العبقري الذي خذله الإعلام !

ممدوح الصغير
ممدوح الصغير

لا أعرف سبب سعادتى لوجود عددٍ  من الذين يعملون فى صناعة النشر والإبداع ضمن قائمة الأغنى على مستوى العالم لعام 2021.

ربما وجودهم ضمن القائمة جعلنى أشعر بأن صاحب كل هذا الفكر ربح صاحب السلعة الغذائية، وأن الكلمة، أهم أسلحة الإعلام، لا تزال مؤثرةً ومربحةً، بعد سنةٍ صرخ منها الجميع بسبب جائحة كورونا، حيث حافظ مالك الفيس بوك على وجوده ضمن قائمة العشرة الكبار، وزادت أرباحه من خلال موقعه الذى كان سببًا فى وجود ترابطٍ فكرى واجتماعى بين سكان الكون، وصار المواطن فى غرب أمريكا يُتابع إبداع حروف مَنْ يكتب على شاطئ المحيط الهندى، فقد حافظ الملياردير بيل جيتس، من خلال اختراعه للكمبيوتر الذى غيَّر وجه الحياة لكل طالب معرفةٍ من خلال برامجه التى تم ربطها بالإنترنت التى سرقت اهتمام ووقت المواطن مهما كانت اللغة التى يتكلَّمها.

وجود العباقرة ضمن قائمة الأغنى على مستوى العالم كان سببًا فى كتابة سطورى عن عبقرى صُنع فى مصر؛ وهو د. باسم أمين، بطل العالم فى الشطرنج، الذى ترك الطب من أجل لعبةٍ لا يلعبها سوى الأذكياء.

 نبوغه عرفه والده منذ الصغر، وبسبب تشجيع الأب صار واحدًا من أهم 100 لاعبٍ على مستوى العالم،  فقد نجح فى الثانوية العامة بمجموع 104%، بعد إضافة الحافز الرياضى.

ورغم تفوقه ونبوغه لم يكن مادةً سخيةً لوسائل الإعلام العربية التى انشغلت بمتابعة أخبار الممثل السكران مع نجمة الإغراء، وبث محتوى هادفٍ عن نماذج جيدة مثل د.باسم أمين، كان من المفترض أن نهتم بهم، وللأسف الشاشات ومواقع الإنترنت والصحف، خلال  السنوات الأخيرة، لم تهتم إلا بغراميات المشاهير، وتجاهلت عن قصدٍ نجاحات عباقرة ومبدعين، كان من بينهم د.باسم أمين، قوته تكمن فى أنه يُفكر ويقهر الأذكياء، كان فخرًا لمصر والعرب بعد أن فاز على المُصنَّفين الثانى والثالث على مستوى العالم، وفاز فى مباراةٍ كانت حديث الكون على بطل العالم السابق، واهتم الإعلام الغربى بعقلية د. باسم، وبسبب الاهتمام تطرقت وسائل الإعلام العربية لحكايته، حيث ظهر لدقائق قليلة على بعض الشاشات، بعد فاصلٍ من الإبعاد والتجاهل، رغم أنه يستحق أن يُخصص له أكثر من ساعةٍ حتى يتعرَّف النوابغ الصغار على قصته، وربما بث قصته قد  تكون سببًا فى أن يُقلِّده المئات من الأذكياء الصغار، حال الاهتمام بها سيكون الفائز الحقيقى هو مصر.

مطلوبٌ من المدارس الاهتمام بالتلاميذ فى عطلة الصيف من خلال لعبة الشطرنج من أجل مراقبة ذكائهم، فمن الممكن اكتشاف   عشرات العباقرة الذين حال رعايتهم  سيكون الفائز الحقيقى من إبداعهم  هو البشرية.

فى الهند فى سنوات البناء ولليوم تهتم المدارس بتلاميذ المراحل الأولى فى لعبة الشطرنج، وتقوم الدولة برعاية النوابغ منهم، وتتولى الإشراف على تعليمهم، فالاهتمام بالعباقرة منذ سنوات الصغر، ورعايتهم يمنحهم فرصةً فى أن يبحروا بذكائهم لساحات الفضاء  وعالم الاختراعات المفيدة للبشرية.. شعرت بتقصير وسائل الإعلام بجميع أشكالها بسبب التجاهل لواحدٍ من العباقرة، كان مطلوبًا أن نصنع منه قدوةً يحتذى بها كل مبدعٍ مؤمنٍ بأنه يملك عقلًا ناضجًا، بل كانت رسالتنا للمستقبل تُفقد الأجيال الثقة فيما نُقدِّمه وتهرب منا، بعد أن أكثرنا من الأخبار غير  الهادفة التى لا تُعطى أملًا فى الغد لأى مجتهدٍ، ولكن عندما نُقدِّم نموذجًا مثل د..باسم، فهو القدوة التى يحتذى بها  كل شابٍ مؤمنٍ بقيمة ذكائه، ويعى أن ذكاء العقول يتفوَّق على سرعة الأقدام وقوتها.