صباح جديد

مسك الختام .. وبشاير البدايات

أحمد جلال
أحمد جلال

كل عام وأنتم بخير..
أخيراً انتهت 2020.. وأمس استشرفنا نسمات عام جديد.. ورغم أنها ولدت من رحم عام صعب ودعنا بلا رجعة.. ورغم ما كان به من آلام، إلا أن تلك النسمات تأتينا محملة بآمال وأحلام كبيرة.. هذا الكلام ليس بأمانى بقدر أنه ثقة فى البلد بالكامل.. رئيساً وحكومة وشعباً ومؤسسات وطنية تعمل ليل نهار حتى يهنأ هذا الوطن ويعيش شعبه فى أمان وسلام.

 لقد مرت مصر، بل البشرية كلها بعام ربما كان من أصعب الأعوام فى التاريخ.. وطالت ضرباته الموجعة ونالت بشدة من دول عاتية وأنظمة قوية.. وراحت اقتصاديات راسخة تترنح تحت رحمة فيروس ضعيف فاجأ الجميع وأربك كل الحسابات.. لكن رغم ذلك كانت تلك الأزمة شهادة ميلاد جديدة لمصر.. أكدت ثباتها واستقرار اقتصادها، وقوة نظامها وخططه لتحديث مصر وإحداث نقلة نوعية وحضارية فى حياة المصريين.. فقد نجحت مصر ببراعة فى مواجهة التداعيات الخطيرة لانتشار فيروس كورونا.. ونالت إشادات دولية عديدة اعتبرت مصر من أنجح الدول فى مواجهة الأزمة.
وإذا كان البنك الدولى هو أحدث تلك الشهادات بالتقرير الذى أصدره وأكد فيه أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الجرىء، الذى أطلقته الحكومة المصرية بخلاف سلسلة القوانين الجديدة، التى تستهدف تحسين الإطار التشريعى والتصدى للتحديات طويلة الأمد فى بيئة الأعمال قد أسهما فى تعزيز الاقتصاد الكلى وتحسين ثقة المستثمرين، فإن هناك عدة تقارير دولية بنفس الأهمية لصالح اقتصادنا ومنها تقارير لوكالات «موديز»، و«جولدمان ساكس»، و«كابيتال إيكونوميكال»، و«هيرميس»، فضلًا عن صندوق النقد الدولى.. جميعها أكدت أن الاقتصاد المصرى كان ضمن أفضل 10 اقتصادات فى العالم واجهت أزمة كورونا بسبب صلابته وقوته وحسن تخطيطه.
 نظرة للأمام
وهنا لست فى مجال الحديث عن كلام ربما كان معادا ومكررا عن الأداء الأكثر من ممتاز لمصر على كل المستويات فى مواجهة الأزمة منذ اندلاعها، والذى أكد بما لا يدع مجالا لأى شك أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يضع كرامة المصريين وسلامتهم أينما وجدوا على رأس أولوياته ويبذل فى سبيلها أى ثمن مهما بدا باهظا، لكنه يهون أمام صالح شعبنا.. كما أكد كذلك أن جميع أجهزة الدولة تنفذ الرؤية الثاقبة للرئيس السيسى على جميع الأصعدة للنهوض بمصر.
كما قلت، فالكلام على نجاحات الدولة فى عام كورونا واضح وجلى ومعلوم للجميع.. لكن هنا أريد أن ننظر للأمام.. لنبدأ العام الجديد بأمل وتفاؤل مبنى كما قلت على شواهد عديدة، فلا شك أن الموقف فيما يخص الفيروس اللعين وانتشاره وتأثيراته لا يزال غامضا رغم بدء حملات تطعيم دولية ضده، ومصر من أوائل الدول التى حصلت على اللقاح.. لكن لدينا فى مصر الكثير والكثير الذى يدعونا للتفاؤل ويشعرنا بالطمأنينة ليس بتكرار نجاح مواجهة أزمة كورونا، بل إن شاء الله مضاعفة هذا النجاح.
 وبنظرة سريعة على ما تقوم به حكومة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء.. نراها ليست مشغولة فقط بمواجهة الفيروس وحماية المواطنين منه.. لكنها تسابق الزمن لإنجاز مشروعات عملاقة وخطط قوية بمختلف المجالات.. وتدرك الحكومة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى ينتظر منها الكثير والكثير.. ولا يكتفى الرئيس بتقارير الحكومة حول معدل إنجاز المشروعات.. إنما ينزل بنفسه لمتابعة الوضع على أرض الواقع والاطمئنان على معدلات التنفيذ العالية لخطط تطوير وتحديث مصر.. فهل مر علينا أسبوع دون جولة ميدانية أو أكثر للرئيس بمواقع العمل.. بجانب الاجتماعات اليومية المكثفة لمتابعة كل الملفات.
 فالحكومة تواصل الليل بالنهار استعداداً لإتمام مشروعات أصغرها عملاق وأقلها ضخم.. ورغم استمرار المخاوف من الفيروس وضرباته.. فجميعنا ينتظر افتتاح العديد من المدن الجديدة من العلمين للجلالة لمدن بجميع المحافظات مع تأكيدات ببدء العمل خلال شهور بدرة تاج تلك المدن الوليدة.. إنها العاصمة الإدارية الجديدة، التى ستحدث نقلة نوعية لمصر وحكومتها وشعبها يفخر بها أمام العالم أجمع.. والحركة بالقاهرة الكبرى لا تهدأ سواء بمتحف الحضارات استعداداً لوصول أجدادنا ملوك التاريخ.. أو المتحف الكبير المستعد لإشارة البدء ليبهر العالم أجمع.. وبدء تطوير القاهرة الخديوية.. لمشروعات مترو الأنفاق، التى تمتد فى صمت تحت أقدامنا بعدة مناطق بالقاهرة الكبرى .. فضلاً عن استمرار العمل بكل المحاور والطرق العملاقة بمختلف أنحاء الجمهورية.. والعمل الذى لا يهدأ لتوفير سكن لكل مواطن يحتاجه على أرض مصر المحروسة.. ومشروعات صناعية وزراعية وثقافية ورياضية وغيرها.
وفى عز أزمة كورونا دعونا ننظر للاجتماعات الأخيرة للرئيس السيسى، التى ناقشت عدة مشروعات قومية كبرى.. من دعم لا مسبوق للنهوض بالصناعة الوطنية.. وما يتم بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وتكاملها مع خطط توطين الصناعة بمصر.. وخطة تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة.. والتجهيز للمحطة النووية بالضبعة.. ومشروعات الاستزراع السمكى.. ناهيك عن الجهود الدبلوماسية، التى لا تتوقف لتثبيت قوة وريادة مصر الإقليمية وحماية مصالحها المختلفة ومواجهة جميع التحديات الخارجية.
بالله عليكم.. هل هذا وضع دولة تخشى الفيروس أو ترتعد منه؟!
 مسك الختام
ثم جاء مسك ختام العام الصعب المنقضى.. ببشرى خير وبارقة أمل لحوالى 18 مليون مصرى..
إنه المشروع القومى العملاق المنتظر منذ عقود وربما قرون لتطوير القرى والعزب والنجوع والكفور بجميع أنحاء مصر المحروسة.. إنها المبادرة الرئاسية لتطوير القرى المصرية، التى ستتم بجميع القرى خلال 3 سنوات.. وقد أعطى الرئيس قبل أيام قليلة إشارة البدء للمرحلة الأولى من المبادرة وتخصيص مبلغ 500 مليار جنيه لتلك المرحلة، التى ستشمل 1500 قرية.
هذا المشروع، الذى وصفه السفير بسام راضى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بأنه طموح جداً وامتداد لمبادرة «حياة كريمة»، التى بدأت منذ سنة لرفع كفاءة وتطوير القرى على مستوى الجمهورية، وقال إن مبادرة «حياة كريمة» رفعت بالفعل كفاءة حوالى 400 قرية على مستوى مصر، إلا أن مبادرة الرئيس بتوسعة نطاق عمل «حياة كريمة» لتصل لكل قرى الجمهورية لتعمل على ثلاث مراحل، الأولى منها ستبدأ خلال أيام، وتهدف لتطوير 1500 قرية كما أعلن السفير بسام راضى.
وإذا كانت الإحصائيات تشير لوجود حوالى 4800 قرية بمصر.. فهذا الرقم خادع وأقل من الحقيقة بكثير.. فتلك القرى بها توابع من عزب وكفور ونجوع، أى أن المبادرة سوف تشمل عشرات الآلاف من التجمعات السكنية فى ريف مصر لتطوير جميع جوانب الحياة لأهالى تلك القرى، من البنية الأساسية، التى تشمل مياه الشرب والكهرباء والبيئة وتبطين الترع والإسكان والخدمات البيطرية وتدريب الشباب على كيفية اتباع أساليب مبتكرة لزيادة الإنتاج الزراعى والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أما الخدمات العامة التى تتضمنها المبادرة، فتشمل التعليم والصحة والتوعية للشباب والمرأة، لتصل إلى جميع جوانب الحياة.
 المبادرة التاريخية
ولن يتم العمل على تطوير تلك القرى بشكل عشوائى.. إنما من خلال أسس عديدة تشمل البدء بالقرى، التى تعانى من مشاكل فى المرافق وغيرها والبنية التحتية لأنها الأكثر احتياجا، وذلك بجميع المحافظات لتنتهى من كل القرى خلال 3 أعوام.
إن تلك المبادرة الكريمة من الرئيس عبدالفتاح السيسى ترسخ وتؤكد مفهوم التنمية الشاملة، التى يتبناها الرئيس فى خطوة غير مسبوقة فى تاريخ مصر وريفنا الطيب.. وكعادته.. ولأهمية تلك المبادرة فقد حرص الرئيس السيسى على الاجتماع باللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمرانى ليتابع بنفسه المخطط التنفيذى للمبادرة مطالبا ببلورة المشروع على مستوى الجمهورية فى سياق جهد متكامل ومنظم من قبل جميع الأجهزة الحكومية المعنية.
 أعتقد أن هذا الخبر السار كان مسك الختام للعام المنقضى.. وأفضل هدايا العام الجديد لأهالينا البسطاء بريف مصر، الذين عانوا لحوالى أربعة عقود من الإهمال.. فبعد مبادرة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتوزيع أراضى الإصلاح الزراعى على صغار الفلاحين.. فإن تلك المبادرة ستبدل جميع الجوانب الخدمية، والمعيشية، والاجتماعية وتغير حياتهم للأفضل.. ولعل تلك المبادرة غير المسبوقة أبلغ رد على كل المشككين والمتربصين بمصر وشعبها ومَن يسعون لاستقطاب البسطاء من أهلنا بالريف بأنهم بعيدون عن عقل وقلب الرئيس والحكومة.. ليأتى الرد العملى أن ريفنا بأهله الطيبين فى العين وعلى الرأس.