حرب الدهشورى.. أيقونة الجبلاية الفواحة

حرب الدهشورى
حرب الدهشورى

شوقى حامد

مشــوارى فى بـــلاط صاحبـــــة الجـــــلالـــة زاخر بالمواقف حاشد بالأحـــــــداث ملــــــيء بالعلاقات مع الكثير من الشخصيات.. لأنه طـــال لأكــثر مــن أربع حقـب زمنيــة.. فقــد اســـــتحق التســــــجيل واســـــتوجب التدوين.. وعــلى صفحــــات «آخر ساعة» أروى بعضا مـــن مشاهده.

كنت عاشقا للجيل الذهبى للترسانة الذى يترأسه اللاعب يوسف الدهشورى لوجود ثلاثة نجوم موهوبين من زملائى وهم إبراهيم الخليلى زميل الأورمان الإعدادية ومحمود حسن زميل السعيدية الثانوية وحمدى عبدالفتاح النقيب بكلية الضباط الاحتياط.. وكان من الطبيعى أن أتعرف من خلالهم على  يوسف الدهشورى الشهير باللواء حرب الذى ما إن عرفته فى حقبة السبعينيات إلا وتوطدت علاقتى به وتعمقت وشائجى معه لدرجة أكثر من زملائى الذين ذكرتهم فى البداية.. فحرب كما أعرفه رجل خلوق شهم مهذب خدوم لا يضن بجهد ولا يبخل بسعى لمساعدة كل من يلجأ إليه أو يطلب معونته.. ولقد أسعدتنى  أقدارى لأن أرافقه فى عدة رحلات مع المنتخب خارج البلاد ولمدد ليست بالقصيرة، وأشهد أن الرجل كان على  فطرته السوية ونشأته التربوية فى كل هذه الأسفار بالرغم من موقعه القيادى كرئيس للبعثة بوصفه من قيادات الجبلاية.. تدرج حرب الدهشورى   فى المناصب العامة الرياضية والشرطية وبلغ منتهاها.
بدأ كلاعب ثم كابتن للترسانة والمنتخب ثم عضو معين فى مجلس إدارة الجبلاية عن هيئة الشرطة ثم وكيلا للمجلس فرئيسا معينا ومنتخبا.. أما فى الداخلية فقد كان ضابطا متميزا فى كل المواقع الشرطية التى أنهاها كرئيس لاتحاد الشرطة الرياضى بعد أن خدم فى إدارة شئون ضباط  الداخلية لما له من مقومات وملكات لايتحلى بها إلا القليل من أقرانه.. اتفقت مع الكابتن حرب فى الكثير من الآراء والتوجهات.. وحتى عندما اختلفت معه لم يبد غضبه أو يقطع صلته وإنما ظللنا على نفس الحميمية التى دائما ما تجمعنا منذ أن عرفته وحتى الآن.. ففى إحدى الأسفار لى مع المنتخب وكانت إلى غانا ناشدنى أن أترفق فى نقد المدير الفنى الرومانى رادولسكى لأنه ليس فى مقدوره أن يبدله فى هذا الوقت.. غير أننى   عندما خابرت الرجل على الطبيعة وجدته ليس لديه أى قدرة على الإبداع وأنه عاجز عن إضافة أية بصمات فنية فلم أتردد فى المجاهرة بضرورة إقصائه من موقعه وكان د.فاروق عبدالوهاب عضو مجلس الإدارة ورئيس بعثة المنتخب شاهدا على صدق تقييمى له فلم يكن من اللواء حرب ـ رئيس الجبلاية  حينذاك ـ إلا أنه عقد اجتماعا فوريا وقرر إقصاءه.
ولحرب مواقف عديدة تعكس مدى نقائه ونزاهته وحرصه على احترام الذات من خلال احترامه للآخرين.. فمهما واجه من عنت فى تعاملاته مع رفقاء الدرب الرياضى غير أنه لم يكن ليقبل أو يسمح بالمساس بهم فى  غيبتهم.. كنا نلتقى كثيرا فى مكتبه بالاتحاد وكان يشاطرنا تلك الجلسات المشبعة بعض أعضاء المجلس من أصحاب الخلفيات الرياضية أمثال الكابتن محمد السياجي.. وفى إحدى المرات تعرضت أنا للنقد من أحد المديرين العاملين بالجبلاية لكونى شديد الاحترام لدرجة التقديس على حد كلمات الرجل.. للكابتن عبده صالح الوحش مربى الأجيال وأستاذ الأساتذة.. وقبل أن أهم بتعنيف هذا الدخيل بادر اللواء حرب وبعنف بإسكاته ورفض مجرد الوقوف بجوارنا آمرا إياه بالانصراف لأنه لا يقبل تناول الكابتن الوحش بهذه المهاترات.
وللكابتن حرب بصمات غائرة فى  تطوير وتحديث الكرة المصرية من خلال الاهتمام بمتنخبات الناشئين والشباب وانتقاء مدربين أكفاء لهذه المرحل السنية ووضع برامج واستراتيجيات ثابتة يطبقها الرؤساء المتعاقبون على الجبلاية.. وللكابتن حرب تقليد متفرِّد لم ينقطع إلا فى العامين الماضيين فقط.. فقد كان حريصا على  دعوة بعض الشخصيات الرياضية التى يكن لها الاحترام والحب على إفطار رمضانى فى نادى ضباط الشرطة بالجزيرة.. ويتبادل مع الجميع الحديث والحوار فى  صفاء ورفاء، وكعادته ينتقل بين مجموعات الحاضرين كنسمة منعشة خفيفة الظل.. وقد رفض اللواء حرب تلبية دعوة بعض القيادات الرياضية لتولى أية أعمال تنفيذية مفضلا الراحة والمتابعة عن بعد، وكانت آخر تلك الإسهامات رئاسته للجنة تحديث وتطوير اللوائح والقوانين الرياضية لتواكب التطور المذهل الذى واكب الساحة العالمية فى الفترة الأخيرة.