عاجل

صدى الصوت

تأجيل معرض الكتاب

عمرو الديب
عمرو الديب

البعض امتعض من قرار تأجيل معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته لعام 2021، ومعظم هؤلاء من الناشرين الجادين الذين يرون فى المعرض فرصة للخروج من دائرة الكساد الذى تعانيه صناعة النشر على المستوى الدولى، والإقليمى، والمحلى حيث تعانى هذه الصناعة الحيوية المؤثرة -التى تحتمل على كاهلها جزءا كبيرا من مهمة تشكيل وعى الأجيال- من أزمات عديدة، وصحيح أن دورها على ذلك الصعيد قد تقلص مع ظهور الوسائط الحديثة، إلا أن تأثير الكلمة المطبوعة لايزال مشهودا ومؤكدا، ولا يعنى أبدا خفوت صوت تأثيرها بعض الشيء أن نهملها، ونتركها تواجه مصير الضياع وحدها، ودونما مساندة أو دعم، وذلك ما يتطلع إليه الناشرون والمهتمون بصناعة النشر فى بلادنا، إذ ينتظرون دائما دورا مؤثرا من الدولة لدعم الكلمة المطبوعة، وإزالة شتى المعوقات التى تعترض طريق تقدمها، فالكتاب المطبوع لايزال قادرا على التأثير، وهذا ما تؤكده أعداد الزائرين الهائلة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دوراته المتعاقبة، وكذلك أرقام توزيع بعض الكتب، ومع أننى من أكثر المقتنعين بضرورة أن تساند الدولة صناعة النشر، وتسهم ـ بقوة - فى إقالة عثرتها، إلا أننى لم أعترض على قرار تأجيل معرض القاهرة الدولى للكتاب إلى منتصف العام بدلا من مطلعه، فالمبررات مفهومة، ولا تحتاج إلى مزيد شرح، فبلادنا تواجه موجة شرسة جديدة من وباء فاتك، لايزال لغزا حتى الآن، وحدث ضخم مثل معرض القاهرة للكتاب، مهما قلصناه، واتخذنا الإجراءات الاحترازية، سيمثل تجمعا هائلا حتى ولو جاء فى نصف حجمه المعتاد، والزحام على منافذ صرف التذاكر الذى نشاهده كل عام، أمر سيعرض الحشود للخطر، وقد رجحت كفة التأجيل أمام اللجنة العليا للمعرض على كل الاعتبارات الأخرى، ومنها حاجة صناعة النشر إلى إنعاش سريع حتى لا تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولكن الأمر هنا يتعلق بصحة الرواد، وسلامة الآلاف، ولا يعنى تفهمنا لقرار تأجيل المعرض، أننا نوافق على ترك صناعة النشر وحدها فى مهب الريح، لتواجه مصيرا محتموما بالانقراض، وعلى الدولة أن تبذل الجهود الكفيلة بإخراج هذه الصناعة الحيوية من كبواتها، ليس فقط حرصا على مصالح العاملين فيها وهم كثيرون بكل تأكيد، وإنما لأنها صناعة متعلقة بتشكيل وعى الأجيال، وصياغة الإدراك الحقيقى، وتلك ـ كما تعلمون - قضية الساعة ومعركة الآن.