صرخة زوجة.. ابن عمي دمر حياتي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يقدمها : جودت عيد

وصفته بأنه خجول، صامت، مسالم، لا يتكلم إلا قليلًا، تشعر أن عينيه هي التي تتحكم في تصرفاته، فهو لا يستطيع النظر إليك إلا خلسة، وعندما تترقبه تتوارى مقلتيه بعيدا، وتتخلل الحمرة وجنتيه فيتملكه القلق، ثم يهرب من المكان مرتبكًا.

واختتمت رسالتها، هذا هو زوجي وابن عمي الذي تربيت معه في نفس المنزل، لكن ما اكتشفته بعد ثلاثة أشهر من الزوج.. جعلني أتشكك في شخصيته بل وأحمل سرًّا عنه يتوقف عليه مصير حياتنا معا.

فأنا في حيرة شديدة هل أؤمن بحقيقة السر أم أصمت عليه وأتناساه؟

هذا مضمون لرسالة تلقيتها من زوجة حائرة، نقلت من خلالها مأساتها وحيرتها التى تعيشها منفردة بعد أن اكتشفت سرا عن زوجها، اعتبرته أنه سبب فى معاناتها قبل زواجهما، حيث دونت أسفل الرسالة كلمة "احمل سرا".

ورغم أن الرسالة تحوى مجموعة من السيناريوهات التى يرفضها العقل البشرى إلا إنها ترصد واقعا تكتوى به بيوت مصرية كثيرة، وهو الاعتقاد بالسحر، وخاصة إيمان بعض الفتيات بمس الجن العاشق.

الفتاة بدأت رسالتها، بكلمات محددة، قالت: "هو ابن عمى قبل أن يكون زوجي، لذلك فأنا حريصة على أن اتخذ القرار الصحيح وأن تشاركونى فيه بخبرات أصحاب الرأى ورجال الدين والقانون.. ثم سردت قصتها".

قالت..أنا فتاة ريفية، أدمن منذ صغرى الجلوس أمام المرآة، أتغزل فى نفسي، فأنا بالفعل جميلة، بل لن أبالغ إذا قلت أن جمالى كان مطمعا "للخطبة" لجنى الأموال بإيهام الشباب بقدرتها على إقناعى بالزواج من أحدهم.

وكان الغرور يتملكني، لم اقتنع بمعظم شباب قريتى بدسوق الذين طلبوا الزواج مني، كنت أعتقد أن هناك "نداهة" هى من تتحكم فى مصيري، وكانت دائما تخيل لى أن مستقبلى فى القاهرة، وإننى إذا سافرت إلى هناك سأصبح سيدة أعمال أو فنانة مشهورة.

أما أحلامى فكانت تصطدم بعادات وتقاليد تربينا عليها فى القرية، فأنا لم أكمل تعليمى بعد حصولى على الدبلوم، رغم أن مجموعى رشحنى للالتحاق بكلية التجارة، والسبب أن عمى خشى أن يقودنى جمالى إلى "عشق محرم" مع مدرس أو شاب كما كانت تنتشر قصصهم فى قريتنا.. مرت الأيام والحياة تبتسم لي، كبار العائلات ترسل أبناءها لطلب الزواج بي، حتى اقتنعت بأحد الشباب، بعد أن علمت أنه يعمل بالقاهرة، وأنه سينتقل بعد الزواج للعيش هناك بمجرد أن يرتب أموره.

تزوجت،وعشت شهرًا مع زوجي، وفجأة تغيرت فى تعاملى، أصبحت عصبية، أرفض النوم معه فى حجرة واحدة، وأحذره من الاقتراب منى أو ملامستي. لا أسمع له كلام، وأتشاجر معه بالأيدي، وأطلب منه ليل نهار أن يعطينى حريتى بالطلاق.

كنت دائما أفضل العيش بمفردى فى حجرة مظلمة، وأشاهد كوابيس مرعبة، معظمها كانت داخل المقابر، وبعضها كانت مشاهد مؤلمة لمجموعة من الأشخاص يعذبوننى بالنار.

لا أعلم ماذا حدث لى، كيف أصبحت أكره زوجى بهذه الصورة، حقيقة حاول معى كثيرا، لكنه لم يستطع، حتى قرر الرضوخ لطلبي.. وانفصلنا بعد شهرين من الزواج بالتراضي.

وتضيف الفتاة: عُدت إلى بيت العائلة، وحيدة، لا أتحدث مع أحد، ضعف جسدى وانتشرت الهالات السوداء أسفل عيني، حتى أصبحت أشبه بمدمنى المخدرات، ليقرر والدى عرضى على شيوخ القرية.

كانت النتيجة التى خرج بها معظم مشايخ القرية أن هناك مسًّا هو من حوَّل حياتى إلى الجحيم، لكنهم نصحونى بقراءة القرآن خاصة سورة البقرة والتطهر والصلاة.

مرت الأيام وحالتى تتحسن قليلا، حتى قرر والدى بعد ضغط من والدتى عرضى عليَّ أحد الدجالين والسحرة بإحدى القرى المجاورة، والذى أخبر والدى أن هناك سحرًا لجن يعرف أنه عاشق للفتيات الجميلات، وأن هذا الجنى لن يسمح لى بالزواج من أى شخص، ثم قام بكتابة بعض الكلمات وأدخلها فى كوب مملوء بالماء ووضعها أسفل فراشي.

لم أتوقف عن قراءة القرآن والصلاة حتى تحسنت حالتي، وغادر الجن الذى كان يسكن جسدى حسب اعتقادى.. بعدها أصبحت مستعدة للزواج.

لم أفكر كثيرا عندما تقدم إلى ابن عمي.. وافقت على الفور فأنا أعرف أخلاقه فقد تربينا سويا فى بيت واحد..لتمر الأيام، وأذهب مع جارتى إلى ساحر للبحث عن حل لمشكلتها التى تشبهني، وانتهزت الفرصة وقصصت للساحر حالتى السابقة، لكنه فاجأنى أن الظروف التى مررت بها كان سببها، شاب يعيش معى فى نفس البيت، وأن هذا الشاب كان يحبنى بشدة، وقدم لى الدليل على ذلك، دون أن يكشف لى عن اسمه.

حقيقة، الأمر كان صادمًا بالنسبة لي، فزوجى هو ابن عمى الذى يعيش معنا فى البيت، نحن 3بنات، بجانب أبى وأمي، وابن عمى فقط، وليس هناك أحد غيرهم.

لم أصدق كلام الساحر، حتى قدم لى الدليل، الذى أخجل أن أكشف عنه، من وقتها وأنا فى حيرة من أمرى بعد أن اكتشفت أن زوجى الذى لجأ للسحر، هو سبب تعاستى وفشل زواجى الأول، بل هو من حطم أحلامي..

حقيقة أنا حائرة، لا أعرف هل أواجهه بكلام الساحر وأدلته أم أكتم سرى وأكمل حياتي.. أم الجأ للقضاء وأرفع دعوى تطليق للضرر.

 ابحثوا عن حل؟

الإفتاء‭ ‬تجيب

تلقى الدكتور مجدى عاشور المستشار العلمي لمفتى الجمهورية رسالتك..وكان له هذا الرأي

الأخت العزيزة.. لا شك أنك عندك استعداد كبير وقابلية لتصديق هذه الأمور، وأخشى أن تتحول هذه الهواجس إلى حالة مَرَضِية؛ السحر له حقيقة وموجود لا ننكره، ولكن ليس كل ما كان موجودًايكون منتشرًا.

فحقيقته هى التخيل وبث الأوهام بين الناس لا غير، وفى ذلك يقول الله تعالى: (قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)

(الأعراف: 116)؛ ولذا حذر النبى صلى الله عليه وسلم من إتيان السحرة والدجالين وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم، حيث قال: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"، كما أن النبى صلى الله عليه وسلم لعن من أفسد علاقة الزوجين.

فلا ينبغى أن نرمى كل شيء فى حياتنا على السحر والجن والحسد أو أن نسمع لكل من يبث الفتنة ويفسد العلاقة القائمةبمجرد اتِّهامات وأوهام لايصح أن تُبنى عليها أحكام مشرعية، فضلا عن كونها لا تقوى أن تكون دلائل حقيقية يمكن أن ننطلق منها لهدم علاقة زوجية قائمة بيقين!

لهذا أرجو النظر للموضوع بنظرة واسعة تراعين فيها الحقائق الدينية والعلمية التى من مقتضياتها نسيان الماضى وأن تتجنبى مثل هذه الأمور التى تعكر عليك صفو حياتك وتؤثر سلبًا على راحتك النفسية وسعادتك الزوجية، مع الحرص على ذكر الله تعالى وقراءة شيء من القرآن الكريم، خاصة سورة الفلق وسورة الناس.