تأمين جلب البخور.. مهام أخرى للجيش الفرعوني

صورة توضيحية
صورة توضيحية

كشف الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية، أن المصري منذ القدم، ولا يزال يميل نحو الهدوء والسلام، فقد استقر منذ القدم على ضفاف النيل، وانشغل بالزراعة، فشعر بالأمان وكره الحروب، حتى إنه لم يُقبل نحوها إلا مُكرها، فقد كان مدافعا عن وطنه أكثر من كونه مهاجما، ولم يكن ذلك ضعفا منه ولا هوانا، فقد كان المصري القديم قويا في سلمه، قويا في حربه، والنصوص المصرية القديمة تدل على ذلك.

 

اقرأ أيضا : من أخلاق الفراعنة.. لا تغضب أمك من أجل زوجتك

 

وأضاف «دقيل»، أن النقوش تدل على أن الجيش كان منفصلا تماماً عن السلطة المدنية، وقد كان قائد الجيش في معظم عصر الأسرات عضوا في مجلس العشرة العظيم، لكن لا شك في أنه كانا ضمن أعضاء هذا المجلس من الوجهة الحربية فقط، إذ لا نجد أنه كان يقوم بأداء أي عمل إداري أو قضائي مثل الأعضاء الآخرين لهذا المجلس، والواقع أن وجوده بين أعضاء مجلس العشرة العظيم كان بمثابة رابطة بين الجيش والإدارة. 

 

وفي عهد الأسرة الخامسة؛ تم فصل الإدارة المدنية عن الإدارة الحربية فصلا تامّا، وذلك بعد الإصلاح الذي حدث حينها؛ والذي بمقتضاه قُسمت الإدارة والجيش إلى قسمين واضحين: لمصر العليا ومصر السفلى.

 

 ومن أجل ذلك لم نعد نرى أن قادة الجيش الفرعوني كانوا يجلسون ضمن أعضاء مجلس العشرة العظيم، ولكن في مقابل ذلك أصبح قائد الجيش يوازي الوزير الذي يتولى الإدارة المدنية، فأصبح يلقب «مدير كل أوامر الملك»، أي أنه كان هو الممثل للفرعون على رأس الجيش كما كان الوزير المدني هو الممثل للملك على رأس الحكومة. 

 

وبالرغم من ذلك فقد شارك الجيش بمصر القديمة؛ في بعض الأعمال المدنية خلال فترة السلم؛ كالمساعدة في عمليات استصلاح الأراضي وشق الترع وإقامة السدود، بل وشارك في إقامة القرى والمدن فضلا عن دوره في إنشاء المعابد والمقابر وغير ذلك في المنشآت الدينية والمدنية. بل وتشير النصوص أيضا إلى دوره في تعليم التلاميذ في مراحل التعليم المختلفة، ودوره الكبير في الزراعة والصناعات الحرفية. هذا غير مشاركته الواضحة في التجارة سواء كانت داخل البلاد أو خارجها.

 

وتابع «دقيل» ، كما كان للجيش في مصر القديمة دور في استتباب الأمن الداخلي، جنبا إلى جنب مع الشرطة المصرية، فكانوا يؤّمنون بعثات المحاجر بسيناء والصحراء الشرقية والصحراء الغربية، هذا فضلا عن مشاركتهم في تأمين الاحتفالات والأعياد، وحماية مرافق الدولة والمنشآت الدينية والدنيوية، وتأمين الملاحة النهرية. 

 

كما قام الجيش أيضا في مصر القديمة عند عدم وجود حروب؛ على تأمين العلاقات والحملات التجارية بين مصر وجيرانها، وهناك أمثلة على ذلك، منها: 

1-    الحملات التجارية البرية والبحرية التي قام بها ملوك مصر القديمة إلى البلاد المجاورة، والتي كانت ترافقها قوات عسكرية من الجيش، ومنها ما قام به الملك "سنفرو" أول ملوك الأسرة الرابعة (2613-2589 ق.م) الذي أرسل أسطولا بحريا عبارة عن أربعين سفينة إلى فينيقيا (لبنان حاليا) لجلب خشب الأرز لاستخدمه في أبواب قصر الملك وغيرها، وكانت حماية وتأمين الحملة من مهام فرقة عسكرية من الجيش.

2-    وخلال فترة الملك ساحورع (حكم: 2487 -2475 ق.م) بالأسرة الخامسة أرسل حملة إلى بلاد بونت لجلب البخور الذي كان يستخدم في المعابد بكثرة، وقامت قوة عسكرية بتأمين الحملة حتى رجعت إلى مصر.

3-    كما أنه وخلال عهد الأسرة السادسة خرج حاكم أسوان واتجه جنوبا نحو وادي حلفا من أجل توثيق الروابط مع جيرانه في الجنوب وكان ذلك برفقة جنود من الجيش.

4-    هذا فضلا عن أن الجيش كان مكلفا بحراسة البعوث التي كانت ترسل إلى مناجم سيناء ووادي الحمامات، وكانت الكتائب البرية والسفن الحربية ترافق حملات التعدين التي يرسلها الملوك إلى شبه جزيرة سيناء.

5- ورغم ذلك أيضا وجدت حملات تعدين لم يرافقها جنود حربيون، مثل تلك البعثات التي أرسلت إلى محاجر وادي الحمامات حيث كان يقودها إما مدير الأشغال الملكية عامة، ورئيس مصلحة الأشغال العمومية.