هل شخصية نجيب محفوظ تصلح لعمل درامي ؟

 نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

- مؤلف العمل: سنعلن تفاصيله قريبًا.. ونقاد: سيرته لا تصلح بأن تكون مسلسلاً

- منع «أولاد حارتنا» ومحاولة اغتياله وحصوله على نوبل.. نقاط درامية وحيدة


أباطرة الدراما يؤكدون أن بعض الشخصيات فقط هي من تصلح لأن تتحول سيرة حياتهم إلى عمل درامي، سواء سينمائي أو تليفزيوني أو حتى مسرحي، الأمر يبدو مختلفًا مع الأدباء، فالأدباء هم من يصنعون الدراما وهم من يصنعون الخيال، ولكن القلة فقط من يصنعون ذلك كله عبر سيرة تصلح لأن تكون عملاً، طه حسين مثلاً، ذلك الطفل الضرير الذي حوّل إعاقته إلى نجاح باهر في الأدب والفكر، سيرة العميد كانت صالحة لأن تتحول إلى رواية في البداية، ثم إلى أعمال سينمائية وتليفزيونية.


كذلك توفيق الحكيم، ذلك العصفور ضئيل الحجم الذي خرج من مصر، ليصطدم بالحضارة الأوروبية، فيعود ومعه روح جديدة، يعود ومعه قصة حب رائعة تصلح لأن تكون عملاً إبداعياً، كتب الحكيم سيرته فتحولت فيما بعد لأعمال إبداعية مرئية ومسموعة.

 

وما الأمر في حالة نجيب محفوظ؟

تشير الأخبار إلى أن هناك نية لتحويل سيرة حياة نجيب محفوظ إلى عمل درامي يعرض في رمضان المقبل، وأن أحمد حلمي هو أبرز المرشحين له، إلى هنا الأمر عادي، ولكن هل تصلح شخصية نجيب محفوظ إلى أن تكون عملاً دراميًا؟
في البداية لابد أن نجيب على سؤال ما الفارق بين طه حسين والحكيم الذين تحولت سيرة حياتهما إلى أفلام ومسلسلات، وبين نجيب محفوظ الذي رحل منذ سنوات عديدة ولم يجرؤ أحد أن يمس هذه السيرة في عمل إبداعي؟


الإجابة بسيطة نسبياً، وهي أن العميد والحكيم كتبوا سيرتهما في حياتهما، طه حسين كتب «الأيام»، وتوفيق الحكيم كتب «عصفور من الشرق»، وتحولت تلك الكتابات إلى وسيط آخر وهي الوسيط المرئي، وأحياناً مسموع، وهذا الأمر لم يتوفر لنجيب محفوظ، فمحفوظ لم يكتب سيرته بيده، بل نقلها عنه بعض الكتاب في كتب مختلفة، بداية من الراحل رجاء النقاش، وصولاً إلى محمد شعير.


السؤال الذي يجب أن نقف عنده، ويقف عنده الذين قرروا تحويل سيرة أديب نوبل إلى مسلسل تليفزيوني، وهو هل شخصية نجيب محفوظ وحياته تصلحان للتقديم في عمل إبداعي؟


يجيب عن هذا الأمر الناقد أشرف الصباغ بالقول «لا شخصية نجيب محفوظ ولا سيرة حياته تصلحان لعمل فيلم روائي طويل عنه. إذا تم عمل أي فيلم عن حياة نجيب محفوظ فسوف يتضمن الكثير من الأكاذيب والمبالغات والتلفيق لإضفاء طابع ما تراجيدي أو درامي على حياته وشخصيته، وسيكون فيلماً ركيكاً وخالٍ تماماً من أي معايير مثل أفلام كثيرة فقيرة وضحلة من هذا النوع قام بها تجار ومقاولون».


ويضيف «نجيب محفوظ ليس شخصية تراجيدية، ولا توجد في حياته لحظات أو مواقف درامية تكفي لصناعة فيلم عنه، الحيرة بين الأدب والفلسفة والبدايات الفرعونية للكاتب وعمله في الأوقاف أو الرقابة أو الأرشيف أو الصحافة أو خفة ظله أو جلوسه على المقهى، لا يمكن أن تمنحنا مشاهد درامية وصوراً وأبعاداً سينمائية لشخصية درامية،  لا يوجد في حياة أديبنا وكاتبنا العظيم إلا بعض المشاهد والمواقف الدرامية البسيطة للغاية (اللغط الذي دار حول رواية «أولاد حارتنا» ومنعها، وبعض الدسائس التي وجهت لنجيب محفوظ والتي لو كانت لها نتائج مأساوية مثلًا لساهمت في صنع شخصيته التراجيدية، وحصوله على جائزة نوبل، وتعرضه للطعن على يد الإرهاب والإرهابيين في مصر، وتوجهات بناته التي سارت في اتجاه آخر بعيداً عن مقاصده هو). للأسف هذه اللحظات والمشاهد لا تصنع شخصية تراجيدية أو درامية أو فيلماً سينمائياً».


ويؤكد الصباغ «أن مشهد رواية (أولاد حارتنا) ومنعها لا يكفي لصنع حلقة في مسلسل أصلاً، وهو مشهد لم يمتد حتى النهاية ويتصل بمشاهد تراجيدية أخرى مبنية عليه وناتجة عنه... حتى المشاهد التراجيدية المذكورة هنا في البوست لم تكتمل ولم تسفر عن نتائج تراجيدية واضحة ومحددة وتداعيات وموجات درامية (تراجيدية)»، مختتماً حديثه قائلاً «أعتقد أن نجيب محفوظ لا يحتمل ضربة أخرى وجريمة أخرى بتحويله هو شخصيًا إلى مسلسل أو إلى فيلم سينمائي، بعد أن عبث البعض في رواياته وقدمها بشكل هزيل إلى السينما والتليفزيون».


من جانبه، أكد السيناريست عبد الرحيم كمال، مؤلف العمل أن تفاصيل هذا المشروع الفني سوف تعلن في الوقت المحدد، نافياً كل ما يتردد على منصات التواصل الاجتماعي بشأن هذا العمل، مؤكداً أنها مجرد اجتهادات تمثل وجهة نظر أصحابها فقط.


أما هدى، ابنة الأديب الراحل نجيب محفوظ، فقد أكدت أنها وقعت عقداً مع الكاتب عبد الرحيم كمال، لحجز رواية والدها «أصداء السيرة الذاتية»، قبل شهرين تقريباً، بشأن تحويلها لعملٍ فني.


وقالت «التقيت أنا وشقيقتي، بالفنان أحمد حلمي وعبد الرحيم كمال، قبل 6 أعوام تقريباً، وعرضا علينا فكرة تقديم شخصية والدي في عمل فني، إلا أن التواصل توقف بعدها وحتى أسابيع قليلة».


وكشفت عن موقفها من الصورة المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، المُتعلقة بالبوستر الدعائي للعمل، قائلة «ليست بالضرورة أنّ كل من يُجسد شخصية يُشبهها بالضبط ، الأهم هو الأداء الذي يُقنع الجمهور»، مؤكدة أنّ أسرة نجيب محفوظ لم تعترض على تجسيد أحمد حلمي لشخصية والدها.


وتابعت: «من المفترض أن تجمعني جلسات عمل مع فريق العمل، بشأن الاتفاق على طريقة تقديم الشخصية وباقي التفاصيل الأخرى»، مؤكدة أنه لم يُشغلها خروج المشروع في شكل فيلم أو مسلسل، بقدر ظهوره على مستوى احترافي يليق بقيمة ومكانة نجيب محفوظ.

محمد الشماع
 

 

اقرأ أيضا : نادي سينما المرأة يحتفل بالذكرى الـ١٠٩ لميلاد نجيب محفوظ