توقعات بإستدعاء نواب سابقين للتحقيق معهم بعد سقوط حصانتهم

مجلس النواب المصري- أرشيفية
مجلس النواب المصري- أرشيفية

◄ خبراء يؤكدون صحة إقامة دعاوى جديده في حالة التقادم


كتب: علاء الحلواني 


تبدأ النيابة العامة فى التحقيق مع  عدد من أعضاء مجلس النواب 2015 صباح الأحد بعد انتهاء المانع القانونى لمثولهم أمام كافة جهات التحقيق بانتهاء حصانتهم البرلمانية في الساعة الثانية عشرة من منتصف ليلة السبت، وهو ما يمكن النيابة من استدعائهم للتحقيق معهم بعد تعذر ذلك لرفض المجلس طلبات  للنيابة العامة بالسماح لها باستدعاء عدد كبير من النواب طوال دور الانعقاد الستة للرد على البلاغات المقدمة ضدهم من مواطنين ف قضايا سب وقذف وشبكات بدون رصد واستيلاء على ممتلكات وأراضي وغيرها من الاتهامات الأخرى خاصة التى تحظى باهتمام الرأى العام.

 

وكان الاستناد إلى انتهاء كفالة الدستور لتمتع أعضاء مجلس النواب بالحصانة البرلمانية لمدة 5 سنوات فقط فالبالتالي فإن أي دعاوى قضائية تقام تجاه أعضاء مجلس النواب سيتم نظرها بشكل طبيعى عقب رفع الحصانة البرلمانية عنهم  الدكتور صلاح فوزى الفقيه الدستورى وعضو لجنة تعديل الدستور  قال ان الدستور الحالى فرق بين نمطين من الحصانة التي يتمتع بها عضو مجلس النواب ، فهناك حصانة موضوعية.

 

ونصت عليها المادة 355 من الدستور ، وبمقتضاها لا يُسأل عضو مجلس النواب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه.  

       
أما النمط الثاني من الحصانة وهي الحصانة الإجرائية ونصت عليها ايضا  المادة 355 من الدستور ، وبمقتضاها لايجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة، أثناء دور انعقاد مجلس النواب، أن تتخذ ضد أى عضو من أعضائه أية إجراءات جنائية فى مواد الجنايات والجنح سواء فى مرحلة التحقيق أو الإحالة إلى المحاكمة، إلا بإذن سابق من المجلس فى كل منها. وفى غير دور انعقاد المجلس، يتعين لاتخاذ أى من هذه الإجراءات أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء فى هذا الشأن. 

 

ووفقاً لنص المادة 359 فلايجوز لعضو مجلس النواب أن ينزل عن الحصانة، وللمجلس أن يأذن للعضو بناءً على طلبه بسماع أقواله إذا وجه ضده أى اتهام ولو قبل أن يقدم طلب رفع الحصانة عنه، ولا يجوز فى هذه الحالة اتخاذ أية إجراءات أخرى ضد العضو، إلا بعد صدور قرار من المجلس بالإذن بذلك طبقا لأحكام المواد السابقة. 

 

وهي ذات الضوابط التي نصت عليها المادة ( 30 )من قانون مجلس النواب الصادر عام 2014، والتي نصت علي أنه لا يجوز، في غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أي إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب في مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس. وفى غير دور الانعقاد، يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء. 

 

وأضافت تلك المادة أنه وفى كل الأحوال، يتعين البت في طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، وإلا عُد الطلب مقبولاً


ويؤكد الدكتور أيمن الزيني أستاذ القانون بجامعة حلوان أنه بسقوط الحصانة البرلمانية عن الأعضاء الذين لم يتم انتخابهم في المجلس الجديد، يمكن إقامة أي دعاوى قضائية ضدهم دون الحاجة إلى إذن من المجلس مالم تكون الدعوي الجنائية قد أنقضت بالتقادم. 

 

يقصد بالتقادم زوال الأثر القانونى لفعل أو إجراء معين بمضى المدة . ويطبق القانون فكره التقادم على الحقوق والدعاوى ، سواء فى مجال القانون العام أو المدنى أو الجنائي.

 

والتقادم فى المجال الجنائى على نوعين: تقادم للدعــــوى وتقادم للعقوبة، ويقصد به مضي مدة معينة على وقوع الجريمة دون اتخاذ السلطة المختصة أى إجراء من شأنه تحريك الدعوى الجنائيه قبل المتهم ، ويؤدى هذا الموقف السلبى إلى أنقضاء الدعوى ، وبالتالى أنقضاء حق الدوله فى محاكمه الجانى وعقابه.  

 

أما تقادم العقوبة فيقصد به مرور مده زمنيه معينه على صدور حكم بات بالعقوبه دون تنفيذه على المحكوم عليه ، مما يؤدى لأنقضاء الحق فى تنفيذ العقوبه قبله، ويقول الزيني إن الحكمة من نظام التقادم كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائيه ، تكمن في نسيان الجريمة وضيـــــــاع الأدلــه وتحقيق الأستقرار القانوني. 

 

واستثنى المشرع المصري بعض الجرائم من الخضوع لهذا النظام ، أخصها جرائم التعدي عليالحقوق والحريات العامه وحرمه الحياه الخاصه ، وكذا الجرائم المنصوص عليها فى المواد 117 ، 126 ، 127 ، 282 ، 309 مكرر من قانون العقوبات ، وهي جرائم أستخدام الموظف العمومى العمال سخرة فى عمل للدوله أو إحدى الهيئات العامه أو أحتجاز أجورهم  ، وجريمة تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف، وجريمة عقاب المحكوم عليه بعقوبة أشد من العقوبه المحكوم عليه قانوناً بها أو بعقوبه لم يحكم بها، وجريمة القبض على شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك، وفى غايه الأحوال المصرح بها او القبض على شخص بدون وجه حق وتهديده بالقتل او تعذيبه بدنياً ، وجريمة الإعتداء على حرمه الحياه الخاصه للمواطنين بواسطه أستراق السمع أو تسجيل أو نقل الأحاديث التى تجرى فى مكان خاص أو عن طريق التليفون أو ألتقاط صوره شخص فى مكان خاص وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه  ، وجريمة من أذاعة أو تسهيل أذاعه أو استعمال ولو فى غير علانيه تسجيل أو مستند متحصلاً عليه بأحدى الطرق المبينه فى الماده 309 مكرر ع وكان ذلك بغير رضاء المجنى عليه ، وجريمةأفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بأحدى الطرق المشار اليها فى الماده 309/1 مكرر (أ) لحمل شخص على القيام بعمل أو الأمتناع عنه.

 

كما أستثنى القانون رقم 97 لسنه 1992 جرائم الأرهاب من تطبيق نظام تقادم الدعوى الجنائيه . كما أستثنى القانون رقم182 لسنه1960 والمعدل بالقانون رقم 40 لسنه 1966والقانون رقم 16 لسنه 1973 فى شأن مكافحه المخدرات وتنظيم أستعمالها والأتجار فيها الجنايات المنصوص عليها فى هذا القانون والتى تقع بعد العمل به ، فيما عدا نص الماده 37 من هذا القانون . 

 

لا تعرف التشريعات الجنائيه ميعاداً واحداً للتقادم يسرى على جميع الجرائم بمختلف أنواعها وأنما تقرر تدرجه وتباينه تبعاً لنوع الجريمة وقد أخذ المشرع المصرى والفرنسى والبلجيكى بمبدأ تدرج ميعاد التقادم وفقاً لنوع الجريمة محدد لكل من الجنايات والجنح والمخالفات ميعاداً خاصاً تنقضى به الجريمة ويضيف الزينى ان هناك بعض التشريعات لم تقتصر على تحديد ميعاد التقادم وفقاً لنوع الجريمة فحسب وأنما ذهبت الى تصنيفه تبعاً لجسامه الجريمة ذاتها.

 

مثال ذلك قانون العقوبات الألمانى الصادر في عام 1870 ، حيث نصت الماده 67 منه المعدله بقانون 4 أغسطس سنه 1953 على أن الجنايات المعاقب عليها بالأشغال الشاقه المؤبده يحدد ميعاد التقادم لها بعشرين عاماً فإذا تعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بعقوبه مقيده للحريه يتجاوز حدها الأقصى عشر سنوات يكون ميعاد التقادم لها خمس عشر سنه ، فإذا كانت العقوبه أقل من ذلك يكون ميعاد التقادم عشر سنوات ، وفى الجنح يقدم ميعاد التقادم بخمس سنوات إذا كانت العقوبه المقرره قانوناً للجنحه هى الحبس الذى يتجاوز حده الأقصى ثلاث شهور ، وبالنسبه لباقى الجنح يقدر ميعاد التقادم بثلاث سنوات . أما بالنسبه للمخالفات فميعاد تقادمها يقدر بثلاثه شهور . 

 

كذلك الحال في قانون العقوبات النمساوى الصادر في عام 1852 ، وقانون العقوبات الأثيوبى الصادر في عام 1957 ، وقانون العقوبات الأيطالى الصادر في عام 1930 ، إذ حددت هذه التشريعات مواعيد مختلفه للتقادم وفقاً لجسامه العقوبه المقرره للجنايات والجنح ولم تحدد لها ميعاداً موحداً وفقاً لنوع الجريمة.   ويتابع الزينى  انهبالنسبه للمشرع المصرى فقد أعتنق مبدأ تدرج مواعيد التقادم وفقاً لطبيعة الجرائم ، فنص على أن تنقضى الدعوى الجنائيه فى مواد الجنايات بمضى عشر سنوات من تاريخ وقوع الجريمة ، وفى مواد الجنح بثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة ،  وفى مواد المخالفات بمضى سنه من تاريخ وقوع الجريمة مالم ينص القانون على خلاف ذلك ( ماده 15 إ. ج ) ، وأعتنق قانون الأحكام العسكريه أيضاً هذا المبدأ فنص عليه فى الماده 64 على نحو يطابق الماده 15 أ.ج.  

 

وقد حدد القانون لتقادم الدعوى الجنائيه فى بعض الجرائم مدد تختلف عن المدد المبينه فى قانون الإجراءات الجنائيه ، ومثال ذلك ما نصت عليه الماده 50 من القانون رقم 73 لسنه 1956 فى شأن مباشره الحقوق السياسيه على أن تقادم الدعويين العموميه والمدنيه فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون المذكور يكون بمضى سته أشهر من يوم إعلان نتيجة الأنتخاب أو الأستفتاء أو من يوم أخر عمل متعلق بالتحقيق.


كذلك الحال في القانون رقم 66 لسنه 1955 الخاص بنظام المجالس البلديه ، والذي نصت الماده 76 منه على أن الدعويين العموميه والمدنيه فى جرائم الأنتخاب تسقط بمضى ثلاث شهور من يوم إعلان نتيجة الأنتخاب أو من تاريخ أخر إجراء متعلق بالتحقيق فيما عدا الجرائم المنصوص عليها فى البندين أولاً وثانياً من الماده 70 والبند خامساً من الماده 72. 

 

وتكون العبره فى تحديد مدة التقادم اللازمه لأنقضاء الدعوى الجنائيه بالوصف الحقيقى للواقعه لا بالوصف الذى قد تعطيه لها خطأ النيابه العامه أو المدعى المدنى.

 

وتحسب هذه المده بالتقويم الميلادى وذلك تطبيقاً للماده 560 من قانون الإجراءات الجنائيه التي تنص على أن: (جميع المدد المبينة في هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادي).

 

 ويقول الدكتور حسن هيكل المحامى بالنقض والادارية العليا ان مده تقادم الدعوى بصفه عامه أقصر من مده سقوط العقوبه بالتقادم ، وعله ذلك أن تقادم العقوبه لا يكون إلا بعد الحكم البات بالأدانه ، وبهذا الحكم يكون حق المجتمع فى العقاب قد تأكد بعد أن كان متنازعاً عليه ، كما أنه من شأن صدوره أن يوجه نظر المجتمع إلى الجريمة فيتطلب لنسيانها حينئذ وقت أطول مما تستلزمه لو لم يصدر حكم فى الدعوى.

 

 اما بشأن مدة تقادم العقوبة فوفقا لنص المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية، تسقط العقوبة المحكوم بها فى جناية بمضى عشرين سنة ميلادية ، فيما عدا عقوبة الإعدام والتي تسقط بمضى ثلاثين سنة، وتسقط العقوبة المحكوم بها فى جنحة بمضى خمس سنوات ، وتسقط العقوبة المحكوم بها فى مخالفة بمضى سنتين"، أى أن مدة سقوط العقوبة فى الجنايات هى 20 سنة  فيما عدا عقوبة الإعدام فلا تسقط إلا بمضي 30 سنة، وفى الجنح 5 سنوات، وفى المخالفات 2 سنتين. 

 

واستبعد قانون الإجراءات الجنائيه نظام أيقاف مدة تقادم الدعوى الجنائيه ، حيث نص صراحة في الماده 16 منه على أنه ( لا يوقف سريان المده التى تسقط بها الدعوى الجنائيه لأي سبب كان). 

 

وإذا كان المشرع قد أستبعد أيقاف تقادم الدعوى ، فلم يرتب أثراً إلا أنه على العكس قد أعتد بأيقاف تقادم العقوبه فى الماده 532 إجراءات التى نصت علي أن يوقف سريان مده تقادم العقوبة كل مانع يحول دون مباشره التنفيذ ، سواء أكان مانعاً قانونياً أو مادياً ، ويعتبر وجود المحكوم عليه بالخارج مانعاً يوقف سريان المدة.

 

على أن هذه القاعدة قد لحقها أستثناء واحد في القانون رقم 69 لسنه 1953 الصادر فى 19 فبراير سنه 1953 ، والذى أضاف الماده 119 ع مكررة على باب أختلاس الأموال العامه والغدر بالمال العام ، والتي نصت علي أنه لا تبدأ المده المسقطه للدعوى العموميه المذكورة فى هذا الباب إلا من تاريخ أنتهاء الوظيفه مالم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك .