«شومان» ردًا على «عصفور» : الأزهر أكبر داعم للمواطنة ويرفض التمييز

 الدكتورعباس شومان وكيل الأزهر الأسبق
الدكتورعباس شومان وكيل الأزهر الأسبق

واصل الدكتورعباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، رده على إدعاءات الدكتور جابر عصفور، حول الأزهر وصلاحياته.

وقال الدكتور شومان: «بيَّنت في المقال السابق أنَّ الأزهر لا يرى أنَّ المادة الثانية من الدستور تعطي المسلمين أولوية على غيرهم كما إدعى الدكتور عصفور، وأنَّ الأزهر أكبر داعم للمواطنة التي تسوِّي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ويرفض التمييز بين النَّاس على أساس الدين أو العرق أو اللون أو الأكثرية، وهنا ننتقل إلى جزء آخر من حديث الدكتور عصفور، حيث حصر دور الأزهر في الإشراف على التعليم الديني، ثم انتقد هذا النوع من التعليم لأنه ليس مدنيا، وأنه يجب أن تشرف عليه لجنة هو أحد أعضائها!!».

وأضاف: «فأقول: الأزهر مؤسسة تعليميَّة دعويَّة في دولة مدنيَّة، وهو يرفض مصطلح الدولة الدينية، والجماعات الدينية ...الخ، حمله الدستور مهام محليَّة، وأخرى عالميَّة، وقد أكَّد الأزهر على هذا المعنى في عدة مؤتمرات  منها : مؤتمره عن التجديد في الفكر الديني الذي عقده في 27 - 28 يناير 2020م، حيث جاء في توصياته : «الدولة في الإسلام هي: الدولة الوطنيَّة الديمقراطيَّة الدستوريَّة الحديثة، والأزهر - ممثلًا في علماء المسلمين اليوم- يقرِّر أنَّ الإسلام لا يعرف ما يسمى بالدولةِ الدينيَّة ...».

وذكر أنه فيما يخص اختصاص الأزهر فليس الدكتور عصفور هو من يحدد دور المؤسسات، وإنَّما الدستور الذي ارتضاه الشعب، إلا إذا كان يرى نفسه فوق الشعب ودستوره، وقد حدّد الدستور في مادته السابعة دور الأزهر ونصها: «الأزهر الشريف هيئة إسلاميَّة علميَّة مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسيّ في العلوم الدينيَّة واللغة العربيَّة في مصر والعالم....»، فإن كان يعترف بالدستور فهو ينفي ما قال، وإن كان لا يروق له الدستور فمن حقِّه أن يفهم دور الأزهر كما يحلو له، ولكن ليس من حقِّه  أن يفرض فهمه على الناس.

أمَّا عن التعليم في الأزهر، فقال إنه ليس تعليما دينيَّا بحتًا كما ذكر الدكتور عصفور، بل هو تعليم يجمع بين تعليم العلوم الدينيَّة والمدنيَّة، ففي التعليم قبل الجامعي يدرس الطلاب ما يدرسه أقرانهم في التعليم العام كاملًا، بالإضافة إلى مواد يعرفون منها كيفيَّة العبادة والمعاملة الصحيحة في المجالات المختلفة في ضوء أحكام دينهم وشريعته، وفي المرحلة الجامعيَّة توجد كليَّات مناظرة لكليَّات الجامعات الأخرى، كـ«الطب والهندسة والصيدلة، والأسنان، والعلوم، والتجارة، والزراعة».. جنبًا إلى جنب مع الكليّات العربيّة والشرعيّة التي تلبي متطلبات قيام الأزهر بدوره  في نشر وتعليم اللغة العربيَّة والعلوم الإسلاميَّة، وإعداد الكوادر القادرة على القيام بمتطلبات الشأن الإسلاميّ في مصر وخارجها كما هو نص الدستور، تلبية لرغبة العالم الإسلامي الذي اختار الأزهر قبلة للعلم ومرجعيَّة إسلاميَّة خلال قرون كثيرة مضت، بل وكثير من دول العالم غير المسلمة التي بها مسلمون، يفد أبناؤهم مع أبناء الدول الإسلاميَّة وإنما جمع الأزهر بين العلوم المدنية والدينية، حتى يجمع من تخرج فيه بين علوم الدين والدنيا معًا».

واستكمل: «ثم على فرض أنَّ التعليم الأزهري تعليم ديني فما العيب في وجود هذا النوع من التعليم، وهل تفرد الأزهر أو حتى المؤسسات الإسلاميَّة في عالمنا الإسلاميّ به؟، ألا يوجد تعليم ديني لغير المسلمين في دول العالم المختلفة ومنها مصرنا ؟».

وعلق الدكتور شومان، قائلا: «إنَّ التعليم الديني على فرض التسليم بأنَّ التعليم الأزهري يقتصر عليه لا يعدو أن يكون نوعًا من أنواع التعليم المتخصص كالتعليم العسكريّ والشرطيّ.. فهل يرفض الدكتور عصفور هذه الأنواع من التعليم، وهل يرى وجوب خضوعها للجنة يكون هو من بين أعضائها؟!».

وأضاف أن الإدعاء بأنَّ التعليم الأزهري يقصي غير المسلمين عنه وهذا نوع من التفرقة والتمييز، فهو قول لا طائل من خلفه ولا منطق لطرحه أصلًا، فالتعليم الأزهري تعليم فيه جانب كبير من تعليم أمور الدين الذي تتبعه المؤسسة الأزهريَّة وتقوم على شأنه وهو الإسلام، ويعمل على تحفيظ القرآن الكريم لدارسيه، وتدريس العلوم المتعلقة به كـ«العقيدة، والتفسير، والتجويد، والحديث، والفقه»، حتى في الكليَّات الحديثة، فهل يقبل غير المسلم حفظ القرآن الكريم كاملًا، ودراسة العقيدة التي تخالف في كثير من مباحثها ما يدرسه ويعتقده في دينه؟! وهل يقبل إن تخرج في كليَّة شرعيّة أن يعمل واعظًا أو إمامًا يصلي بالمسلمين ويعظهم، أو مدرسا يدرس علوم دين لا يتبعه؟!، وهل يناسب غير المسلمين تعليم حدد القانون 103 لسنة 1961م في المادة 23 اختصاص جامعته في النص التالي: «تختص جامعة الأزهر بكلِّ ما يتعلق بالتعليم العالي في الأزهر، وبالبحوث التي تتصل بهذا التعليم.

وتعمل مؤسسة الأزهر على تزويد العالم الإسلاميّ والوطن العربي بالعلماء العاملين الذين يجمعون إلى الإيمان بالله الثقة بالنفس، وقوة الروح، والتفقه في العقيدة والشريعة، ولغة القرآن...، أو أنَّ الدكتور عصفور لا يعجبه القانون أيضًا كالدستور، فيرى إلغاء هذا القانون الذي حدد اختصاص جامعة الأزهر، فتنسلخ عن تعليم كلِّ ما يتعلق بالدين الإسلاميّ لتكون ملائمة لدراسة غير المسلمين؟! وهل يُعد التعليم التابع للكنائس الذي يستهدف ما يستهدفه التعليم الأزهري في أتباعه من المسيحيين، من التمييز والتهميش للمسلمين؟! وهل يُعدُّ التعليم المتخصص كالعسكري والشرطي مميزا ومهمشا لكثير من أبناء المسلمين والمسيحيين، حيث لا يقبل فاقدي الشروط المناسبة لطبيعة الأعمال التي يكلف بها من يتخرجون فيه؟!.

وقال إنَّ المتابع لحوار الدكتور عصفور لا يفهم هل هو مع التعليم الأزهري أو لا؟، فمرة ينتقده ويصفه بالديني لما يرتب عليه من إزدواجيّة، ويرى أن التعليم يجب أن يكون «مدنيًا – علمانيًا» لا يدرس العقيدة والحاجات دي حسب تعبيره ،ويكون تحت إشراف وزير التعليم، ثم يعود فيقول إنه ليس ضد التعليم الديني، ولكن يجب أن يخضع للجنة إشراف يمكن أن يكون هو أحد أعضائها!، ولست أدري هل انتبه لهذا التناقض في حديثه أو لا؟ وطرح مضطرب كهذا لا طائل منه إلا غرس بذور فتنة لن تنبت بين الأزهر وشركاء الوطن فارتباطهم أقوى بكثير من التأثر بمثل هذه الأقوال التي لا محلَّ لها في الفكر الأزهري أو الكنسي، وللعلم فإنَّ من لجان بيت العائلة المصريَّة المتعددة : لجنة للتعليم يشارك في عضويتها علماء من الأزهر ورجال من الكنائس، تعمل على تنقية المناهج من أي شائبة قد تؤثر سلبًا على اللحمة المجتمعيَّة لشعب مصرنا الواحد، لتحقيق هدف من أهم أهداف بيت العائلة المصريّة في قلب مشيخة الأزهر، تلك التجربة الفريدة التي تسعى العديد من دول العالم لتطبيقها.

وأشار إلى أنه يترتب على هذا الطرح التشكيك في نوع من التعليم المصري أثبت فاعليته داخل مصر وخارجها، ويقبل عليه أبناء المسلمين من كلِّ ربوع الدنيا، وتباهي العديد من دول العالم بأنَّ كثيرًا ممن يقودون عجلة التنمية في بلادهم ممن تخرجوا في الأزهر الشريف، وشغل كثير منهم مناصب عليا بدولهم وصلت إلى قيادة بعض الدول، متسائلًا : أليس هذا دليل على نجاح التعليم الأزهري بنظامه الفريد؟، فلمصلحة من السعي لإفقاد مصر نوعا متميزًا من التعليم، تقتضيه رسالة الأزهر و يدعم جهود الدولة المصرية في علاقاتها بدول العالم؟، لا أعتقد أن الدكتور عصفور يسعى لإحداث فتنة بين الأزهر وشركاء الوطن، ولا لإفقاد الدولة المصريّة قوة ناعمة تحاول بعض الدول سحب بساطها، وللحديث بقية.
 

اقرأ أيضا |فيديو| «شومان»: الأزهر يرسل قافلة المساعدات الثانية لغزة