يوميات الأخبار

مفاوضات السد الإثيوبى إلى أين؟

صالح الصالحى
صالح الصالحى

المصريون لا يقلقون فلديهم قيادة سياسية واعية وحكيمة، تعلم متى تطل على شعبها لتطمئنه.. سنصل حتماً لنتيجة فى ملف السد الإثيوبي

سبع جولات من المفاوضات على مدار أكثر من عقد من الزمان، مفاوضات ضمت الأطراف الثلاثة للسد الاثيوبي.. ولا يخفى على أحد أنها باءت جميعها بالفشل.. الجانب المصرى يجلس على مائدة المفاوضات وطلبه محدد منذ اليوم الأول.. الموقف المصرى وصفه الرئيس السيسى "بأننا جلسنا على مائدة المفاوضات بحسن نية"..

أما الجانب السودانى فمؤخرا بدأ يتحدث عن أمنه المائى القومي، وهذا التغير فى الموقف السودانى جاء بعد رحيل الرئيس البشير، الذى ساهم بشكل أساسى فى تعنت الجانب الاثيوبى منذ بداية المفاوضات حيث كانت تقف مصر وحدها فى مواجهة هذا التعنت.. مصر تطالب باتفاق ملزم لجميع الأطراف فى جدول ملء السد حتى لا تتأثر القاهرة.. والآن تتحدث السودان عن تهديد ملء السد لسد الروصيرص  السوداني.. وتطالب باتفاق يلزم اثيوبيا بتقديم معلومات عن كميات المياه المتدفقة من السد الاثيوبي.. وعلى الرغم من تمسك اثيوبيا برعاية الاتحاد الافريقى للمفاوضات. وهذا ما حدث بالفعل حيث حضر المفاوضات الأخيرة مراقبان من الاتحادين  الأفريقى والأوروبى إلا أنها باءت بالفشل أيضا..

انسحبت السودان من المفاوضات.. وتوترت العلاقات الاثيوبية − السودانية بسبب مشاكل على الحدود وصلت لتدخلات عسكرية.. ومع ذلك تستمر الخرطوم فى جولات المفاوضات دون توقف ومعها مصر بالطبع.. والجانب الاثيوبى يحمل الطرفين المصرى والسودانى مسئولية فشل المفاوضات وتعلن اثيوبيا انها قاربت على الانتهاء من بناء السد وانها لا تعبأ بأية نتائج أو حتى صدام محتمل.. ووسط هذا الجو المشحون بجولات فاشلة.. يتساءل البعض هل يستمر الأمر فى تفاوض يعقبه تفاوض؟ ويخرج خطاب رسمي من وزارة الخارجية المصرية يؤكد أنه من غير الممكن أن نستمر فى تفاوض أبدي.. وأن القاهرة متمسكة بحقوقها المائية وأن يتم ذلك فى اتفاق قانونى ملزم لجميع الأطراف.. وتعود اثيوبيا وتراوغ.. الأمر أصبح واضحا للجميع من النية الصادقة لمصر فى مفاوضات سد أوشك على الانتهاء يضر بملايين المواطنين فى مصر والسودان واذا أصبح خطاب السودان اجرأ وأقوى من ذى قبل.. أصبح متسقاً مع مصر فى طلب رعاية الأمم المتحدة للمفاوضات لأن نهر النيل عصب الحياة فى الدول التى يعبرها.. ومازالت القاهرة تتمسك بالطرق السلمية واتخاذ المفاوضات الملزمة سبيلا.

ونجحت فى تدويل قضية السد تحت مظلة الأمم المتحدة.. وترغب فى الاستمرار فى التفاوض شريطة توافر الآليات ووضع أجندة حقيقية.. وهذا ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر مستمرة فى المفاوضات بالصبر والثبات.. وطمأن المصريين بأننا مستمرون فى التفاوض الذى يتطلب المزيد من الوقت والاجراءات.. الآن ملف السد تحت مظلة الكونغو الديمقراطىة وكان بالأمس القريب تحت مظلة جنوب أفريقيا فى وقت أعلنت أثيوبيا عزمها الملء الثانى فى يونيو المقبل مما يشكل خطورة إذا لم يتم التوصل إلى حل يرضى جميع الأطراف.. فى تصورى أن الدولة المصرية تحاول تفادى الصراع قدر المستطاع.. وذلك رغم استفزازات الجانب الاثيوبى بتأكيده تخزين ١٣٫٥ مليار متر مكعب مياه.. وأن هذا الرقم يهدد السودان ومصر بشكل قاطع إلا أن مصر مازالت تعول على التفاوض للوصول إلى حل يحفظ حقوق مصر المائية.. ولا تزال القاهرة تتحدث بهدوء وحكمة فمصر ليست دولة معتدية.. والواضح انها تنتظر قرارا يساعدها أمام مجلس الأمن صاحب الاختصاص منذ شكوى القاهرة فى 2018.. المصريون لا يقلقون فلديهم قيادة سياسية واعية وحكيمة.. تعلم متى تطل على شعبها لتطمئنه وهو ما حدث بالأمس.. حينما وجه الرئيس رسائل طمأنة للمصريين بأن البلاد ستصل إلى نتيجة بالتفاوض والصبر، وثبات المصريين وعدم قلقهم سوف نصل لحل بالتفاوض وطول البال.

الإعلام والانفجار السكانى

منذ اكثر من 3 سنوات حضر الرئيس عبدالفتاح السيسى احتفالية الانتهاء من التعداد السكانى ببلوغ المصريين 104 ملايين نسمة.. فى هذا اليوم شدد الرئيس على خطورة الزيادة السكانية.. وألقى الضوء على عدد من المشكلات كان أهمها الزواج المبكر، وتدهور منظومة الإسكان وأكد الدور المهم للإعلام فى التصدى لهذه المشكلات.. والآن يعاود الرئيس الحديث فى نفس القضية بعدما أصبحت الزيادة السكانية تلتهم كل عوائد التنمية.. الاهتمام بالقضية السكانية لن يكون اهتماما هامشيا.. والتى أصبحت مسألة حياة أو موت.. الدولة تفعل ما فى وسعها فى التوسع خارج الوادى والدلتا ببناء مدن جديدة وتفريغ العاصمة من الكثافات السكانية وانشاء عواصم ذكية فى مدينة العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة.. وفى نفس الوقت تداوى القبح الذى نشأ نتيجة التوسع العشوائى غير المنظم.. هذا التوسع المرتبط بالزيادة السكانية والذى ألتهم الأرض الزراعية وشوه المدن فأصبحت كيانات سرطانية تنذر كل يوم بكارثة.

صحيح الدولة تعمل جاهدة لمعالجة مشكلات مزمنة فى صورة تقنين أوضاع لمخالفات البناء بعد وقفة لاعادة تنظيمه فلا يمر يوم إلا وتحدث كارثة.. واعترفت الدولة نفسها بالترهل الإدارى فى المحليات.. ولكن ذلك لا يعفى المواطنين من المسئولية.. وتحاول الدولة ان تقف فى وجه القبح المعمارى لتعيد للمدن والقرى بهاءها فى صورة استراتيجية للريف والحضر.. ولكن التوسع العشوائى الذى يدل بشكل كبير على الزيادة السكانية المطردة التى نعانى منها على مدار عقود تقف حائلا اذا استمرت على هذا الحال.. الدولة اعترفت بفشلها فى مواجهة هذه الزيادة.. والحقيقة تؤكد ان الدولة لا تستطيع ان تصدر قانونا مثلما يحدث فى دول أخرى يجرم الانجاب أو يقيده.. إلا انها واجهت وحاولت بطرق عديدة.

الحقيقة ان الزيادة السكانية مشكلة مجتمعية تحتاج لتكاتف الجهود من الدولة والمجتمع المدنى والاعلام، الذى يعد جزءا أساسىا فى الحل والتوعية.. البعض يقول إن حملات تنظيم الأسرة فى الثمانينيات وأوائل التسعينيات باءت بالفشل.. وآخرون يؤكدون أن معدل الزيادة ارتفع  بعدما توقفت هذه الحملات.. فأصبحت الزيادة بعد ما كانت من ١٫٥٪ إلى 2٪ تصل الآن لأكثر من ٢٫٦٪ وهذا رقم هائل لابد من التوقف أمامه.. الدولة وضعت استراتيجية لتخفيض الزيادة السكانية بحلول عام 2030.. والواقع يؤكد أن الذى التزم بانجاب طفلين هم المتعلمون.. وهذا ما أكدته الدراسات باعتبار انه الوجه الأمثل للزيادة السكانية.. وان من خرج من منظومة تنظيم الأسرة غير المتعلمين والمهمشون.. اذن علينا أن نراجع الرسائل الإعلامية المقدمة.. فإذا ما اعتمدنا على الوسائل الجماهيرية فى توصيل الرسالة الاعلامية نجد أن الشخص المستهدف لا تصل إليه هذه الرسالة بالشكل المرجو.. بدليل عدم تحقيق الهدف المنشود.. وهذا يرجع لعيب فى هذه الرسالة حيث يشعر المواطن العادى أو غير المستجيب انها أوامر الدولة لان الرسالة افتقرت للشرح والتوضيح.. وربما ذهبت الرسالة إلى الجانب الدينى بعدم تحريم تنظيم الأسرة.. ولكن الواضح ان الاعلام لم يقم بدوره على الوجه الأكمل.. فتجد ندرة فى المواد الدرامية التى تعالج القضية السكانية.. وان وجدت تكون فى الغالب غير جذابة.. يجب أن تتبنى الوسائل الإعلامية رسائل لمواجهة الانفجار السكانى تعتمد على هذا المصطلح للتعبير عن هول الأزمة التى أصبحت تهدد العوائد التنموية وعوائد المشروعات القومية لانخفاض نصيب الفرد منها، ناهيك عن مشكلات التعليم والصحة والبطالة.

للإعلام دور تنموى لا ينفصل عن دور الدولة فهو مرآة المجتمع واذا كان عليه دورا فى كشف الحقائق والمشكلات.. فعليه دور تنويرى فى شرح المشكلات بشكل مبسط ورفع درجة الوعى بحجم القضية.. وعليه أيضا مسئولية مجتمعية لتحفيز المواطنين للانخراط فى تحقيق أهداف الدولة والتى تعود عليه بالخير والرقى والتقدم.. ومن هنا يشعر المواطن أن الإعلام يعبر عنه وعن مشكلاته وهمومه ويصبح على استعداد لتحمل اعباء وفاتورة التنمية باعتباره شريكا فى حل هذه المشكلات.

على الرغم ان المشكلة السكانية أمر بالغ الخطورة إلا أن الاهتمام بها مهمش.. فنحن نهتم بأعراضها فى صورة مشكلات ناجمة عنها تتمثل فى ارتفاع الأسعار وتدنى الرعاية الصحية والتعليم والبطالة ولا نهتم بالمرض نفسه.

ومن هنا تأتى أهمية الاعلام فى علاج المرض والقضاء عليه.. باعتبار أن هذه الحملات واجب وطنى وانها تحتاج لأفكار جديدة حتى تخرج فى قالب جذاب لتحقق النتائج المرجوة.. وأن تصل للفئات المستهدفة التى مازالت خارج منظومة تنظيم الأسرة.

الأهلى.. الأهلى

كنت أتمنى أن أكتب عن لقاء الأهلى وفريق بايرن ميونخ الألمانى بطل أوروبا عقب انتهاء المباراة بغض النظر عن النتيجة.. وتمنيت أن يحقق الأهلى مباراة مشرفة تليق ببطل أفريقيا.. وعلى الرغم أن حلم فوز الأهلى على البايرن بعيد المنال وصل لدى بعض اليائسين إلى أن حتى الدعاء لا يشفع فى هذا اللقاء، واعتبروا أن فريق البايرن لا يقهر!!

لكن ممكن أن يقهر على يد الفقير لله الأهلى بإذن الله.

فى رأيى أن وجود الأهلى فى بطولة كأس العالم للأندية ووصوله للدور قبل النهائى أمر مشرف.. مشرف لفريق القرن الذى احترم جماهيره فى بطولات محلية ودولية فكان جديرا بالوصول لهذه المكانة.. مجرد اشتراك الأهلى وتواجده فى هذه البطولة انما يعبر عن نجاح هذا الفريق وإدارته التى طالما احترمت الجماهير والتى فى تصورى تعدت الملايين المصرية بملايين أخرى عربية، فكنت دائما ما أجد مشجعين للأهلى والزمالك فى دول عربية حتى انهم كانوا حريصين على مناقشة أحوال الفريقين اللذين بلغا من الشهرة ما تخطى الحدود المصرية.. فريق الأهلى استطاع أن يقدم صورة مشرفة لكل الأندية على مدار عقود طويلة، وأصبح مثلا أعلى فى الإدارة والاحترام مما أكسبه حب ملايين المصريين حتى وان شجعوا فرقا أخري.. فكثيرا ما تمنى المشجعون للفرق الأخرى أن تكون إدارة أنديتهم على مستوى الإدارة الأهلاوية واحترافيتها. لا انكر تحيزى ولا تشجيعى للنادى الاهلي.. وانه اذا كانت الجريدة ماثلة للطبع ولا أستطيع أن أكتب عن المباراة فكلى فخر أن فريقى الذى اعتز به على مدار أكثر من خمسين عاما يقف اليوم فى بطولة عالمية مشرفا لنا جميعا بإذن الله.. فتحية للاعبين والجهاز الفنى والإدارة وللجمهور الذى عليه ان يفخر بفريقه وأن يستقبله استقبالا يليق بهم مهما كانت النتيجة.

إن الله على كل شيء قدير..