ورشة نجارة بمقبرة أثرية.. كيف صنع المصري القديم التماثيل الخشبية؟

صورة توضيحية
صورة توضيحية

كشف الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية، عن تفاصيل نموذج لورشة نجارة وجدت بمقبرة «مكتري» بطيبة، ويعود لـعصر الدولة الوسطى وبالتحديد بالأسرة الثانية عشر 1981-1975 ق.م . 

شاهد أيضا : الأسماك ضمن غذاء المحاربين في مصر القديمة

وأضاف "دقيل"، أن نموذج يُظهر بعض النجارين في ورشتهم؛ وهم مشغولون بالنجارة بمختلف أنواعها، فنرى نجارا في المنتصف ينشر قطعة من الخشب؛ بينما يعمل آخرون حول الجوانب ممسكين بمعاول. 

وفي المنتصف يجلس عامل؛ ويستخدم مطرقة وإزميل لعمل فتحات، وفي الزاوية، اجتمع عدد من الرجال حول نار لإعادة تشكيل الشفرات المعدنية لأدواتهم، وهذا النموذج الرائع يوجد الآن في المتحف المصري بالقاهرة.

وشهد العصر الفرعوني العديد من الأدوات القيمة التي اعتمد عليها المصري القديم في جميع المجالات، سواء تجارة أو زراعة أو طب وغيرها. 

وتربع المصري القديم، على عرش الابتكارات والاختراعات التي ظلت باقية حتى وقتنا الحاضر، كشف الدكتور نور محمد بدر أخصائي ترميم الآثار الملونة والمذهبة معقدة التركيب في المتحف المصري الكبير حقائق ومعلومات مثيرة عن تقنيات وأدوات النجارة الخشبية في العصر البطلمي، من خلال الدراسات الأركيومترية لغطاء تابوت «Somtus son of Ihmos».

وصحب ذلك التقدم الكبير في أسلوب الصب المستخدم، زيادة الصلابة وبالتالي زيادة طول السلاح القاطع مما أدى إلى زيادة فاعلية هذه الأدوات، والأدوات التي استخدمت في مصر القديمة معروفة جيدا من خلال الصور والنقوش الجدارية الموجودة على جدران المقابر والتي تمثل نوعياتها وطرق استخدامها في العصور المختلفة مثل مقبرتي ونفروكا. حاي بسقارة، واللذان يرجعان إلى الدولة القديمة ومقابر الدولة الوسطى ببني حسن (20- 3)، ومير مقبرة ببني عنخ، وفي العديد من مقابر الدولة الحديثة مثل مقبرة رخمى رع، هذا بجانب نماذج هذه الأدوات التي عثر عليها في المقابر في صورة كاملة أو على هيئة نماذج مصغرة والمحفوظة حالياً في العديد من متاحف العالم وكذلك ورش النجارة التي عثر عليها في بعض المقابر مثل مقبرة ميكت رع التي ترجع إلي الدولة الوسطي.

صناعة التماثيل الخشبية: 

وبالرغم من بساطة هذه الأدوات وقلة عدادها إلا أن الصانع القديم أجاد استخدام يتوافق مع احتياجات ومتطلبات العمل الفني المكلف به، فأخرج لنا العديد من الأعمال الفنية التي تتميز بجودة الصانع وبراعة التصميم والإخراج ويمكن حصر أهم الأدوات التي استخدمها الفنان المصري في العمليات المختلفة المرتبطة بصناعة التماثيل الخشبية فيما يلي: 

1- البلطة "الفأس"
استخدمت بلطة النجار في مصر القديمة في أعمال تشغيل الخشب بداية من قطع الأشجار بالمقاسات المطلوبة إلى إعدادها لعمليات أكثر تعقيدا في ورش النجار، وهي أداة أكثر ثقلة من بلطة الحرب وتتكون من جزئيين الجزء الأول يد خشبية أقل في الطول وأكبر في السمك من يد القدوم، مما يزيد عن قوى الدق وفاعلية تأثير البلطة على الخشب، أما الجزء الثاني فهو السلاح المعدني الذي يصنع من النحاس ثم البرونز وفي العصور المتأخرة أصبح يصنع من الحديد، وكان ذو سطح مستوٍ نتيجة لصبة في قوالب الرمل المفرغ أما الحافة القاطعة، فكانت تطرف من كل الجانبين نتج لسلاح بلطة مشطوف من الجانبين بعكس سلاح القدم الذي كان يستخدم من جانب واحد فقط وثبت السلاح المعدني برأس اليد الخشبية عن طريق استقراره داخل تجويف طول فيها ثم الربط بسيور من الجلد الطري والتي عند الجفاف تنعكس لتجمع أجزاء البلطة معا بأحكام ولزيادة تثبيت السلاح باليد كانت تصنع ثقوب نافذا بجوار دافعة السلاح الملاصقة لليد بجانب نتؤين متماثلين بكل من طرف هذا الجانب مما يزيد من أحكام عمليات الربط. 

وقد تم تصنيف البلط إلى 3 أنواع بناء على الأسلوب المستخدم في تثبيت السلاح باليد:  
1- بلطة ذات سلاح بسيط دائري لا يستعمل على وهي الاكثر نوعا واستخداما خلال عصورالأسرات. 
2- بلطة ذات سلاح يشتمل علي نتؤين ثبتين ببد البلطة. 
3- بلطة ذات سلاح يشتمل على فتحات أو تجاويف تسمح لليد بالمرور خلالها. 

2- القدوم 

من الأدوات متعددة المنافع في مصر القديمة إذ استخدم في العديد من الأغراض من الأخشاب لتسوية الألواح الخشبية بجانب التشكيل الأولي لسطح الخشب، ويتكون القدوم من فأس خشبي تتقابل ضلعاه معا مع زاوية حادة، حيث يستخدم الضلع الطويل كقبض بينما يربط في الضلع الصغير نصال المعدات الحادة، نحاس، برونز والتي كانت تثير في موضعها بالمقبط بواسطة حبل ملفوف أو سيور من الجلد في أحيانا متعددة كان الدخل يثبت في هذه الإدارة دون ربط. 

3- المنشار
يعتبر المنشار من أهم الأدوات التي استخدمها الصانع المصري القديم، إذ كان الوسيلة المناسبة لقطع الأخشاب الأطوال المطلوبة حيث كان يقبض الصانع على المقبض المثبت من ناحية واحدة بينما يعمل الطرف الآخر على قطع الخشب.

4- المسن 
استخدم الصانع القديم لسن الحد القاطع لأدوات النجارة مسن مصنوع من الاردواز، في إحدى نهايته ثقب نافذة، يستخدم العمل لتعليقه في ورشة العمل، وبفحص المسن القديم يلاحظ أن الجزء الأوسط من السطح أقل في السمك عن باقي الجسم ويرجع ذلك لتآكله نتيجة تكرار الاستخدام.


5- إناء حفظ للزيت 
وهو المساعد في عمليات سن سلاح العدة، وكان الصانع يضع كمية قليلة من الزيت على حجر السن، وهو من أفضل الوسائل التي استخدمت لحفظ هذا الزيت إناء مصنوع من قرن حيوان مجوف يغلق من النهاية الواسعة بسداد مستدير من الخشب، تلتصق بموضعها بأحكام، بينما الطرف الآخر ثبت به جزء خشبي مشكل على شكل محلقة ويربط بكل من نهايته حبل لتغليفه على جدران ورشة العمل.
 
6- أدوات العلام 

وهي أدوات كانت تستخدم لتعليم الخطوط المطلوبة على الأخشاب بحيث يقوم الصانع بقطع أو تشكيل الخشب فوق هذه العلامات ليحصل على النتيجة المطلوبة وتصنع من يد من الخشب الطري، يثبت بها نصل صغير من المعدن نحاس ثم برونز ذو نهاية مشكلة في اتجاه الداخل.
 
7- المصقلة
لم تعرف الفارة في مصر القديمة لذا كان يستخدم في عمليات ثقل الخشب واكتسابه سطحا ناعما، قطع صغيرة من الحجر ذات حجم مناسب للاستخدام باليد، وكانت تصنع عادة من حجر اسفنجي خفاف أو حجر رملي ناعم دقيق الحبيبات، يستخدم بالحك في اتجاه ألياف الخشب حتى لا يسبب له الضرر، وفي بعض الحالات كان يرطب أو يبلل بالزيوت ولزيادة تأثير قطعة الحجر في عمليات الصقل، كانت تستخدم بعد أكثر من المواد الحكاكة مثل الرمل على سطح الخشب، وفي هذه الحالة كانت تعمل كبديل للمبرد المستخدم حاليا.