فى الصميم

الحقيبة النووية..!

جلال عارف
جلال عارف

لعهود طويلة ظل تسليم "الحقيبة النووية" جزءا مهما من مراسم تسليم السلطة للرئيس الجديد للولايات المتحدة من الرئيس المنتهية ولايته.. وكان انتقال الحقيبة التى تحتوي على مفاتيح تشغيل القنبلة النووية رسالة رمزية وفعلية بأن القادم الجديد للبيت الأبيض قد أصبح الرجل الأقوى الذى يتحمل مسئولية الحرب والسلام فى العالم.. أو هكذا ينبغى أن يكون!

الأمر اختلف هذا العام مع رفض الرئيس السابق ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات وامتناعه − لأول مرة من ١٥٠ سنة − عن حضور مراسم انتقال السلطة. وكان لابد من ترتيبات أخرى أكثر تعقيدا لضمان ألا يحدث أى خلل فى هذه المسئولية الخطيرة.. وتم الترتيب بحيث يكون هناك نسختان من الحقيبة النووية.. واحدة مع المسئول العسكرى الذى يرافق "ترامب" تظل تعمل حتى ظهر الأربعاء تماما، وواحدة مع المسئول العسكري الذى يرافق بايدن تبدأ العمل فى نفس التوقيت.

السلطات الواسعة التى يتمتع بها أى رئيس أمريكي جعلت قضية "الحقيبة النووية" مطروحة بقوة طوال فترة حكم ترامب. ورغم أن سياسة ترامب كانت دائما مع زيادة القوة العسكرية الأمريكية ومضاعفة ميزانياتها (على حساب الجهد الدبلوماسى) إلا أن الانضباط العسكري لم يتواءم مع عشوائية كانت طابع قرارات إدارة ترامب فى ملفات عديدة. ولا شك أن ضبط العلاقات النووية مع روسيا وكوريا الشمالية بالذات فى ظل تقلبات سياسية حادة كان تحديا فرض المزيد من الإجراءات المطلوبة لمواجهة أى طارئ.. وأيضا لتلافى أى خطأ فى الحسابات!!

انتقلت الحقيبة النووية بكل ما ترمز إليه إلى بايدن وتتبقى الطريقة التى تم بها انتقال الحقيبة (وسلطة الحكم فى القوة الأعظم) تأكيدا على الجهد المطلوب لتتجاوز أمريكا أزماتها. صحيح أن أمريكا قد تجنبت السيناريوهات الأسوأ، وأن العالم قد تجنب ما كان يمكن أن يكون كارثيا على الجميع، لكن الخطر مازال قائما.. المشهد الأمريكي يقول الكثير. رغم كل المظاهر الاستثنائية لتسليم السلطة، فإن الشرعية الدستورية فرضت سلطتها، وهو انتصار لو تعلمون.. عظيم!