في ذكرى ميلاده.. «عبد الرحمن الرافعي» و«الجبرتي» في موعد مع القدر

الرافعي
الرافعي

ولد في مثل هذا اليوم،عبد الرحمن الرافعي، وهو مؤرخ ومحام مِصري شهير، انصب اهتمامه على تاريخ الحركة القومية المصرية منذ القرن الثامن وحتى منتصفِ القرن التاسع عشر.

شاهد أيضا : مقتنيات 19 شخصية من رواد الحركة المسرحية المصرية في متحف المركز القومي للمسرح

بين وفاة «الجبرتي» وميلاد «الرافعي» 67 سنة، وكأنه كان على موعده مع قدره، ليكمل ما بدأة المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي الذي انتهى عند الحملة الفرنسية التي بدأ منها «الرافعي» سلسلة مؤلفاته التاريخية المفعمة بالحيوية والعاطفة الوطنية الجياشة، وقدمت كتاباته اسهامات مهمة حول تطور الحركة القومية في تاريخ مصر الحديث.

يتفق كثير من المؤرخين على أن «الرافعي» استطاع أن يجمع مادة معرفية أتيحت له في زمنه وفي ظروفه، وهو الأمر الذي استفاد منه علم التاريخ المنهجي في مصر والعالم العربي، وإن صنفه البعض مؤرخاً أخلاقياً ووطنياً، وتؤكد كل كتاباته التاريخية أنه قدم التاريخ باعتباره وسيلة تربوية وطنية رئيسية لتنمية مشاعر الوحدة والانتماء الوطني.

ولعل التزام «الرافعي» بقضية الحزب الوطني جعل أوساط الأكاديميين يوجهون النقد إلى بعض كتاباته إلى الدرجة التي كان يشار إليه على أنه هاو من الدرجة الأولى وأنه مؤرخ سياسي حزبي، ولعل هذا الانتقاد يصدر عن تصوير «الرافعي» المنحاز لدور الحزب الوطني في الحركة المصرية الوطنية إضافة الى خصومته مع الزعيم سعد زغلول والوفد عموماً، وعلى الرغم من هذا النقد فإن «الرافعي» قد احتل مكانة مركزية بعين أعمدة المدرسة الوطنية لعلم التاريخ.

مقام «الرافعي» في الثقافة التاريخية معترف به من قبل عدد من المؤرخين الأكاديميين المعاصرين له، أولهم المؤرخ الأكاديمي الحاصل على أعلى الشهادات في التخصص من «السوربون» وهو الدكتور «محمد صبري السوربوني» الذي حين سُئل في حوار مع مجلة الكاتب المصرية (نشر سنة 1961) عن اسم المؤرخ الذي فعل ما بوسعه لنشر المعرفة التاريخية وضع «الرافعي» على رأس قائمة من أربعة مؤرخين مصريين قاموا بهذه المهمة على أكمل وجه.

ومن ناحيته دافع المؤرخ الدكتور «محمد شفيق غربال»، عن « الرافعي» ضد اتهامات البعض له بأنه لا يقوم إلا بتسجيل الأحداث التاريخية ويعجز عن تحليلها، مشيرا إلى أن المؤرخين الأكاديميين اعتمدوا على أعمال «الرافعي» بشكل جوهري في الكتابة عن فترة ما بعد ثورة 1919، وهذا لا ينفي أنهم لم يقتنعوا بالأهمية الكبرى التي أضفاها «الرافعي» على الحزب الوطني لأنهم كانوا منحازين بدورهم لحزب الوفد الذي ناصبه الرافعى العداء في كتاباته، ورغم ذلك فقد اهتم هؤلاء الأكاديميون بإنجاز «الرافعي» الأساسي بشأن الدور الجماهيري في الحركة الوطنية، ولذلك ظلت أعماله مرجعاً مهماً ونقطة انطلاق لأي مدارسة عن الحقبة المعاصرة.

ظلت مؤلفات «الرافعي» التاريخية، وما تزال إلى يومنا هذا، ذائعة الصيت من أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، ويرى «جورمان» أن السبب الذي جعل من كتابات «الرافعي» شيئاً ثميناً يرجع إلى أن الحركة القومية كانت هي الموضوع الأساسي الذي تناوله «الرافعي» في سلسلة مؤلفاته التاريخية فجاءت متفردة بين الكتابات الحديثة وذلك لتغطيتها للتاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي.