ننشر حيثيات مجازاة مسئولين سابقين بالتضامن في وقائع الشذوذ الجنسي بدار إيواء 

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أكدت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، في حيثيات حكمها الصادر بمجازاة عدد من المسئولين السابقين بوزارة التضامن الاجتماعي والمسئولين عن إحدي دور الإيواء، في قضية الاعتداء الجنسي على أطفال الدار، أنه ثبت لديها حدوث حالات اعتداء وشذوذ جنسى بين الأطفال المقيمين في الدار،  وأن الأطفال الأكبر سنا من المراهقين قد مارسوا أفعال اللواط مع الأطفال الأصغر سنا كرها عنهم، الأمر الذي ألحق الأذى بهم بمنطقة الشرج على النحو المبين تفصيلا بتقارير الأطباء الذين قاموا بالكشف على هؤلاء الأطفال.

اقرا ايضا|السرقة الدافع وراء قتل «عجوز الفيوم»

وأضافت المحكمة، وإن حالات الاعتداء والشذوذ الجنسى بين الأطفال المقيمين في الدار لم تقتصر على بعض الحالات الفردية المحدودة وإنما شكلت ظاهرة عامة وحالة شائعة بين أطفال الدار، فبلغ عدد الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي وفقا للكشف الطبى الذي جرى إعداده بناء على توجيهات مدرسة هؤلاء الأطفال 34 طفلا، وبلغ عددهم وفقا للتقرير الطبي الذي جرى إعداده بناء على توجيهات النيابة الإدارية 41 طفلا.

وأدى ذلك أن حالات الاعتداء والشذوذ الجنسى بين أطفال الدار لم تكن أمرا خفيا مسكوتا عنه ظل في طى الكتمان، وأنما كانت أمرا معلوما جرى إثباته في الدفاتر والسجلات وأعدت بشأنه التقارير الطبية والمذكرات الإدارية، ووصل أمر هذه الاعتداءات إلى الصحافة الإلكترونية خلال عام 2014.

الأمر الذى ترتب عليه إرسال وزارة التضامن الإجتماعي أخصائي نفسى عقد جلسات استماع مع الأطفال وأعد تقريرا مؤرخا في 21/8/2014 أثبت فيه وجود حالات اعتداء وشذوذ جنسى بين الأطفال نزلاء الدار.

وتم عرض هذا التقرير على وزيرة التضامن الإجتماعي التي أصدرت تعليمات إلى المحالة السادسة والعشرين بإعادة هيكلة الجهاز الوظيفي والاجتماعي والنفسي بالدار ومراعاة التأهيل العلمي وضرورة توافر السمات الشخصية والقدرات المعرفية التي تؤهل التعامل مع الأبناء وضرورة عرض أبناء الدار على طبيب نفسي لعلاجهم وإجراء دورات تدريبية لهم بصفة دورية لتنمية مهاراتهم وتدعيم قدرات الجهاز الاشرافي بالدار .

كما تم إرسال رجل دين جلس مع الأطفال وبين لهم أن هذه العادة السيئة تمثل معصية لله عز وجل وحضهم على تركها، وذلك على النحو الثابت بأقوال الأخصائي الإجتماعي بالدار، وعادت الوزارة إلى إرسال فريق التدخل السريع بتاريخ 18/2/2017 للتفتيش على الدار. 

ومن حيث إنه لا ينال من ثبوت تفشى حالات الاعتداء والشذوذ الجنسى بين الأطفال من نزلاء الدار ما ورد بالتقرير الصادر عن مصلحة الطب الشرعي بوزراة العدل، بناء علي تكليف نيابة حوادث شرق القاهرة في القضية رقم 1914 لسنة 2017 بالكشف الطبي علي بعض الأطفال المجني عليهم في هذه القضية وعددهم سبعة عشر طفلا، الذى أثبت (عدم التبين بظاهر عموم جسم الاطفال المجني عليهم ثمة أثار أو معالم إصابية حديثة ولم يتبين ثمة أثار اصابية حديثة بفتحة الشرج او حولها أو ما يدل علي حدوث تكرار جنسي بهم). 

ذلك أن المحكمة هي الخبير الأعلى في الدعوى ولها التقدير الموضوعي لكافة عناصرها ولا تلتزم إلا بما تراه حقا وعدلا من رأي أهل الخبرة ولها أن تطرح ما انتهى إليه الخبير كله أو بعضه وفقا لما تقوم عليه عقيدتها ويطمئن إليه وجدانها .

 وقد أصبح من الثابت يقينا للمحكمة وقوع حالات اعتداء وشذوذ جنسى بين أطفال الدار، وذلك من خلال العديد من الإدلة سالفة البيان والتى تنوعت بين جلسات استماع مع بعض الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسى تم إثباتها رسميا فى الدفاتر المخصصة لذلك بالدار وتضمنت اعترافا من الأطفال بتعرضهم للاعتداء الجنسى، وتقارير تم إعدادها من قبل الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالدار تضمنت إثباتا لحالات الاعتداء والشذوذ الجنسى وإقرار من الأطفال بحدوثها وذيلت بعضها بتوقيع الأطفال وبصمات أصابعهم، وتقارير أخرى جرى إعدادها بمعرفة أخصائيين نفسيين قاموا بزيارة الدار بناء على تكليف من وزارة التضامن الاجتماعى تضمنت إثباتا بوقوع حالات الاعتداء والشذوذ الجنسى، وأصدرت وزيرة التضامن الاجتماعى على أثرها تعليمات لإعادة هيكلة الجهاز الوظيفي والاجتماعي والنفسي بالدار، فضلا عن التقارير الطبية سالفة البيان التى أثبتت جميعها بعد الكشف على منطقة الشرج لدى بعض أطفال الدار، بلغ عددهم 41 طفلا فى التقرير الطبى المعد بتكليف من النيابة الإدارية، حدوث تغييرات فى فتحة الشرج تدل عادة على ممارسة الشذوذ الجنسى.

وبذلك فقد تضافرت جميع هذه الأدلة لتكون عقيدة المحكمة في ثبوت تعرض  عدد لا بأس به من أطفال الدار للاعتداء الجنسي أو لممارسة أفعال الشذوذ الجنسي، بما يحول دون إهدار جميع هذه الأدلة والاستناد إلى دليل واحد يتمثل فى تقرير مصلحة الطب الشرعى المشار إليه، ومن ثم فإن المحكمة تطرح ما انتهى إليه هذا التقرير جانبا ولا تعول عليه. 

ومن حيث أنه متى كان ما تقدم، وكان أمر الاعتداء والشذوذ الجنسى الذى تفشى بين أطفال الدار قد أصبح معلوما ومعروفا على النحو سالف البيان، فليس للمحالات من الأولى وحتى الثامنة عشر أن يدعين بعدم علمهن بأمر هذه الاعتداءات وبتفشى الشذوذ الجنسى وأفعال اللواط بين أطفال الدار على الرغم من قيامهن بإجراء بعض الزيارات للدار.

 فليس من المتصور مع شيوع العلم بهذه الاعتداءات الجنسية ألا تصل أخبارها إلى المحالات وهن المسئولات عن الإشراف على الدار ومتابعة أحوال الأطفال المقيمين به.

وإن إنكارهن العلم بالاعتداءات الجنسية التي حدثت بالدار، على الرغم من شيوع العلم بها وفقا لما تقدم، إن دل على شىء فإنما يدل إما على ان الزيارات التى قمن بها للدار كانت مجرد زيارات شكلية لم يبذلن فيها أى مجهود للتعرف على حقيقة الأوضاع فى الدار والوقوف على المشاكل الحقيقية التى تواجه الأطفال، وإما على قولهن لغير الحقيقة مع علمهن بهذه الاعتداءات الجنسية فى محاولة منهن للتهرب من المسئولية.

وفي جميع الأحوال فقد وقر فى ضمير المحكمة وعقيدتها وأضحى من الثابت لديها أن المحالات من الأولى وحتى الثامنة عشر قد خرجن على مقتضى الواجب الوظيفى، وخالفن القوانين واللوائح، ولم يلتزمن الدقة والأمانة فى أداء أعمال وظائفهن، واتسم أدائهن لأعمال وظائفهن فيما يتعلق بالإشراف والرقابة على دار فاطمة الزهراء الإيوائية بالقصور الشديد، والإهمال الجسيم، وعدم الأمانة، وفقدان الاحساس بالمسئولية وبالطبيعة الخاصة لوظائفهن التى لا تعتبر مجرد وظائف تقليدية، وأنما هى فى حقيقة الأمر رسالة سامية ترمى إلى تربية هؤلاء الأطفال والمحافظة عليهم وغرس القيم والأخلاق الحميدة والفضيلة فى نفوسهم، غير أنهن أهملن فى أداء تلك الرسالة، وتقاعسن عن أداء أعمال وظائفهن، ولم يمارسن رقابة حقيقة أو إشراف فعال على الدار، ولم يبذلن الجهد الكافى للتواصل مع أطفال الدار والتعرف على مشاكلهم الحقيقة؛ مما ترتب عليه أن أصبحت الدار بؤرة للفساد الأخلاقى، ومرتعا للاعتداءات الجنسية وأفعال اللواط، لتشيع الرزيلة والفحشاء بين الأطفال من نزلاء الدار، ويفقدوا بذلك أى قيمة أخلاقية، ولتصبح الدار سببا فى إفسادهم بدلا من إصلاحهم. ولا يسع المحكمة إزاء ما تقدم سوى مجازاة المحالات من الأولى وحتى الثامنة عشر بالجزاء الإدارى الذى يتناسب وفداحة ما ثبت فى شأنهن من مخالفات.

وكانت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، أصدرت حكمها، في قضية اتهام ٣٥ مسئول سابق ومنهم رئيس مجلس إدارة جمعية إنقاذ الطفولة ومديرها ، ومدير إدارة التضامن الإجتماعي بمنطقة عين شمس ومدير عام إدارة الأسرة والطفولة، والمسؤول الإداري بفريق التدخل السريع بالوزارة، في وقائع الشذوذ الجنسي المنتشرة بين أبناء دار الإيوائية المسند إدارتها لجمعية إنقاذ الطفولة.

وتضمن الحكم مجازاة ٤ أخصائيات إجتماعيات بقسم الأسرة والطفولة بإدارة عين شمس الاجتماعية ، ورئيس قسم الاسرة والطفولة بادارة عين شمس الاجتماعية سابقًا عام ٢٠٠٩ ، رئيس قسم الاسرة والطفولة بادارة غرب القاهرة الاجتماعية سابقًا، أخصائية اجتماعية بإدارة غرب سابقًا ، بغرامة تعادل أجرهن الوظيفيى.

وأوقفت المحكمة عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر ١١ من الأخصائيات الاجتماعيات بإدارات مختلفة ، وخصمت أجر ٢٠ يومًا من راتب مدير مدسة دار الطفل الابتدائية بنين ، وغرمت طبيب بقسم الصحة المدرسية التابع لادارة التأمين الصحي بمنطقة عين بغرامة تعادل أجره ، كما غرمت مدير مديرية التضامن الاجتماعي بالقاهرة سابقًا بغرامة تعادل ٧ أمثال الأجر الوظيفي .

كما أوقفت المحكمة المُحال ٢٦مديرى الإدارة العامة للاسرة والطفولة سابقًا بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر عن تهمة واحدة .

 ووجهت عقوبة اللوم للمحال ٣٤ بصفته الوظيفية، فضلًا عن تغريم المُحال ٣١ بغرامة تعادل الأجر الذي كان يتقاضاه.

وبرأت المحكمة كل من مدير إدارة الرعاية البديلة بالادارة العامة للاسرة والطفولة بوزارة التضامن الاجتماعي سابقًا ، ٣ مدراء إدارة الرعاية البديلة سابقًا، وكبير الاخصائئين النفسيين حاليا ومدير إدارة سابقًا ، مديرى الإدارة العامة للأسرة والطفولة بوزارة التضامن الاجتماعي السابقين، مدير عام المنطقة الطبية بعين شمس وعضو اللجنة الفرعية لحماية الطفولة بحي عين شمس سابقًا، مدير منطقة القوي العاملة بمنطقة عين شمس سابقا وعضو بذات اللجنة ، مدير إدارة عين شمس التعليمية سابقا وعضو باللجنة، رئيس حي عين شمس ورئيس لجنة الطفولة سابقًا،  رئيس حي منشأة ناصر سابقاً، والقائم بعمل رئيس الحي ورئيس اللجنة الفرعية لحماية الطفولة بحي عين شمس سابقًا، ورئيس اللجنة الفرعية لحماية الطفولة سابقًا، محاسبا بجمعية انقاذ الطفولة الاهلية، من التهم المنسوبة لهم .

 صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم داوود نائب رئيس مجلس الدولة ، وسكرتارية محمد حسن .