ازدواجية المعايير.. على هامش أحداث الكونجرس الأمريكى وشغب هولندا

عبد العزيز الشناوي
عبد العزيز الشناوي

 

بقلم : عبد العزيز الشناوي

السلطات الهولندية تصف أعمال الشغب خلال الاحتجاجات على قيود كورونا بأنه "عنف إجرامي"!

 

كان هذا عنوان خبر يتحدث عن تنديد السلطات الهولندية بأعمال الشغب التى وقعت فى أنحاء البلاد مطلع الأسبوع والتى هاجم خلالها متظاهرون الشرطة وأضرموا النيران احتجاجاً على فرض حظر تجول ليلى لكبح انتشار فيروس كورونا. ووصف رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، تلك الأحداث بأنها "عنف إجرامي". 

وقال للصحفيين: "هذا ليس له أى علاقة بالاحتجاج.. هذا عنف إجرامى وسنتعامل معه على هذا الأساس"، وأعلنت الشرطة الهولندية اعتقال المئات من مثيرى الشغب الذين رشقوا الشرطة بالحجارة وأحرقوا موقعاً لإجراء فحوص كوفيد− 19 (وفق البيانات الرسمية). 

سبق ذلك بأسابيع قليلة، تنديد العالم أجمع باقتحام بعض مؤيدى الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، لمبنى الكونجرس الأمريكي، وانتفضت جميع السلطات الأمريكية السياسية والأمنية والتشريعية، ضد هذا الحدث، وتم وصفه بأشد العبارات وصلت إلى "الإرهاب المحلي"، وجارٍ الآن الإعداد لمحاكمة ترامب بتهمة تحريضه على الانقلاب بسبب دعوته لأنصاره للذهاب والتظاهر عند الكونجرس!

الشاهد مما سبق، أن تلك البلاد، لا تحتمل حدوث شغب على أرضها، أو احتجاجات يتخللها عنف وحمل سلاح.. نفس تلك الدول، وما تمثله من منظمات ومؤسسات دولية، أوروبية وأمريكية وعالمية، هى من هاجمت الدولة المصرية التى استخدمت القانون تجاه تجمع رابعة المسلح فى ٢٠١٣ رغم مرور قُرابة شهر ونصف على التجمع غير الشرعى ووجود مسلحين وأسلحة تظهر يوميا على الشاشات وصفحات التواصل الاجتماعي، بل ودعوات يومية للعنف تجاه الدولة من فوق منصة التجمع المسلح تتناقلها وسائل الإعلام حول العالم.. تلك الدول رفضت فض تجمع رابعة غير الشرعى، واعتبرته اعتداء على حرية التعبير، وهى التى لم تتحمل مظاهر اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكي! إنها حقاً شيزوفرينيا مقيتة!.. تلك الدول التى غضت الطرف عن مئات العمليات الإرهابية والتخريبية التى تعرضت لها مصر منذ يوم الثالث من يوليو ٢٠١٣ وحتى فض التجمع غير الشرعى فى ١٤ أغسطس وفى الأيام التى تلت ذلك الفض، وراح ضحيتها العشرات من رجال الشرطة والجيش والمدنيين المصريين، وسط اعترافات إعلامية واضحة عن مسئولية جماعة الإخوان وقياداتها عن ذلك، وتم تخريب وتفجير عشرات الكنائس والمقرات الأمنية والعسكرية والحكومية .. وها هو العالم يرفض مجرد اقتحام لمبنى الكونجرس الأمريكى أو موقع لفحوصات كورونا فى هولندا .. إنها ازدواجية المعايير العالمية!!!

نحن نرفض العنف، أياً كان مصدره وأياً كان الطرف الذى يتعرض له، ولا نميز بين ضحية وأخرى او مجرم وآخر. ولكننا أيضاً لا نقبل اقتحام الصهاينة لساحات الأقصى المحتل، الذى يغض العالم عنه الطرف يوميا ولا يرفضونه أو يطالبون بمحاكمة مرتكبيه أو يصفونه بالإرهاب!.. إن المبادئ والمعايير العالمية لابد أن تكون ثابتة لا تتجزأ، ولا تقبل سياسة المكيالين.. حمل السلاح ضد الدولة يسمى إرهابا، أياً كانت الدولة، وأياً كان حامل السلاح أو دينه أو هدفه.