«إرادة ذوي الهمم»..حطَّمت الحواجز وحققت المستحيل

صورة من الواقع
صورة من الواقع

شاهندة أبو العز

 


«ماري»: رفض المدرسة لوجودي زادني إصرارًا على تحقيق ذاتي

 

«محمود»: تأثرت بالكلام السلبي عكسياً.. وانتظروني مقدم برامج

 

«أم محمد»: الرياضة شجعته على مواجهة العالم.. و«الذهبية» أول الطريق

 

يعتبر بعض «أصحاب الهمم»، أن إعاقتهم تشكل فارقًا عن غيرهم من الأسوياء، ولكن الواقع دومًا يثبت أنهم آملون متحدون، بل قادرون على تخطي المستحيل وغير الممكن بالنسبة للآخرين، يستطيعون تحقيق الكثير من الأعمال والإنجازات المهمة ولم يسمحوا لشئ أن يقف في طريق طموحهم ورغبتهم في تحقيق النجاح الباهر في هذهِ الحياة. 


وبحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بمصر عام 2017، تمثل نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة 10.67% من إجمالي عدد السكان.

 

 

 

ترصد «الأخبار المسائي» قصص نجاح ذوي الهمم في الوصول إلى أحلامهم:


محمد.. النمر الأسود


كانت أول 8 سنوات من حياة محمد أحمد أمين مختلفة وشاقة عن باقي إخوته حيث ولد بإعاقة ذهنية وسمات توحد جعلته فاقداً للنطق، وتسببت في عصبية مفرطة ونوبات من الغضب والصريخ والتشنجات، الأمر الذي جعل أخته الصغرى تشعر بأن أخاها مميز ويجب احتواؤه.          

    
لم تستسلم «عبير» والدة محمد لإعاقته، حاولت البحث عن نقطة تميز ابنها عن باقي الأطفال الآخرين، وتجعل منه بطلاً يواجه العالم حتى وجدت ضالتها في عالم الرياضة  وبالتحديد ألعاب القوى ومسابقات «العدو».


أحاديث طويلة وتدربيات وجلسات جمعت عبير وابنها محمد تحت مظلة الحلم، تكرر على مسامعه مراراً وتكراراً أن خوض التجربة مهم ويجب عليه استغلالها وأن النتائج ما هي إلا محاولات للوصول للعالمية، وأن لون بشرته السمراء وملامحه تشبه فلمه المفضل (النمر الأسود)، حتى خاض أول بطولة ألعاب قوى  في عام 2016 وحصد العديد من الميداليات في بطولة الجمهورية وبطولة كأس مصر التابعة للاتحاد المصرى للإعاقات الذهنية.


وبالرغم من دخول محمد المجال الرياضي منذ 4 سنوات، فإنه استطاع أن يتفوق في أكثر من لعبة، بعد تفوقه بمجال ألعاب القوى، راوده حلم «السباحة» القديم والذي تأخر بسبب نصائح المدربين لأنه مازال صغيرا على دخول هذا المجال.


تقول عبير والده محمد لـ«الأخبار المسائي»: «رغم أنه لسه مكملش 14 سنة، تم تصعيده مع فريق تحت سن الـ20 هذا العام ، وحصد ميدالية ذهبية في بطولة الجمهورية للسباحة 100 متر صدر.


وتابعت: «غيرت الرياضة محمد وشجعته على مواجهة العالم وبقى عنده حلم الوصول للعالمية وهنحققه سوا، ويمكن بداية الحلم تكريمه من وزير الشباب والرياضة ووزيرة التضامن بعد حصوله على الميدالية الذهبية».

 

شاهد أيضا :فيديو| تفاصيل تكريم وزير الشباب أحد الأطفال الموهبين من ذوي الهمم

 

ماري.. قناصة بطولات التنس


رفضت إحدى المدارس الخاصة وجود ماري مجدي بسبب إصابتها بإعاقة ذهنية وتأخر دراسي متحججين بأنها تسبب «شوشرة» على باقي زملائها في الفصل، ليتركوها بفناء المدرسة تلهو وتلعب دون قيود دراسية، وبعد محاولات عديدة خاضتها والدة ماري لاستمرارها في المدرسة قررت إدخالها إحدى المدارس الفكرية المتخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة بحلوان، لم تعلم حينها الأم أن القدر يلعب دوراً مهماً بحياة طفلتها الصغيرة لتصبح «صائدة بطولات».  


وبعد قضاء السنوات الأولى لـ«ماري» في المدرسة حاولت مدرسة الألعاب الرياضية اكتشاف ميول تلميذتها التي سرعان ما اكتشفت تفوقها في لعبة «كرة الريشة»، لتدريبها وتنمي من مهاراتها حتى تم تأهيلها إلى تمثيل فريق مصر في سوريا عن لعبة «كرة الريشة» لتحصد أول بطولة في حياتها مركز أول، وبالرغم من النجاح الذي حققته، لكن كانت ميول «ماري» تتجه نحو لعبة (تنس أرضي) لتتحدث مع مدرستها في خوض التجربة.


كان تشجيع «نهى أبو الفتوح» مدرسة ومدربة ماري في تنمية موهبتها الرياضية، سببا في اشتراكها بمركز شباب حلوان الجديد، لتستطيع من خلاله الانطلاق نحو حلم العالمية، فبعد فترة وجيزة من التدريبات استطاعت «ماري» حصد مركز ثانِ تنس أرضي في البطولة الإقليمية العربية، ومركز ثانِ بالبطولة العالمية الأمريكية عام 2016، وحصولها على مركز أول ميدالية ذهبية، بأولمبياد أبو ظبي لعام 2019.


وحاولت «ماري» على مدار 8 سنوات، تحقيق أحلامها كصائدة للبطولات في لعبة التنس، لم تهتم لإعاقتها أو تلتفت لرفضها من المدرسة والمدرسين سابقاً.


وتروي ماري قائلة: «محدش بيهتم بالإعاقة الذهنية زي الاهتمام بباقي الإعاقات، يمكن موقف المدرسة وأنهم شايفين أني مش عارفة أحصل دراستي مثل باقي زملائي هو التميز فإني أوصل لأحلامي وحصد بطولات وميداليات عديدة، ومازال للحلم بقية».


مشوار حلم يبدأ بخطوة


أصيب محمود عز الدين بفقدان البصر في عام 2010، بسبب حادثة وتدخل طبي خاطئ، وكان الراديو رفيقا له في عزلته الدائمة، وتعلق به ورأى فيه أفضل وسيلة تواصل مع الجمهور وشعاع النور الذي لن يراه ثانية.


تبدلت أحلام «محمود» وبات حلم الالتحاق بكلية الإعلام هدفا يسعى للوصول إليه، لذا حاول أن يجتهد في 3 سنوات بالثانوية العامة، والتأقلم السريع على الظلمة الموحشة والمدرسة الفكرية التي التحق بها بعد أن أصيب بفقد بصره، وحاولت الأم تشجيع ابنها في ذلك والرضا بالمقسوم وتوفير مدرسين لإعطاء دروس خصوصية بالمنزل حتى لا يفوته شيئا.  

         
وبالرغم من حصوله على مجموع يؤهله لدخول قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة حلوان، فإن الفكرة السائدة حينذاك من عدم السماح لذوي الاحتياجات الخاصة دخول الكليات العملية، استطاع أن يخلق لنفسه فرصة ويلتحق بحلمه بعدما تواصل مع وزير التعليم العالي وتصعيد رابطة مبادرة مكفوفين ضد التهميش.

 

واستطاع «محمود» خلال 4 سنوات في الكلية، استكمال الخطوات والمشوار تجاه حلمه، تفوق في دراسته بتقديرات مميزة، والتشبث بأي تدريب في مجال الإعلام حتى استطاع أن يطِّلِّع على جميع الفنون الإعلامية.

 

وروى محمود لـ«الأخبار المسائي»: «كنت دايما بسمع كلام سلبي عن إزاي واحد كفيف يشتغل في مهنة الإعلام مثل المهنة صعبة على الناس المبصرة ما بالك بواحد كفيف هيشتغل إزاي؟.

                                                     
وتابع: «الكلام السلبي أثر في بالعكس وبقى محفزا في كل مرة أني أثبت نفسي في المجال وأن مفيش فرق بين كفيف و مبصر في الوصول لحلمه» وعن طريق المصادفة توفرت فرصة تدريب بالقناة التي أرسل لها رسالة منذ عامين، وبعد فترة وجيزة من التدريب وتقديم أفكار تم تعيينه بشكل رسمي من ضمن فريق الإعداد بجانب مسؤوليته عن إعداد فقرة كاملة بالبرنامج، ويرى محمود أن كل هذه خطوات ومراحل مر بها حتى يصل لأهم حلم له وهو مقدم برامج.