بعد تأجيل معرض الكتاب.. «السوق الإلكتروني» بشائر العام الجديد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعد‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬تأجيل‭ ‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولى‭ ‬للكتاب‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا،‭ ‬ليتغير‭ ‬موعده‭ ‬من‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬إلى‭ ‬30‭ ‬يونيو،‭ ‬ثار‭ ‬جدل‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬الناشرين‭ ‬والمؤلفين‭ ‬المتضررين‭ ‬والمحرومين‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬كبير‭ ‬ينتظرونه‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فكان‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬بديلة‭ ‬للعبور‭ ‬من‭ ‬الأزمة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬اقتراح‭ ‬إقامة‭ ‬سوق‭ ‬نشر‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬موعد‭ ‬الدورة‭ ‬فى‭ ‬يناير،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬منصة‭ ‬إليكترونية،‭ ‬توفر‭ ‬للقارئ‭ ‬والناشر‭ ‬التواصل‭ ‬وتحديد‭ ‬وسائل‭ ‬البيع‭ ‬والشراء‭ ‬عبر‭ ‬موقع‭ ‬تقيمه‭ ‬هيئة‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬المعلومات‭ ‬الدولية‭» ‬‮‬الإنترنت«‮‬،‭ ‬وربما‭ ‬إقامة‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬الثقافية.

هذا الاقتراح عرضناه على الناقد د.هيثم الحاج على رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الذى أوضح قائلا: نعمل منذ شهر أبريل الماضى على تصميم موقع يتيح خدمة التسويق، لكن فكرة إقامة معرض افتراضى فى توقيت المعرض الأصلى تبدو مستحيلة لأن الموضوع يحتاج إلى وقت لإنشاء منصة حقيقية، وفى الغالب سيحدث هذا ليس بصيغة معرض الكتاب، كبديل لتأجيل المعرض، لكن بصيغة منصة مستديمة لخدمة الناشرين فى مجال التسويق وتبادل الحقوق وخلافه، وهى منصة ضخمة تعمل على تنفيذها إحدى الشركات البارزة من أغسطس الماضى، ولن نتعجل ونطلق موقعا ضعيف المستوى، وقد أتاح لنا تأجيل المعرض الفرصة لإنشاء المنصة كما يليق أن تكون، ولابد من تجربة المنصة قبل إطلاقها، لتجيء بالشكل المأمول. 

نحتاج إلى وقت

وقد حاول محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب خوض تجربة مشابهة من خلال إقامة معرض افتراضى للناشرين العرب، ولكن جرى تأجيله مؤخرا بسبب مشكلات تقنية ويقول عن ذلك: "هذه النوعية من المنصات تحتاج إلى وقت وجهد كبير، لذلك قمنا بتأجيل معرض الاتحاد، أما بشأن معرض القاهرة الدولى للكتاب فأنا عضو فى اللجنة العليا، واقترحنا بالفعل إقامة منصة، وهيئة الكتاب تعمل على ذلك لكن يتطلب الأمر وقتا لإتمامه بشكل لائق، فلا يمكن الإسراع فى عمل يحتاج الى الوقت على حساب جودة المنصة وقدرتها على العمل، كما لا يمكن اللجوء إلى منصات أخرى قائمة بالفعل لإقامة معرض دولى، نحن نحتاج لتواجد منصتنا الخاصة المناسبة لمعرض بقيمة معرض القاهرة الدولى للكتاب".

عالم المعارض الافتراضية

نجاح فكرة المنصات الافتراضية لتسويق الكتب تعتمد على عدة جوانب يطرحها د.زين عبد الهادى أستاذ المكتبات قائلا: "الحقيقة أن تنظيم معرض افتراضى لا يمكن بحال من الأحوال أن تقوم به جهة واحدة، خاصة فى ظل انتشار الكورونا، وأصبحت المعارض الشهيرة كمعرض فرانكفورت مثلا تقدم معارضها الافتراضية بعد وقوع أوروبا والعالم كله ضحية لهذا المرض الفتاك، المعرض الافتراضى يوفر ما يعرف بمنصة أو برنامج حاسب ضخم يمكن الدخول عليه من على الإنترنت مجانا عادة، لكى يقوم كل من الناشر والمؤلف وضيوف المعرض والقراء بالتجول فى هذا المعرض، من مشاهدة أغلفة الكتب وقراءة بعض نصوصها، ولقاء مؤلفيها، وحضور جلسات المعرض المنقولة على الإنترنت من منصات أصغر تحت المنصة الرئيسية.

ويقوم المؤلفون وهم فى منازلهم بتقديم تجاربهم مع الكتابة، ويقوم الناشرون بعرض كتبهم وأسعارها وطرق توصيلها إلى المكتبات والقراء سواء كانت هذه الأعمال ورقية أو رقمية، والقارئ أيضا من منزله يمكنه الحصول على نسخته، ولا يقتصر الأمر على ذلك، فالمفترض أن المعرض تعقد فى صفقات ضخمة بين الناشرين لتوزيع هذه الأعمال، أو إبرام صفقات بين الناشرين والمكتبات العامة والجامعية وغيرها، دون الحاجة للانتقال أو السفر، بمعنى أن الإنترنت أصبحت تمثل بيتا ضخما لكل هؤلاء وهذا ما نعنى به مصطلح «الافتراضية»، إنه لم يعد مهما أن تحضر بجسدك وشخصك المادى هذه المعارض بل وأنت فى بيتك تشترى وتتجول بين رفوف الناشرين بالمعرض، وتحضر الجلسات وتقابل المؤلفين وتتفق مع الناشرين، ولكن بشرط أن تسجل حضورك فى هذه المعارض وفق الشروط التى يضعها أصحاب المعرض الافتراضى، وذلك من خلال هاتفك الذكى أو من خلال اللوحى "التابلت" أو الحاسب المحمول "اللابتوب" أو جهاز الحاسب المنزلى الخاص بك، إنها أمور فى غاية السهولة، كما أن ذلك يمكنك من حضور المعرض مهما كانت لغتك، فيمكنك تحويل لغة التطبيق للعربية أو الإنجليزية أو الفرنسية أو أى لغة تريدها، مما يعنى أيضا أنه ليس شرطا أن تحضر معرضا فى دولة أجنبية وتجيد لغتها.

التسويق الاحترافى

ويتفق شريف بكر عضو اتحاد الناشرين الدولى على فكرة إقامة المعرض افتراضيا موضحا: "الناشر أهم جانب بالنسبة له فى أى معرض هو القدرة على ضخ مبيعات تساعده على استكمال دورة النشر، ليستطيع إنتاج المزيد من الكتب، فتأجيل المعرض إلى شهر يونيه أدى إلى مشكلة كبيرة لصغار الناشرين الذين يعلقون نشاطهم فى الغالب إن لم يتوقفوا عن الإنتاج تماما، وكان اقتراحى وربما يتبناه اتحاد الناشرين إن كانت هيئة الكتاب لم تكمل منصتها بعد، أن يتم الاتفاق مع المواقع التى تبيع الكتب بالفعل، لأن تجربتنا فى التسويق هو صعوبة توصيل الكتب عن طريق الإنترنت، فأنا مؤمن بأن المنصات المحترفة تستطيع الوصول بشكل أفضل وأسرع، فالقارئ فى العادة يكون مستعدا للشراء فى فترة المعرض أكثر من غيرها، فتوفير الفرصة خلال موعد المعرض القديم للتسويق على الإنترنت وتوفير الخصومات، والأفكار القيمة سهلة لكن نجاح الفكرة مرهون بوجود شركة متخصصة فى التسويق " الإليكترونى" تتولى تسويق المعرض، فهناك معرض تقيمه هيئة الكتاب فى الأوبرا لا يعرف أحد بوجوده، فالتسويق الاحترافى هو العامل الأساسى لنجاح الفكرة وليست النوايا". 

وترى الأديبة ضحى عاصى أن تجربة إقامة المعارض من خلال منصات إيجابية فى حدود متلقيها وتضيف: "هذه النوعية من المعارض ستصل إلى شريحة معينة هى التى تتعامل من خلال وسائل التكنولوجيا، وهى لا تمثل كل الشعب المصرى، لكن إذا كان هذا هو المتاح بسبب أزمة كورونا فلا مانع من ذلك، مع الوضع فى الاعتبار أنه ليس بديلا أو حلا لأزمة التوزيع بشكل كامل، كما أن جزءا من متعة المعارض أو الاحتقاليات الثقافية الكبرى هو التجمع والحضور والتفاعل، فإذا تحولت مدارسنا ومعارضنا وحياتنا كلها إلى المجال الافتراضى، فلن نعيش حياة اجتماعية سوية ولن نتواجد فى مناخ صحى، كما أن المنصة موجهة للقارئ المحترف الذى يركز على الكتاب فقط، ولا تعنيه الحالة العامة التى تخلق متعة إلى جانب التسويق للكتاب، وعلى كل الأحوال هو ظرف خاص، والتجربة هى من ستحكم".

قابلية‭ ‬القارئ

 وفى الختام سألنا الأديب إبراهيم عادل المسئول عن إحدى الصفحات المعنية بالقراء على مواقع التواصل الاجتماعى عن مدى قابلية القارئ المصرى على التفاعل مع هذه الفكرة فقال: "لم أسمع عن الفكرة من قبل لكن أرى أنها لو تم عمل منصة إليكترونية جيدة ستكون فكرة عظيمة، فنسبة كبيرة من المستهدفين موجودة على الإنترنت، وأعتقد أن نجاحها سيكون مرهونا بالترويج للكتب، وإجراء خصومات حقيقية، وضمان توصيل سريع للكتاب، والعامل الأساسى لنجاح الفكرة هو الصدق والسهولة فى التعامل والأسعار الجيدة، فمن بداية كورونا وهناك تعامل أكبر مع البيع "الإليكترونى"، وربما لن تكون المنصة حلا لكل المشاكل لكنها ستكون وسيلة مناسبة للتعامل مع الواقع".