فوق الشوك

الإيجارات القديمة.. صداع مستمر

شريف رياض
شريف رياض

انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا أخبار وتصريحات حول تصدى مجلس النواب الجديد لتنظيم العلاقة بين ملاك ومستأجرى العقارات القديمة وهى القضية محل الخلاف بين الطرفين منذ التخفيضات على الايجارات التى تمت فى عهد عبدالناصر وما ترتب عليها على مدى ٦٠ عاما من تثبيت الايجارات القديمة عند حدود متدنية أدت الى حرمان الملاك من الاستفادة بأى صورة من عقاراتهم حتى أعمال الصيانة رفضوا القيام بها لتدنى حصيلة الايجار بما لا يكفى للوفاء بتكلفة الصيانة.

لست من الملاك المتضررين من هذا الوضع الغريب لكننى من المهتمين بهذه القضية من منطلق رفض التهرب من مناقشتها وضرورة وضع حلول جذرية لها تحقق مصلحة الطرفين «الملاك والمستأجرين» حتى يمكن اغلاق هذا الملف الذى يسبب صداعا للحكومات المتعاقبة تتهرب منه بتأجيل المناقشة.

وما حفزنى لتناول هذا الموضوع تصريح لوكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب ايهاب منصور نشرته إحدى الصحف الخاصة أكد فيه أن اللجنة قررت تأجيل مناقشة هذه القضية الى الدورة البرلمانية القادمة وهو ما اعتبرته تهربا أيضا من مجلس النواب من مواجهة المشكلة.. بادرت بالاتصال بوكيل اللجنة فإذا به ينفى ما نشرته الصحيفة علي لسانه موضحا انه لا يوجد لدى اللجنة حتى الآن  أي مشروع قانون بهذا الشأن لا من الحكومة ولا من احد النواب حتى يقول ان اللجنة قررت تأجيل مناقشته.. وأضاف ان كل ما حدث بعدما أوضح هذا المعنى لمندوب الجريدة انه سأله «هل يمكن ان تناقش اللجنة هذه القضية فى الدورة القادمة؟ قال له «ممكن»!.

هذا التوضيح يجعلني أؤكد على الزملاء الصحفيين الشبان ضرورة توخى الدقة فى نشر أى تصريحات حتى لاينسبوا للمصادر كلاما لم يقولوه قد يضلل الرأى العام.
على أية حال ليست هذه قضيتنا لكنها ملاحظة عابرة أعود بعدها الى صلب الموضوع وهو ان هذه القضية تناقش على المستويين الحكومى والبرلمانى منذ نحو ١٣ عاما دون الوصول الى قرار حاسم بشأنها رغم ان الظلم الواقع على أصحاب العقارات القديمة بين ولا يحتاج إلى دليل لكن لان المستأجرين هم الأغلبية فإن أى طرح للمشكلة ينتهى بلا نتيجة خوفا من تبعات رفضهم رغم  انه من بين الأفكار المطروحة إنشاء صندوق تكافلى لدعم المستأجرين غير القادرين على سداد الايجار بعد زيادته يمول من حصيلة الضريبة العقارية ومصادر أخرى ويسدد هذا الصندوق الايجار العادل للملاك.. شيء أشبه بما تم مؤخرا من تحمل بعض رجال الأعمال أو المبادرات الاجتماعية تكلفة التصالح فى مخالفات البناء لغير القادرين.

بحثت عن مصدر الاقتراحات المتداولة فوجدته الخبير الاقتصادى د. وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والاحصاء والتشريع والذى أعد هذه المقترحات استنادا الى اللائحة الداخلية لمجلس النواب التى تجيز لأى مواطن تقديم مقترحات للمجلس لتعديل قوانين أو لوائح حيث تعرض أولا على لجنة الاقتراحات ولرئيس المجلس إحالة المقترح المتعلق بموضوعات مهمة للحكومة.. هذا كل ما فى الأمر مقترح مقدم بمبادرة من مواطن ولم يأخذ طريقه بعد للمناقشة جعلت منه الصحف والمواقع الاخبارية مادة للحديث وشغل الرأى العام بينما الحكومة مازالت على صمتها!

وكيل اللجنة ايهاب منصور له تحفظ على أداء الحكومة فى هذا الملف لأنه ــ على حد قوله ــ لو أرادات الحكومة ايجاد حل عادل لهذه المشكلة عليها أولا أن توفر قاعدة بيانات سليمة عن عدد الشقق المؤجرة بلا أجل محدد وعدد الشقق المشغولة فعلا بالسكان وعدد الشقق المغلقة وضرب مثلا بمحاولة طرح هذا الموضوع فى الدورة البرلمانية الماضية من خلال مشروع قانون تقدمت به الحكومة يختص فقط بالعقارات المؤجرة لغير أغراض السكنى كالشركات والمدارس والمحلات لكن المناقشات حوله انتهت الى لاشيء لعدم توافر البيانات الكافية ولم يتخذ مجلس النواب الماضى أى قرار.

إذا توافرت النية الصادقة لانهاء هذه المشكلة والشجاعة الكافية لمواجهتها سيتحقق الحل خلال شهور قليلة.