ما تفسير حديث ما أفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة؟.. «الإفتاء» تجيب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أرسلت «بوابة أخبار اليوم»، سؤالًا حول تفسير حديث : «ما أفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة؟»، إلى دار الإفتاء المصرية للإجابة عنه.

وأجابت «الإفتاء» بأنه ورد عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ، قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».

وأوضحت أنه وردت لهذا الحديث روايات متعددة، منها: [ لن يفلح قوم تملكهم امرأة ]، [ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ].. [ ولن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ] رواها: البخاري والترمذي والنسائي والإمام أحمد.

وأضافت أنه إذا كانت صحة الحديث من حيث « الرواية» هي حقيقة لا شبهة فيها، فإن إغفال مناسبة ورود هذا الحديث يجعل «الدراية» بمعناه الحقيقى مخالفة للاستدلال به على تحريم ولاية المرأة للعمل العام. ذلك أن ملابسات قول الرسول لهذا الحديث تقول: إن نفراً قد قدموا من بلاد فارس إلى المدينة المنورة، فسألهم رسول الله: « من يلي أمر فارس»؟  قال [ أحدهم ]: امرأة. - فقال « ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ».

ولفتت إلى أن ملابسات ورود الحديث تجعله نبوءة سياسية بزوال ملك فارس وهي نبوءة نبوية قد تحققت بعد ذلك بسنوات أكثر منه تشريعًا عاما يحرم ولاية المرأة للعمل السياسي العام، ثم إن هذه الملابسات تجعل معنى هذا الحديث خاصًا «بالولاية العامة» أي رئاسة الدولة وقيادة الأمة، فالمقام كان مقام الحديث عن امرأة تولت عرش الكسروية الفارسية، التي كانت تمثل إحدى القوتين الأعظم في النظام العالمي لذلك التاريخ.

وأكدت أنه لا خلاف بين جمهور الفقهاء باستثناء طائفة من الخوارج على اشتراط «الذكورة» فيمن يلى «الإمامة العظمى» والخلافة العامة لدار الإسلام وأمة الإسلام، أما ما عدا هذا المنصب بما في ذلك ولايات الأقاليم والأقطار والدول القومية والقطرية والوطنية فإنها لا تدخل في ولاية الإمامة العظمى لدار الإسلام وأمته، لأنها ولايات خاصة وجزئية، يفرض واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشاركة في حمل أماناتها على الرجال والنساء دون تفريق.

وأشارت إلى أن الشبهة إنما جاءت من خلط مثل هذه الولايات الجزئية والخاصة بالإمامة العظمى والولاية العامة لدار الإسلام وأمته وهي الولاية التي اشترط جمهور الفقهاء «الذكورة » فيمن يليها، ولا حديث للفقه المعاصر عن ولاية المرأة لهذه الإمامة العظمى، لأن هذه الولاية قد غابت عن متناول الرجال، فضلًا عن النساء، منذ سقوط الخلافة العثمانية [ 1342 هجرية 1924م ] وحتى الآن!.

وقالت: «ونحن نزيل هذه الشبهة عن ولاية المرأة للعمل العام، وهو تغير مفهوم الولاية العامة فى عصرنا الحديث، وذلك بانتقاله من «سلطان الفرد» إلى «سلطان المؤسسة»، والتي يشترك فيها جمع من ذوي السلطان والاختصاص.. لقد تحوّل القضاء من قضاء الفرد إلى قضاء مؤسسي، يشترك فى الحكم فيه عدد من القضاة.. فإذا شاركت المرأة فى هيئة المحكمة».

واستكملت : «فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة للقضاء، بالمعنى الذي كان وارداً في فقه القدماء، لأن الولاية هنا الآن لمؤسسة وجمع، وليست لفرد من الأفراد، رجلاً كان أو امرأة، بل لقد أصبحت مؤسسة التشريع والتقنين مشاركة فى ولاية القضاء، بتشريعها القوانين التى ينفذها القضاة.. فلم يعد قاضى اليوم ذلك الذي يجتهد في استنباط الحكم واستخلاص القانون، وإنما أصبح «المنفذ» للقانون الذي صاغته وقننته مؤسسة، تمثل الاجتهاد الجماعي والمؤسسي لا الفردي في صياغة القانون، وكذلك الحال مع تحول التشريع والتقنين من اجتهاد الفرد إلى اجتهاد مؤسسات الصياغة والتشريع والتقنين».

وتابعت : «فإذا شاركت المرأة في هذه المؤسسات، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لسلطة التشريع بالمعنى التاريخي والقديم لولاية التشريع.. وتحولت سلطات صنع «القرارات التنفيذية» في النظم الشورية والديمقراطية عن سلطة الفرد إلى سلطان المؤسسات المشاركة فى الإعداد لصناعة القرار.. فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لهذه السلطات والولايات ، بالمعنى الذى كان فى ذهن الفقهاء الذين عرضوا لهذه القضية فى ظل «فردية» الولايات، وقبل تعقد النظم الحديثة والمعاصرة، وتميزها بالمؤسسية والمؤسسات.
الإفتاء: النبي حَرَّم الاعتداء على المال العام وجعل صيانته من النهب مسؤولية الجميع