا كافحت وهى كافحت وأنا أحترم كفاحها بشكل كبير، هى تقدم "فيلم حلو" وأنا أيضًا، كلانا اشتغل مع كاتب واحد هو مصطفى محرم، كان عندما يكتب لى فيلما جيدا يكتب لها أيضا فيلما جيدا، وكنا لونين مختلفين هى نجحت فى لونها وأنا نجحت فى لونى، هى مشوارها كان كفاحا وتعبا، واحترمها جدا، وهى أيضًا تحترم كفاحى وتعبى.
لكن هناك من كان يشعل الخلافات بينكما؟
ـ نعم، لكن كانت المنافسة بيننا شريفة، وكنت أرفض أن أقول اسمها بأى سوء، الناس وقّعوا بيننا، لكن كان الصمت والاحترام هو السائد بيننا.
كم سنة صمتِ؟
ـ كانت فترة وعدت منذ الثمانينيات والتسعينيات، وإثارة الخلافات بيننا لم تنجح لأننا كنا نتواجه فى شباك التذاكر وكان الحكم بيننا فى النهاية هو الجمهور، ولكن بالطبع تحولت تلك المنافسة إلى صداقة.