خارج النص

من حق الناس أن تسأل

د.أسامة السعيد
د.أسامة السعيد

ذات مرة وقف وزير الإسكان (الأسبق) أحمد المغربى تحت قبة البرلمان يدافع بقوة عن قرار السماح بالبناء على الأرض الزراعية وتوصيل المرافق للمبانى التى أنشئت عليها. وقتها انفعل المغربى − الذى كان نادرا ما ينفعل − ليتصدى لهجوم النواب على قراره، وقال كلمة لا تزال عالقة بذاكرتي: "الأرض الزراعية ليست بقرة مقدسة، حتى لا نسمح بالمساس بها".

مرت الأيام، والتهمت العشوائية قلب الأرض الزراعية التى تكونت عبر ملايين السنين، وتحولت بفعل فساد المحليات وغياب الدولة فى سنوات 2011 وما بعدها، إلى غابات أسمنتية قبيحة، تستنزف الموارد وتتحول إلى بؤر بعيدة عن أى تنظيم.

ومؤخرا أعادت الدولة الأمور إلى نصابها الصحيح، وأعلنت ضوابط صارمة لتجريم البناء على الأرض الزراعية، والحفاظ على ما تبقى من مساحات تنتج ما نأكله، قبل أن تتحول إلى عشوائيات كالجراد تأكل ما نزرعه.

إذاً، لم يكن "المغربي" مصيبا، بل كان موقفه وفكره فى تلك القضية "مصيبة".

اليوم يأتى الوزير هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، ليعلن تصريحا مشابها فى مواجهة الانتقادات التى صاحبت قراره بتصفية شركة الحديد والصلب. الوزير قال: "من يهاجم لا يهاجم الحديد والصلب والمصنع لكنه يهاجم فكر.. متى سنتخلى عن الأصنام؟ هم لا يريدون أن نتخلى عن الأصنام".

والحقيقة أن تصريح الوزير لم يكن موفقا على الإطلاق، فالحفاظ على ما بناه المصريون بسنوات من كفاحهم وصمودهم ليس "عبادة للأصنام"، بل حفاظا على إنجازات ونجاحات تحمل من أجلها الشعب الكثير، والأمر أحيانا يتجاوز سلطة حكومة أو قرار وزير.

من حق المسئول − أى مسئول − أن يدافع عن قراره، بل أن يتمتع بالجرأة والشجاعة، لكن أيضا من حق الناس أن تسأل وتحاسب، وعلى الوزير أن يوضح بهدوء وعقلانية، يبرر قراره، ويحاول إقناع الناس أنه كان البديل الأفضل، ليس فقط اليوم، ولكن أيضا للمستقبل.