حصاد 2020.. فشل تركيا في إحياء برامج إنتاج المدرعات والطائرات محليا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهد عام 2020 انتكاسة خطيرة لمكانة تركيا في عالم إنتاج السلاح محليا بسبب سياسات النظام الحاكم في تركيا برئاسة رجب طيب أردوجان، فبعد أن ورث نظام أردوجان قاعدة إنتاج عسكرى قوية بنتها المؤسسة العسكرية التركية على مدار عقود وبددتها أطماع وطموحات أردوجان الإقليمية في أشهر، ثم جاء قرار أردوجان في عام 2017 بنقل تبعيتها من الجيش إلى الرئاسة التركية ليجهز على ما تبقى من قدرات التصنيع العسكري التركية. 

وبرغم دخول المال القطري عام 2018 فى شراكات مع تركيا لإنتاج السلاح من صندوق قطر الوطني للاستثمارات فشلت تركيا في إنتاج «مدرعة القتال الرئيسية – التاي» بعد عزوف شركائها الخارجيين عن الإسهام في هذا البرنامج بسبب سياسات أردوجان وتعاونه مع دول تدعم للإرهاب.  

وبحسب المراقبين.. يكشف عرض التمويل القطري لإنتاج المدرعة التركية عن مدى التعاون الحاصل بين المقربين من أردوجان والدوحة، حيث يشغل رجل الأعمال التركى المشارك فى المشروع ايثيم سانساك منصب المدير التنفيذى لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي يقوده أردوجان ، حيث تم إعلان الشراكة بين مؤسسته وصندوق الاستثمار القطري في فبراير عام 2018، وكانت الترتيبات تتم سرا بين الدوحة وأنقرة في هذا الصدد قبل ذلك بشهور. 

وقال مسئولون في وكالة التوريدات الدفاعية التركية التابعة للدولة إن عرض التمويل القطرى للمشروع حاول أن ينهي مساع تركية بدأت في عام 2017 للبحث عن شريك لتمويل وإنتاج للمدرعة «التاي» التي وضعت تركيا تصميمها الأول فى عام 2008 بمعرفة شركة أوتوكار التركية لإنتاج مركبات القتال وهي مؤسسة أعمال خاصة يرأسها ايثيم سانساك مقابل نصف مليار دولار أمريكي وكانت تركيا تأمل في إنتاج 250 مدرعة في مراحل الإنتاج الأولية ترتفع إلى 1000 مدرعة بعد ذلك، لكن الفساد أطاح بهذا الحلم . 

كذلك فشلت تركيا خلال عام 2020 في تنفيذ برامجها الوطني لإنتاج طائرات النقل العسكري محليا وهو البرنامج الذي أضاع فيه الأتراك مليارات من الدولارات وكانوا يزعمون أنهم قادرون على إنتاج طائرة نقل عسكرية وطرازات منها للاستخدامات المدنية، وبينت معلومات من دوائر التصنيع العسكرى التركية أن الحكومة التركية تتكتم الاعلان عن فشلها بعد طول ترويج له منذ عام 2015. 

والمقاتلة التركية المزعومة كان سيطلق عليها إسم «تي أر جى 28» وتسع 32 مقعدا للنسخة العسكرية، أما النسخة المدنية فتسع لعدد 70 مقعدا، وقد تفاوض الأتراك بلا جدوى مع مؤسسة سييرا نيفادا الأمريكية للطائرات على شراء حقوق الملكية الفكرية لهذا النوع من الطائرات التي ينتجها الجانب الامريكى بمسمى دورنيه 328 ودورنيه 628 بمحرك توربينى من طراز «تي ار 328 – 627» حسب كل طراز. 

واستثمر أردوجان عزلة قطر الإقليمية، حيث طلب من الدوحة تمويلا لإحياء مشروع قديم لإنتاج طائرات نقل تركية لاستخدامها في توريد الاحتياجات المعيشية لقطر، وبتمويل قطرى لجأت تركيا في العام الماضى إلى أوكرانيا بحثا عن شراكة إنتاجية لطائرة نقل عسكرى من طراز «إيه أن – 188» التي تسعى تركيا إلى إنتاجها وفشلت على مدى العامين الماضيين فى إيجاد شركاء داعمين له في هذا المشروع من حلف شمال الأطلنطي الذي تعد تركيا عضوا فيه. 

وتعد مؤسسة أنتينوف الأوكرانية العملاقة لإنتاج الطائرات هي المصنع الأصلى للطائرة «إيه ان – 188» وقد شاركت أنتينوف فب معرض الأناضول الأوروبي الآسيوى للطيران الذي استضافته تركيا في الفترة من الخامس والعشرين وحتى الثامن والعشرين من شهر أبريل من عام 2018 ومنذ المشاركة سعت أنقرة إلى نسج علاقاتها مع كييف بعد أن يأست في إيجاد شريك لها في إنتاج الطائرات. 

ويقول المراقبون إن العقوبات الاقتصادية المفروضة على قطر واعتمادها بصورة أساسية على الموردين الأتراك كان دافعا لأنقرة لإنتاج طائرات النقل الثقيلة من هذا الطراز ذو القدرة على الهبوط والإقلاع في كافة مسارع العمليات بما في ذلك ممرات الهبوط والإقلاع القصيرة التي يتراوح طورها ما بين 600 إلى 800 متر. 

لكن الطموح التركي في هذا الصدد انتهى بالفشل، فكما كان يتوقع المراقبون ظهرت مشكلة عدم تطابق الانتاج الأوكراني مع معايير حلف شمال الأطلنطي «الناتو» لطائرات النقل من هذا الحجم، حيث تعد تركيا بسبب انتمائها إلى الحلف ملتزمة بتلك المعايير في أي إنتاج عسكري. 

وبمقدور الطائرات «ايه ان – 188» قطع مسافات تصل إلى 7700 كم على ارتفاعات تصل إلى 12 ألفا و100 متر بسرعة 800 كم / ساعة، كما أن بإمكانها حمل حمولة قدرها 50 طنا بما فى ذلك معدات البناء والمروحيات وعربات نقل فصائل المشاة والدبابات والمدفعية ومواد الإغاثة و مهمات الإعاشة العسكرية والحاويات وإعداد تصل إلى 300 جندي لكل طائرة. 

وتؤكد كل الشواهد الخاصة بعلاقات تجارة الاسلحة وإنتاجها بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي قد باتت على المحك نتيجة السياسات العدوانية لنظام أردوجان إزاء جيرانه الأوروبيين وما أدى إليه من افتقادهم للثقة فى كون لأنقرة «شريك يوثق فيه وبالإمكان الاعتماد عليه».  

وترتب على ذلك صعوبات عديدة فى حصول شركات إنتاج السلاح التركية على احتياجاتها من قطع الغيار و المكونات التى يصنع بعضها في أوروبا أو التي تدخل التكنولوجيا الأوروبية المتقدمة «بحقوق حصرية» في انتاجها أو تطويرها، كما بات صعبا على تركيا بفضل السياسات التي ينتهجها نظام أردوجان الحصول على نظم التسلح الفرعية اللازمة لتطوير إنتاج دفاعي متطور قادر على المنافسة في الأسواق الدولية. 

فعلي سبيل المثال، أعلنت تركيا في العام الماضي عن قرب انتهائها من إنتاج أول مقاتلة نفاثة محلية الصنع «تى إف – إكس» وإطلاقها في الربع الأول من عام 2020، لكن وبسبب تردي أوضاع الاقتصاد التركي بات هذا الأمل بعيدا وعجزت المصانع التركية عن استيراد محركات تلك الطائرات من الخارج. 

كذلك أعلنت تركيا في العام الماضي عن انتهائها من بناء التصميم الأولي أول لدبابة قتال رئيسية أطلقت عليها مسمى «اليتاىي» وروجت لها كثيرا معلنة نية طرحها فى الأسواق العالمية مطلع العام 2020، لكن الفساد وتدهور الاقتصاد أعجز أنقرة عن توفير اعتمادات شراء محركات تلك الدبابات من الخارج. 

وفى العام 2019 بشرت أبواق الدعاية التركية باطلاق أول مروحية قتالية من إنتاجها المحلى وأطلقت عليها إسم «تي 129» وذلك مع بداية العام 2020 لكن واقع الحال المتأزم في تركيا أبقى تلك المروحيات فى حظائرها هياكلا بلا محركات وبلا كثير من المكونات الأخرى، حيث عجزت تركيا عن الوفاء بالتزاماتها المالية لشركائها في إنتاج تلك المروحية وهو تحالف أوجوستا ويست لاند الإيطالى والبريطاني المشترك الذي يدرس حاليا إلغاء تصريح الانتاج الذي حصلت عليه تركيا لإنتاج تلك المروحيات وهي من نوعية مروحيات المعاونة البحرية وعندما حاول أردوجان قبل أيام تدشين محرك محلي لتلك الطائرات أخفق المحرك في الدوران وهو ما أوقع أردوجان في حرج شديد أمام عدسات الإعلام وكشف عن عمق أزمة نظامه في الوفاء بما تعهد به.