حكاية القديسة «هيلانة».. وبداية أول رحلة حج مسيحي في العالم  

شجرة العليقة بدير سانت كاترين
شجرة العليقة بدير سانت كاترين


قال مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار د.عبد الرحيم ريحان، إن القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين هي الشاهد الأول الذي يؤكد أن الشجرة المتواجدة داخل دير سانت كاترين هي الشجرة الحقيقية التي ناجى عندها نبي الله موسى ربه وبوركت هذه البقعة وما حولها لتشمل كل أرض سيناء.

وأشار د.ريحان إلى أن القديسة هيلانة قامت بأول رحلة حج مسيحي في التاريخ، وقد بدأت فكرة الحج المسيحي بعد مرسوم ميلانو 313م والاعتراف بالمسيحية في عهد الإمبراطور قسطنطين، وفي سنة 326 م زارت الملكة أو القديسة هيلانة الأراضي المقدسة بفلسطين بغرض مشاهدة الأماكن المهمة في حياة السيد المسيح، ومن ضمن ما شاهدت مغارة على مشارف بيت لحم، حيث ولِدَ فيها السيد المسيح، وقامت ببناء كنيسة المهد في موضع ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ثم جاءت إلى الوادي المقدس طوى بسيناء لتبني كنيسة صغيرة في حضن العليقة المقدسة بعد أن تأكدت أنها الشجرة الحقيقية التي ناجى عندها نبى الله موسى ربه وتباركت بها وأنشأت كنيستها الخالدة، وأطلقت عليها اسم العذراء مريم والتي أدخلها الإمبراطور جستنيان ضمن كنيسة التجلى حين إنشاء دير طور سيناء في القرن السادس الميلادي والذي تحول اسمه إلى دير سانت كاترين بعد العثور على رفات القديسة كاترين في القرن التاسع الميلادي.

وأضاف الدكتور ريحان أن كنيسة العذراء مريم جددت بالكامل في العصر الإسلامي، وتم تغطية جدرانها الشرقية بالقاشاني الأزرق، وقد شهد الرحالة الألماني ثيتمار الذي زار سيناء عام 1216م أن أوراقًا من شجرة العليقة الملتهبة أخذت بعيدًا وتم تقسيمها بين المسيحيين ليحتفظوا بها كذخائر ثمينة، وفشلت قديمًا وحديثًا كل محاولات إعادة إنباتها حيث ينمو نبات آخر ليس له خصائص شجرة العليقة المقدسة بأنها خضراء طول العام وليس لها ثمرة ويطلق عليها العليقة المشتعلة لأنها اشتعلت بالنار ولم تحرق النار الشجرة ولم تطفئ مائية الشجرة النار وهنا تكمن المعجزة.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن كل من يدخل هذه الكنيسة من القرن الرابع الميلادي وحتى الآن يخلع نعليه تبركُا بمعجزة مناجاة نبي الله موسى ربه وخلع نعليه تأدبًا مع المولى عز وجل ويدخل لهذه الكنيسة الآن من خلال بابين من الحجرتين شمال وجنوب شرقية كنيسة التجلى وتنخفض أرضيتها 70سم عن أرضية كنيسة التجلى مساحتها 5م طولًا، 3م عرضًا.. وتحوي مذبح دائري صغير مقام على أعمدة رخامية فوق بلاطة رخامية تحدد الموقع الحقيقي للشجرة، ويقال أن جذورها لا تزال باقية فى هذا الموقع.

ونوه الدكتور ريحان إلى أن جذور شجرة العليقة تقع أسفل كنيسة العليقة وأغصانها خارجها، وتضم كنيسة العليقة المقدسة شرقية ذو تجويف مغطى بنصف قبة، كما يزخرف تجويف الحنية الفسيفساء وبها أمبون من الخشب يجلس عليه مطران الدير، وقد كتب على ذراعيه بالصدف المعشق في الخشب اسم واقف هذا الأمبون وتاريخ وقفه له نصه "وقف الفقير إبراهيم مسعد الحلبي لدير طور سيناء المعمور سنة 1713م".

وتابع أن القديسة هيلانة لم تكتف ببناء كنيسة العذراء مريم فقط بل قامت بإنشاء برج في القرن الرابع الميلادي لحماية الرهبان القاطنين بالوادي المقدس وتبقى هذا البرج الصغير الذي يقع بوسط الدير الآن ويتكون من مداميك من كتل الجرانيت غير المشذب ويربط بينها أحجار مسطحة توضع بين المداميك، وقد وجدت طريقة البناء هذه في كنيسة المدينة بتل المحرض بوادي فيران التي تعود إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي والتي تمثل أسلوب البناء المحلي، لذلك فإن بناء البرج يعود إلى تاريخ ما قبل عصر جستنيان وسمك جدران البرج الحالي ما بين 100-110 سم وقاعدته مربعة.

وأوضح د.ريحان أن التخطيط الداخلي للبرج بدون الإضافات التالية يتكون من مبنى من جزئين بحجمين مختلفين، الأكبر في الشمال وله باب بجانبه الشمالي كمدخل، وفي الجدار الأوسط باب آخر يصل القسمين أضيف في فترة لاحقة، والارتفاع الحقيقي للبرج غير معلوم ويحتمل أنه كان ثلاثة طوابق الجزء العلوي من البرج ذو سقف مسطح محاط بدراوي ويعتبر الحصن داخل سور الدير هو الملاذ الأخير بالنسبة لأمن الرهبان وسلامتهم إذ أن معظم الأديرة تعرضت خلال القرون الثلاثة قبل الفتح الإسلامى لمصر لخطر غارات قطّاع الطرق.

اقرأ ايضا || «الروس».. حجاج وعُشاق لدير «سانت كاترين»