مراسيل.. البت السودا

مراسيل.. البت السودا
مراسيل.. البت السودا

كنت قد وضعت للتو طفلتي الأولى، والبنج لا يزال يؤثر علي، شعرت بسعادة غامرة، راودتني العديد من الأفكار حول فرحة أقاربي وأقارب زوجي وأصدقائي بي وبطفلتي، وبينما أفيق وأستعيد وعيي، كانت أول عبارة تناهت إلى مسامعي هي: «الحمد لله البت مش شبهك»، قالتها إحدى القريبات على سبيل المزاح، ولكنها طعنتني بكلماتها الوقحة، ولم استطع التعليق عليها وسط ضحكات الجميع.

هذه هي مأساة حياتي منذ الطفولة وحتى أصبحت أم، سخرية كل من حولي من شكلي، لا أريد أن أقول «تنمر» لأنها كلمة منمقة تصلح للمحافل الثقافية وليس لواقعنا المرير، أرغب في وصف ما يفعلوه بما يستحقه، فهي وقاحة وسخرية واستهزاء واستهانة وقسوة وإيلام، هل يجب أن يكون جسدي هو الذي ينزف وليس قلبي ليدرك من حولي إنني أتألم من وقع كلماتهم، أقسم لك أن دموعي الآن تسبق كلماتي وأنا أكتب لك، دعيني أخبرك إنني لم أعد أفكر في الإنجاب مرة أخرى فقط حتى لا أتعرض لتلك التجربة، تخيلي أن معاناة الحمل والولادة وألمهم لا يمثل شيئا أمام خوفي من سماع تلك الكلمات مجددا.

إقرأ أيضاً : مراسيل.. السفيرة مش عزيزة

إقرأ أيضاً : مراسيل.. فتاة أبيها والعريس المدلل

أنا سعيدة بالتأكيد أن ابنتي أجمل مني، وأنها تشبه أبيها ولا تشبهني، فهل تتمنى امرأة أن تكون هناك من هي أفضل منها سوى ابنتها!، لكن الأمر لا يتعلق فقط بالطفلة التي لا يتخطى عمرها الآن بضعة أشهر، منذ ميلادي أتعرض للسخرية من الجميع بسبب شكلي، فأنا أقل أخوتي جمالا، وأكثر سمارا، والأقصر قامة، والأرفع، ولك أن تتخيلي طفلة بمجرد أن وعت على الدنيا تسمع عبارات «إنتي إزاي أخت دول»، «إنتي طالعة وحشة كدة لمين»، «أمك وأبوكي لاقينيك في الزبالة»، «اتحجبي عشان شعرك خشن»، «هتبقي سودا من جوة ومن برة»، «عود الكبريت المحروق وصل».

أصبحت أكره نفسي بشدة، وأكره أي فتاة جميلة، وأصبحت أكثر عنفا وغضبا بسبب وبدون، فلم يكن هذا العنف سوى ميكانيزم دفاعي أعبر به عن رفضي لكل شيء حولي، ورفضي لنفسي أيضا، نشأت وقد اعتدت الاستماع إلى أسخف الكلمات من كل من حولي، أرى السخرية في نظراتهم وتمتماتهم التي أفهم جيدا إنها حولي، يتعمد الجميع إيذائي.

في طفولتي لم أحب الذهاب إلى المدرسة رغم تفوقي، لما أتعرض له من نبذ من الجميع، فحتى المعلمين لا يلتفتون لي لأني قبيحة، وأصدقائي في المدرسة يسخرون مني، والأطفال الذين لا يعرفوني يلقبوني بكل بساطة بـ«البت السودا»، هذا اللقب الذي لازمني منذ طفولتي حتى نضجت، ما أقصى أن يختزل الناس إنسانا كاملا بمشاعره وأحاسيسه وانتصاراته ونجاحاته وطموحاته وأحلامه في عبارة واحدة لا تتضمن سوى جنسه ولون بشرته، شيئان لا دخل لنا فيهما على الإطلاق.

عندما التقيت زوجي ونشأت بيننا قصة حب، لم يكن أحد يتخيل إنه سيتقدم لي، وكل من يرانا يظن بالتأكيد إننا مجرد أصدقاء، لأنه من وجهة نظرهم ليس هناك شاب مجنون سينظر لفتاة مثلي، بعد أن اعترف لي بحبه، أنا نفسي لم أصدق إنه جاد بشأني، وكنت أدرك جيدا إنني بصدد حرب قوية ليقنع أهله بالزواج مني، لحسن حظي أن والده متوفى وأمه سيدة بسيطة مسنة لا يهمها الشكل كثيرا، وكل ما تريده أن تفرح بابنها في حياتها، وترى أبنائه، لذلك لم أواجه العقبات التي توقعتها مع أسرته، وربما دارت بينهم العديد من الأحاديث بشأن شكلي ويخفيها زوجي عني، فكل شيء وارد، ولكني واجهت السخرية في أعين الجميع حولي، حتى في فرحي الذي يفترض أن يكون أفضل يوم في حياتي لم أسلم من ألسنتهم، وكنت أسمع الجميع يتحدثون عن جمال زوجي وقبحي، وما لا أسمعه أراه في أعين الناظرين، وتمكنوا بالفعل من إفساد فرحتي، وعندما عدت لعملي كان زملائي يتحدثون عن ذلك مباشرة لي، ويخبروني أن زوجي جميل بما يتضمن إنني لست كذلك، وبعضهم يتهامس حول إنني لا استحقه، لقد قرر هؤلاء البشر أنني لا أستحق زوجي الذي يحبني بشدة لمجرد أن لون بشرته أفتح من لون بشرتي.

بعد إنجاب ابنتي ازدادت حالتي سوءا، لم أعد أقوى على التعايش مع ما يحدث لي، العالم شديد القسوة، وابنتي تسبب لي هاجسا، أخشى أن تنتقل طاقة الغضب التي بداخلي إليها، فتنشأ معقدة عندما يسخر أصدقائها من أمها القبيحة أمامها ولا تتمكن من الرد، أخشى أن تكرهني ابنتي لأني بالتأكيد سأكون سبب في معاناتها لبقية حياتها، أحيانا أندم أصلا إنني أنجبتها إلى هذا العالم وكتبت عليها الشقاء الذي أعيشه، فرغم إنها جميلة وتشبه والدها، لكنها ستظل تعاني بسببي، سأخجل من الظهور معها في الأماكن العامة، أو الذهاب إلى مدرستها، أو ملاقاة أصدقائها في المستقبل، سأسبب لها بالتأكيد حرج كبير وستتمنى ابنتي أيضا أن أختفي من حياتها، أنا حقا أكرهني بشدة ولا أعلم ماذا أفعل؟

الرد: 

عزيزتي، هل أنت سمراء وشعرك خشن ورفيعة القوام وملامحك لا تتوافق مع مقاييس الجمال المتعارف عليها؟ إذا فأنت تشبهين إلى حد كبير ملكة جمال الكون لعام 2019 زوزيبيني تونزي، وإن كنت على يقين أنها أكثر منك سمارا وأخشن منك شعرا بحكم طبيعة الجينات البشرية، هل تظني أنها وصلت لما حققته لأنها محاطة بمن يخبروها دائما إنها جميلة، إطلاقا.

لقد استعرضت الفتاة عقب انتصارها التاريخي ما تعرضت له من تنمر منذ طفولتها ومرورا بصباها وفي حياتها العملية، وقالت إنها ترعرت في عالم لا يعتبر النساء مثلها جميلات وقد حان الوقت لتغيير ذلك، أعتقد أن عليك أيضا عزيزتي أن تقومي بتغيير ذلك، ولو في محيطك البسيط، لا تجعلي وقاحة هؤلاء الأشخاص تهز ثقتك في نفسك أو حبك لها، يقول المغني البريطاني دان بيرس «إن الناس الذين يحبون أنفسهم لا يؤذون الآخرين، وكلما كرهنا أنفسنا كلما أردنا أن يعاني الآخرون»، وهذا ما يفعله المحيطون بك، فكلما حاول أحد أن يسخر منك تذكري دائما أن تلك السخرية هي انعكاس لما يشعر به حقيقة تجاه نفسه، عليك أن تتخلي فورا عن فكرة أنك قبيحة وكل ما زرعوه في رأسك من أفكار مشوهة تقلل من شأنك، فقد سواك الله امرأة رائعة الجمال، وما هو إلا قبح أعينهم الذي يدفعهم لقول تلك العبارات المشينة.

عندما تتعلمي أن تحبي نفسك بصدق، ستنتقل طاقة الحب الحقيقية إلى ابنتك دون جهد منك، أتعلمي ما هو الأسود في تلك القصة، نظرتك أنت للمستقبل، لقد افترضت لتوك أن ابنتك ستكرهك وتخجل منك فقط لأنك سمراء، وهذا ما سيحدث إذا لم تتوقفي فورا عن التفكير بتلك الطريقة، فزوجك يحبك كما أنت، وبالتأكيد هناك من يحبوك كما أنت، وعليك أن تحبي نفسك أيضا، وواجهي من يسخرون منك بجرأة وشجاعة لأنك امرأة كاملة الجمال، ولست مسئولة عن النقص داخل عقولهم، أنت قادرة أن تكوني قوية وملهمة، ألق كلماتهم وراء ظهرك وكوني فخورة بنفسك وتأكدي أن ابنتك ستكون دائما فخورة بك أيضا، وأخيرا.. أهديك وكل السمراوات أغنية اليوم.

أغنية العدد:

سمرا أنا..

زي الجنة في حضن الليل

زي الخيل العربي أصيل

زي الحبر على المراسيل

سمرا ونص سماري جميل

سمرا وكل سماري جميل
**
سمرا أنا..

زي النني في قلب العين

طابع حسن على الخدين

زي عيون مليانة حنين

زي القسوة وزي اللين

زي كتير وكتير حلوين
**
سمرا أنا..

زي القهوة ما بين اتنين

نقش الحنة على الكفين

زي العلامات ف الميادين

زي ما كل الناس عايشين
**
سمرا أنا..

زي رقم محفور على نرد

زي خطوط السما والأرض

زي النوتة لو مظبوطة

بنغمة حب ونغمة فرح

مهما سمعت من الحاقدين

حتى إن قالوا غراب البين

سمرا وأحلى من الحلوين

للتواصل:
واتساب: 01030307654
إيميل: [email protected]
فيسبوك: Marasel.Alakhbar

أصدقاء مراسيل:
تسعدنا مشاركتكم بمراسيلكم أو المساهمة بأرائكم ومقترحاتكم البناءة لحل مشكلات الأصدقاء، وسيتم نشرها في الأعداد المقبلة.

ردود أصدقاء مراسيل على صاحب رسالة «فتاة أبيها والعريس المدلل» المنشورة في العدد السابق.

منذ عشرات السنين كان زواج شاب من فتاة تكبره بسنوات ولو قليلة مرفوض ومنتقد، أما الآن أصبح عاديا، وأعرف عدة أشخاص تزوجوا نساء تكبرهم ويعيشون في منتهى السعادة، وأقول لفتاتنا الجميلة: أرفضيه يا ابنتي ولا تترددي فهو لا يستحقك، لو كان فسخ الخطوبة قراره لنصحتك بإعطائه فرصة، لكنه قرار الأم والأخت، وهو لم يستطع مراجعتهما، ويبدو أنه شعر بالندم أو ساء حاله فاضطرت الأم والأخت للاعتذار والمطالبة بالعودة، إن وافقت سيتدخلون في حياتك بعد الزواج ولن يستطيع الوقوف أمامهم، وفتاة في صفاتك الجميلة ستقابل أفضل منه وسيعوضك الله خيرا.. بسيمة سليمان.

ليس عيبا أن تكون الفتاة أكبر من الولد ماداما متحابين وقادرين على التأقلم وهذا أمر عادي، لكن تدخل أخت العريس ووالدته وسيطرتهم على قراراته تدفعني لأنصح الفتاة بعدم الموافقة عليه، لأن الكثير من المشكلات سوف تواجهها في المستقبل بسبب عدم قدرته على اتخاذ القرار، وأنصح والد الفتاة بالتحدث إليها وإقناعها بعدم التفكير فيه وأنها فترة وانتهت وكل شيء قسمة ونصيب.. مصطفى عبد الحافظ.

تحديثات الجريدة رائعة وبالأخص هذا الباب؛ لأن الكثير منا يحتاجون لعرض موضوعاتهم المحيرة بصوت مسموع، وأرى أن الفتاة عليها التفكير والنظر بعين مستقبلية في مواصفات شريك حياتها، فهي فتاة متعلمة ومتفوقة كما ذكرتهم، لذلك يجب أن تتحلى بشئ من الحكمة والجدية، وتدرك أن هذا الرجل ليس سيد قراره، وسيلجأ إلى أهله في كل شئ يخص حياتهما.. Mahmoud Gesraha.

أولا هذا الزوج لا يصلح للفتاة لاعتبارات كثيرة، فهو لم يتق الله في البداية وباعها لفرق السن، وهو تابع بشكل مطلق لأهله، وغالبا بحثوا عن عروس واثنين وثلاثة، وعندما علموا أنها الأفضل عادوا إليها مجددا، وأخيرا مع كل مشكلة مهما كانت صغيرة سيعايروها برفضهم لها في البداية، ومع أول طفل لها قد تٌطلق، هذه الزيجة محكوم عليها بالفشل من البداية فلا داعي للمكابرة.. رضا ربيع.