مجرد فكرة

الخلاف والاختلاف

محمود سالم
محمود سالم

محمود سالم

فى جدلية العلاقة بين أقباط مصر من المسلمين والمسيحيين هناك الكثير مما يستوجب قوله من البعض وفى المقدمة أستاذ التاريخ د. طارق منصور وخاصة أننا على أبواب العام الميلادى الجديد .. إنه دائما يصاب بالدهشة عندما يرى قلة من أصحاب العقول المظلمة ترفض تهنئة الأخوة المسيحيين فى أعيادهم .. هؤلاء تمكن الشيطان منهم وانتزع الإيمان من قلوبهم التى ختم عليها بأغلال الكراهية لكل ما هو جميل زين الله به الإنسان وهجرت تلك القلة أعظم شيم الانسان وهى الحب رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم أكد عليها بين الناس . وهنا يطرح المؤرخ ووكيل كلية الآداب جامعة عين شمس سؤالا : هل من الإسلام أن نهجر السلام ونعادى الأغيار ؟ .. وهو سؤال ربما يحجم البعض عن إثارته خوفا من الإصطدام بذوى العقول المنغلقة بمغاليق العصور الوسطى التى تبث سما زعافا فى نفوس الضعفاء من الشباب وتدفع بهم إلى دائرة التطرف والظلام . لقد أنكر هؤلاء أن سنة الله فى أرضه هى الاختلاف فقال ∩ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم∪ كما قال ∩ ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ∪ .. هنا قال المفسرون : ولو شاء ربك لجعل الناس كلهم مسلمين . وقالوا عن الاختلاف إنه الاختلاف فى الأديان فتأويل ذلك على مذهب هؤلاء : ولايزال الناس مختلفين على أديان شتى بين يهودى ونصرانى ومجوسى ونحو ذلك . وفى موضع آخر قال عز وجل ∩ ولوشاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء∪ .. وهكذا أكد الله على مبدأ الاختلاف فى الأرض وهو الاختلاف الذى يؤدى إلى إعمارها ونبذ الخلاف وطرح البغضاء جانبا والعمل على أن يحب المرء أخاه فى الله فالله محبة . وعلينا أن نذكر أصحاب تلك العقول أن المسلم الحق هو من سلم الناس من لسانه ويده، ولقد ضرب لنا الرسول أعظم الأمثلة فى احتواء أهل الكتاب سواء بدستور المدينة الذى يعد أول قانون مدنى فى الإسلام ينظم العلاقة بين المسلمين والأغيار، أو بسلوك النبى الكريم حين استقبل وفد نصارى نجران فى المسجد النبوى وسمح لهم بالصلاة بداخله بينما المسلمون يؤدون صلواتهم . ولقد أقر الله سمة مهمة فى المسلم الحق وهى وجوبية إيمانه بالله والملائكة وبكافة الرسل والكتب السماوية . وكما يرى د. طارق منصور فإن الأمر يحتم إعطاء العقل مساحة كافية للإدراك والإيمان بأن للأغيار حقا فى رقابنا سنسأل عنه يوم الدين .