بعد نجاح حوار الفصائل والاتفاق على جولة جديدة فى مارس

مصر تحيى آمال الوحدة الفلسطينية

حوارات الفصائل
حوارات الفصائل

كتبت: سمر صلاح الدين

جهود متواصلة تغزل بها القاهرة نسيجًا مترابطًا لموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، فى رسالة واضحة للعالم، أسفرت عن دعوتها للاجتماع الوزارى العربى الطارئ بالجامعة العربية، الذى عكس إرادة عربية موحدة تجاه القضية، تزامنا مع التئام الفصائل الفلسطينية بالقاهرة فى خطوة هامة لفتح الطريق نحو إنهاء الانقسام، ورسم خريطة واضحة لإجراء الانتخابات، وصولًا لإعادة تحريك مسار مفاوضات السلام بصوت فلسطينى واحد ومساندة عربية.

القراءة المتأنية لمخرجات الحوار، تُشير لعدد من النتائج الهامة، أولها التوافق الواضح الذى تم التوصل إليه بين مختلف الفصائل الفلسطينية المشاركة فى الحوار إزاء العديد من القضايا المثارة على الساحة الفلسطينية، وكذلك تؤكد استمرار الدور المصرى فى التحرك بعد هذا الحوار حيث تم الاتفاق على عقد حوار فلسطينى مماثل بالقاهرة شهر مارس المقبل، بحضور رئاسة المجلس الوطنى، ولجنة الانتخابات من أجل التوافق على أسس وآليات تشكيل المجلس الوطنى الجديد، وطلبت الفصائل المشاركة فى الحوار من الرئيس السيسى توجيه الجهات المعنية فى مصر لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه والمشاركة الفعالة فى الرقابة على الانتخابات الفلسطينية فى مراحلها الثلاث، وسيكون لمصر دور مُباشر فى مُتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بصفة القاهرة شريكًا لا وسيطًا بين الفصائل، الأمر الذى وافق عليه الجميع دون استثناء.

اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أكد أن مصر ستواصل دورها الكبير بجانب الفلسطينيين فى متابعة كل الخطوات القادمة بكل الجدية المطلوبة حت يتم التوصل إلى إنجاز كل متطلبات ترتيب البيت الفلسطينى، ولفت إلى أن المسئولية الآن ملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية التى شاركت فى حوار القاهرة، حيث أصبح لزاما عليها أن توفر المناخ الملائم لوضع ما تم الاتفاق عليه بالقاهرة موضع التنفيذ، كما أشار إلى أن أبرز النقاط الخلافية التى تم التوصل إلى حل لها كانت تشكيل محكمة قضايا الانتخابات بالتوافق بين قضاة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تتولى هذه المحكمة دون غيرها من الجهات القضائية متابعة كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية ونتائجها والقضايا الشائكة بعد أن يصدر الرئيس الفلسطينى مرسوما بتشكيلها ويوضح مهامها استنادا إلى هذا التوافق وطبقا للقانون.

ويشير كذلك إلى أن تأكيد الفصائل على ضرورة تحقيق مبدأ الشراكة الوطنية من خلال إجراء العملية الانتخابية والالتزام بجدولها الزمنى استنادا إلى المرسوم الرئاسى من حيث توفر الحريات العامة والإفراج عن المعتقلين على خلفية فصائلية أو لأسباب تتعلق بحرية الرأى مع ضمان حق العمل السياسى، هى فى مجملها مؤشرات إيجابية لنجاح الحوار الفلسطينى فى التوافق على متطلبات نجاح العملية الانتخابية، ومنها أيضًا تأكيد المشاركين فى الحوار على أهمية تقديم الدعم اللازم للجنة الانتخابات المركزية، إضافة إلى الاتفاق على أن تكون الشرطة الفلسطينية وحدها وليس غيرها من سيتولى تأمين العملية الانتخابية، مع التأكيد على حيادية الأجهزة الأمنية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى ألا تتدخل هذه الأجهزة مطلقًا فى العملية الانتخابية.

وعن وجود بعض النقاط التى لم يستطع المشاركون فى الحوار تجاوزها، منها ما تم ترحيله للاجتماعات المقبلة، مثل التوصية التى رفعها المشاركون للرئيس عباس بالنظر فى تعديل بعض النقاط المتعلقة بقانون الانتخابات، مثل نسبة مشاركة بعض الفئات وسن الترشح، قال: إن هناك وجهة نظر مصرية بأن يكون التعديل بتحقيق أغلبية توافقية وليس أكثرية "50 + 1" لكونها تخدم النسبة الكبرى من الفصائل، كذلك أيضًا كان هناك بعض القضايا المفصلية المتعلقة بإنهاء الانقسام، والتى تقرر ترحيلها لما بعد الانتخابات، مثل قضايا "الأمن وموظفى حماس وسلاح المقاومة".

المحلل السياسى الفلسطينى عبد المهدى مطاوع، أكد أن الدور المصرى الأساسى والمحورى والمحترف كان له الأثر البالغ فى إتمام هذا الاتفاق، إضافة لرعاية الرئيس السيسى، التى أضفت بعدًا هامًا ورسائل سياسية أعطت دفعة كبيرة لإتمام الاتفاق.

ويتفق معه فى ذلك الرأى السفير الفلسطينى الأسبق بالقاهرة، الدكتور بركات الفرا، مُشيرًا إلى أنه لولا الدور المصرى الذى يثق فيه الشعب الفلسطينى وقواه السياسية وجميع فصائل النضال الفلسطينى ما تم انعقاد الحوار الوطنى للاتفاق على تفاصيل إجراء الانتخابات، مؤكدًا أن الدور المصرى كان عظيما ولا غنى عنه لتحقيق وحدة الشعب الفلسطينى وإنهاء الانقسام.

وبالتوازى مع نجاح الحوار الفلسطينى بالقاهرة، أعادت مصر فتح معبر رفح باستمرار وانتظامه لأجل غير مسمى، كبادرة لتشجيع الحوار الفلسطينى، وأوضح جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس وفدها المفاوض فى حوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة، أن فتح معبر رفح قرار سيادى مصرى قدمه الرئيس السيسى للشعب الفلسطينى مشكورًا، وقال: "أهلنا فى غزة يستحقون أن يكون هذا المعبر مفتوحًا"، مؤكدًا أن مصر هى الشريك الأساسى والوحيد فى إنجاح عملية الحوار الذى سيستمر على أرض مصر برعاية مصرية إلى أن يصل للمحطة النهائية، وهو التزام حصلنا عليه من كل القيادات المصرية.

ومن جانبه، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بمخرجات الحوار، مؤكدًا أنه حقق التوافق المطلوب الذى يمهد لإجراء الانتخابات المقبلة، وقدم الشكر لمصر على رعايتها للحوار فى هذا التوقيت المهم، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لتجاوز الانقسام بالمصالحة وإجراء الانتخابات.

وبحسب مصادر داخل الجامعة العربية، فإن مراقبين من الجامعة سيتابعون سير العملية الانتخابية فى كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهناك مشاورات حول كيفية البناء على الاجتماع الوزارى الطارئ الذى عقد بالقاهرة، والذى عكس إرادة عربية لمساندة الموقف الفلسطينى والعمل على إطلاق عملية تفاوضية تقود لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.