كان يقدم كقرابين للآلهة.. مصر من أقدم الشعوب التي عرفت «كعك المناسبات»

كعك العيد
كعك العيد

رصدت دراسة أثرية للدكتورة ماجدة أحمد عبدالله أستاذ تاريخ وآثار مصر والشرق الأدنى القديم رئيس مجلس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ كعك الأعياد عبر العصور في مصر.

وتؤكد الدكتورة ماجدة أحمد عبدالله أن المصري القديم كان من أقدم الشعوب التي عرفت الكعك والمخبوزات وبأشكال مختلفة وصورها على جدران المقابر والمعابد تقدم بالمناظر على الموائد سواءً لملوك وأسر مصرية قديمة أو كقرابين لأموات أو كقرابين للآلهة بجانب الأعياد الدينية أو الدنيوية.

وأظهرت لنا النصوص القديمة أن من بين المخبوزات ما يعرف بالفطائر من القمح وتنوعت أسماؤها مع أشكالها منها خفنوت وكانت فى شكل نصف الرغيف أو حبنوت وهى فى هيئة البسكويت الصغير مثل ورقة الشجر ، عبارة عن شكل من العجائن يخلط فيه الدقيق مع العسل والفاكهة المجففه وبخاصة النبق وعلى مايبدو أن كلمة قمح مشتقة من كلمة قمحو الدالة على نوع من الخبز سداسى الشكل أو ربما طويل وله قمة مستديرة .

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن كلمة كعك مشتقة من كلمة عكك وقلبت الكلمة فيما بعد بوضع الكاف قبل العين لتسهيل النطق وكان يقصد بها نوع من الخبز الشمسى والذى لا زال يصنع فى صعيد مصر حتى يومنا هذا.

أما الخبز بوجه عام فتنوعت أسماؤه مع أشكاله ومواد تصنيعه منه ما يعرف باسم سخت وهو خبز قمعى الشكل أو سوت وخب ربما بصورة جزء صغيرمن الهلال أما باتو وربما كان نوع من الكعك ذو الرائحة الذكية واشتق فيما بعد منه كلمة بتاو الحالية فى صعيد مصر فكان يصنع من القمح المضاف له برائحة اللوتس كما نضع الآن على كعك العيد المضاف له رائحة الورد أو المحلب .

ويشير الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن المصرى القديم استخدم خطوات عدة لتصنيع الكعك أو المخبوزات بدءًا من تنقية الحبوب المختارة من بين الدقيق المستخرج من الشعير(إيت) أو الحنطة أو القمح (بد)، وتذريتها أى الغربلة لاستبعاد القشور ثم الدق ( حوسى)، وتوضع على الرحاية لطحنها (نج) وذلك لتنعيمها ثم نخلها (نكر) وآخر خطوة عجن الدقيق بالماء والملح والخميرة.

وإذا كان سيصنع منه الكعك يضاف له النبق أو البلح أو التين أو القثاء ويخلط معه عسل النحل والسمن وأظهرت المناظر بدءًا من عصر الدولة القديمة من مقبرة مرسى عنخ الثالثة شكل مستدير لرغيف أو كعك منقوش الحواف ومضاف له السمسم .

ويتابع الدكتور ريحان بأنه فى عصر الدولة الحديثة وبخاصة فى مقبرة الوزير رخمى رع وزير الملك تحوتمس الثالث من الأسرة الثامنة عشرة بالأقصر ،كان يتم وضع العسل على النار لإذابته من صورته السميكة ويتم التقليب باستمرار بخشبة ويضاف السمن عليه ويرفع من على النار بعد التقليب للخلط معًا ويضاف وهو ساخن على الدقيق ويقلب معًا وبعد ان تبرد العجينة تُشكل فى أشكال مختلفة منها الدائرى مثل قرص الشمس أو على هيئات حيوانية وتخبز فى فرن أو تحمر فى السمن كما صور فى مناظر للملك رمسيس الثالث إمكانية اضافة اللبن للدقيق والبيض والقرفة أوالسمسم أو مطحون الدوم أورائحة اللوتس لإعطاء نكهات خاصة للمخبوزات التى ربما كانت فى صورة البسكويت الذى نعرفه اليوم.

ويعجن الخليط وهذة العملية تعرف باسم ( سوح ،أو سب ، أو سقر) بالأيدي أو بالأقدام النظيفة المغسولة جيدًا ، وذلك فى إناء يشبه (الماجور ) الكبير ويشكل الخبز أو الكعك والمخبوزات بوجه عام فى مصر القديمة فى صوها دائرية أو مخروطية أو بيضاوية أو مثلثة أو نصف دائرية بجانب أشكال لأبقار وأخرى حلزونية ويمكن وضع بعض العجائن فى قوالب سابقة التسخين تسمى (بجا) .

وينوه إلى أن المصرى القديم أضاف نوعًا من المخبوزات اسمه ( ترتح) مستديرالشكل ولا بد أنه يصنعه الخباز وهو مسوى على درجة حرارة معينة واعتقد العالم  أن هذا النوع يقدم كقربان مضاف له البلح.

والكعك فى صورته الحالية الدائرية الشكل ربما متأثرة من المصرى القديم بأنها صورة للشمس رع التى تعنى فى الصورة الدائرية المزخرفة الحواف بأشعتها كدلالة على فكرة الاستمرارية والازدهار والنماء .

وفي مصر بعصر الطولونين صنع الكعك في قوالب مكتوب بها عبارة ( كُل واُشكر) أو إضافة بعض الدنانير الذهبية كهدية للمتناول له وكان يقدم للفقراء والعامة على موائد طولها 200 متر وعرض 7 متر ونقشوا عليه عبارة ( أفطن إليه) .

وخصص في عصر الدولة الفاطمية مبلغ عشرون ألف دينار لتصنيع الكعك بالعيد ويتم العمل بالمصانع منذ منتصف شهر رجب مرورًا بشهر شعبان ورمضان ويتم ملئ مخازن الحاكم بأشكال متنوعة من الكعك والغريبة نحو ستون صنفًا وذلك ليوزع على الناس من" دار الفطرة" أو من مخازن الحكام الملحقة بالقصور فى مصر.

وأصبحت فكرة الكعكة المستديرة التي فى أصولها مصرية قديمة كرمز للشمس واللانهائية والاستمرارية هو الشكل المعروف فى كل بلدان العالم العربى مثل سوريا والعراق والسعودية وتونس والجزائر وغيرها من البلدان ويمكن أن يحشو الكعك بأنواع من المكسرات أو العجوة أو الملبن أو الينسون أو ماء الورد والسمسم أو جوز الهند ويقدم مع القهوة المضاف لها حب (الهيل المطحون ) أى الحبهان أومع أكواب الشاى.