«الروس».. حجاج وعُشاق لدير «سانت كاترين»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن قياصرة روسيا اعتبروا أنفسهم وريثى الإمبراطورية البيزنطية، فاهتموا بدير سانت كاترين وبالدير هدايا كثيرة من روسيا منها تابوتان من الفضة بهيكل كنيسة التجلى رسم على غطاء كلًا منهما صورة القديسة كاترين مصنوعة من الذهب الخالص المرصع بالأحجار الكريمة، التابوت الأول إهداء من قيصر روسيا بطرس الأكبر عام 1688م والثانى إهداء من إسكندر الثانى 1860م واستخدما التابوتان فى حفظ الهدايا الثمينة.

ويوضح الدكتور ريحان أن الهدايا تضمنت الهيكل الفضى الذى يحوى رفات سانت كاترين أرسله القياصرة الروس عام 1689م وتاج المطران الذى أرسله القيصر ميخائيل فيودوروفيتش للدير عام 1642م من الفضة المذهبة ومزين باللؤلؤ والأحجار الكريمة ولوح ثلاثي فضي مطلي بالذهب عليه صورة سانت كاترين مزينة بالذهب واللؤلؤ وخمس ثريات متدلية من سقف كنيسة التجلى مصنوعة من الفضة والكريستال أرسلته الإمبراطورة الروسية إليزابيث بيتروفنا وتتم إضاءتها فى الأعياد والمناسبات الدينية.

ويضيف الدكتور ريحان أن رحلات حج الروس إلى سانت كاترين لم تنقطع فى أى فترة من الفترات عبر تاريخ الدير وأثناء زيارة نعوم بك شقير لدير سانت كاترين عام 1906م وجد أن هناك رحلات حج مستمرة للروس يزورون الدير رجالًا ونساءً كل عام، ومتوسط عدد الزوار مائتى فرد فى العام وتدوم زيارنهم للدير ثمانية أيام يزورون خلالها الجبل المقدس وضواحى الدير وكانوا يأتون عادة بعد زيارتهم إلى القدس فى عيد الميلاد وعيد الغطاس أو يأتون مباشرة من بلادهم لحضور عيد القديسة كاترينا كل عام.

ويتابع بأن الرهبان يحتفلون بهذا العيد احتفالًا بالغًا وقد اهتمت الدولة حاليًا بهذا الاحتفال الذى أصبح ملتقى سنوي للأديان والحضارات بحضور شخصيات دولية ومحلية هامة وكان الروس يأتوا إلى سيناء عن طريق السويس ثم يبحروا إلى ميناء الطور ومن الطور بريًا إلى سانت كاترين بعد زيارة الأماكن المقدسة بالطور بجبل الناقوس وحمام موسى، والبعض كانوا يحضرون من السويس بطريق البر إلى سانت كاترين ومنه إلى مدينة الطور، وفى مدة إقامتهم بالدير ومراكزه بالسويس أو الطور أو القاهرة يتكفل الدير بنفقتهم وكان بعضهم يقدم نذورًا للدير من نقود وحلى.

ويشير الدكتور ريحان إلى أن باب الدخول إلى هيكل كنيسة التجلى بالدير إهداء من عائلة ملكية روسية وهو باب خشبى مطعم بالأحجار الكريمة وعليه أيقونة للقديسة كاترين بالذهب كما انتشرت الأيقونات الروسية ضمن أيقونات دير سانت كاترين والمحفوظة حتى الآن بالدير ومنها أيقونة روسية بأسلوب التمبرا على الخشب المصفح بالنحاس تمثل القديس يوحنا المعمدان وعليها كتابة روسية مقاساتها 33.5سم طول، 29سم عرض وتعود إلى القرن 17م وأيقونة أخرى بنفس الأسلوب تمثل السيد المسيح يبارك الإنجيل حيث يمسك الإنجيل بيده اليسرى ويشير بعلامة البركة باليمنى مقاساتها 32سم طول 27سم عرض وتعود إلى القرن 17م وأيقونة السيدة العذراء تحمل السيد المسيح طفلًا وتعود إلى القرن 18م كما وجدت أيقونات عليها الصليب الروسى المكون من ثلاثة ريش عرضية أكبرها الوسطى وهى أيقونة ثنائية بها منظرين للقديس يوحنا المعمدان والقديس مارجرجس وتعود إلى القرن 13، 14م وأيقونة التجلى المرسومة فى موسكو فى القرنينن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين وأيقونة الصعود المصنوعة فى موسكو على يد الرسام ماكار استاتكوف ونقلت إلى الدير عام 1610م وأيقونة ميلاد السيد المسيح التى تعود للقرن السابع عشر وهناك ثلاثة أيقونات مكتوبة بالروسية تعود للقرن الثامن عشر.

ويتابع الدكتور ريحان بأن كتاب "الروس عند مقدسات سيناء" لفلاديمير بلياكوف أشار إلى وجود مخطوطات روسية بمكتبة الدير تضم مخطوط الكتاب المقدس باللغة الروسية والذى يعود للقرن الحادى عشر ومطلع الثانى عشر الميلادى ومخطوطة الرسول إبركوس ذات التقويم الشهرى كما أثرت سانت كاترين وقصتها الشهيرة فى أنحاء روسيا لدرجة أن أول وسام نسائى بروسيا عام 1714 كان بإسم القديسة كاترين كما ذكرت الأهرامات المصرية لأول مرة فى الأدب الروسى فى كتاب المسيرة لفارسانوفيا وذلك ترجمة منى الدسوقى الصادر عن دار نشر أنباء روسيا.

وينوه الدكتور ريحان إلى كتابات الحجاج الروس الذين جاءوا إلى سيناء ومنها كتابات فاسيلى جوجار عام 1634، فيشينسكى عام 1708، كيربرونوكوف عام 1821وبعد تأسيس هيئة الملاحة والتجارة الروسية عام 1856 نقلت 12 ألف راكب غالبيتهم من الحجاج المسيحيون وفى عام 1878 تم إنشاء أسطول تطوعى بين مصر وروسيا وكان الحجاج الروس يعيشون على نفقة دير سانت كاترين وكان البعض يتبرع بالأموال والهدايا الثمينة للدير وقد بنيت كنيسة القديس جورج رايفسكى بدير الطور بتل الكيلانى فى نهاية القرن التاسع عشر من تبرعات الروس والأيقونات الموجودة بها من أعمال الروس كما تم تصنيع أربعة من مجموع تسعة أجراس معدنية بدير سانت كاترين فى روسيا وأهديت للدير وقد كتب على أحد الجراس " تم تصنيع هذا الجرس فى موسكو فى مصنع ديمترى سامجين".

 

ويوضح أن حقبة السبعينات من هذا القرن شهدت زيارة دير سانت كاترين من قبل المهاجرين الروس والعاملين بالمؤسسات السوفيتية بمصر ويتضح ذلك من خلال توقيعات سجل زيارة سانت كاترين وأن الروس كانوا من الرواد فى عملية البحث والدراسة لكنوز الدير ومنهم أومانيتس أول من وضع دراسة تفصيلية للدير بعد زيارته له عام 1843م وأبحاث بورفيرى التى أثمرت من عام 1804 إلى 1885م عن كتاب أوسبينسكى المقدس وأربعة كتب منها ألبوم يحمل رسومات ومخططات وكتاب تحليل لدساتير سيناء المعروفة وقام بينيشيفيتش بنشر أول وصف لمعالم الدير وكتاب " وجوه ذهبت إلى سيناء وأعمال حول سيناء" خلال رحلته لدير سانت كاترين عام 1881م كما أصدر ألبوم سيناء من مائة صورة يشمل معالم الدير ورسومات للمخطوطات وقام دميتريفيسكى الأستاذ بأكاديمية العلوم الدينية فى كييف عام 1888م بتوصيف 511 أيقونة كما صدر له العمل الضخم " توصيف المخطوطات الليتورجية المحفوظة فى مكتبات المشرق الأرثوذكسى" فى ثلاث مجلدات.

اقرأ أيضا

لزيادة الحركة السياحية إلى مصر.. «العناني» يلتقي بالسفير الياباني