أسامة هيكل: مشاركة الإعلام ضرورية لمواجهة التحديات في العالم العربي

 أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام
أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام

 أكد أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، أن العالم العربي يشهد تحولات سياسية واجتماعية لا يمكن مواجهتها بشكل فعال دون مشاركة الإعلام، باعتباره أحد أهم أدوات القوى الناعمة التي تشكل الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي ليس لدى المواطنين فقط بل للنُخب الحاكمة أيضًا.

جاء ذلك خلال مشاركة هيكل، اليوم الأربعاء، في الجلسة الرئيسية لمنتدى الإعلام العربي في دورته الـ19 تحت شعار "الإعلام العربي.. المستقبل رقمي"، والذي ينظمه نادي دبي للصحافة افتراضياً.

وقال هيكل "الحقيقة أننا نعيش في عالمنا العربي فترة تاريخية لا نُحسد عليها، ولا أُبالغ إن قلت أننا أمام لحظة فارقة في تاريخ الأمة العربية، فقد نشأنا على أن العالم العربي تربطه وحدة اللغة والجغرافيا والتاريخ المشترك، وشهدنا حروباً استمرت سنوات طويلة كانت بسبب الصراع العربي الإسرائيلي الذي تمحور على القضية الفلسطينية، ثم فوجئنا بتغيرات إضافية في عالمنا العربي منذ عام 1990، حينما قامت العراق بغزو الشقيقة الكويت بين عشية وضُحاها وعُقدت قمة عربية لمناقشة الوضع، فإذا بهذه القمة تنقسم بين مؤيد لهذا الغزو ومُعارض له، وكان الانقسام حاداً في وقتها".

وأضاف "انتهى الأمر بتدخل تحالف دولي لاستعادة الكويت، وبعدها بدأت العراق تشهد انهيارات متتالية فأصبحنا نعيش غير القضية الفلسطينية قضية أخرى اسمها قضية العراق، وخلال نفس الفترة كانت هناك قضية في الصومال لا تزال آثارها واضحة عليه، وبعد عام 2011 ساءت الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، وأصبح هناك تهديد حوثي للأمن العربي من الجنوب، علاوة على التهديد الإيراني الشرقي لدول الخليج العربي، ثم ظهرت مساعي لبعض الدول في المنطقة للسيطرة على ثروات البحر المتوسط، وطيلة هذه العقود الأربعة لم تكف الحركات الإرهابية المختلفة عن تهديد الأمن العربي من الداخل".

وتابع "هذا واقع أليم يعيشه العالم العربي، ولكن العالم أيضاً به أزمات أخرى انعكست على عالمنا العربي، فهناك قضايا فرضت نفسها على الساحة العربية مثل قضايا التنمية المستدامة والجفاف والصراعات المائية وتغيرات المناخ، كما واجهنا تحديات كبيرة يفرضها علينا التطور التكنولوجي المذهل، وما وصلنا إليه من تطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلوها ومُرها، وما يُصاحب ذلك من مخاطر بيولوجية أهمها انتشار الفيروسات والأوبئة بصورة مُريبة، ونعيش في العالم كله الآن آثار جائحة كورونا التي أجبرتنا على عقد مُعظم لقاءاتنا العامة عن بُعد عبر شاشات". 


وأشار هيكل إلى أن كل هذه القضايا المُستحدثة لم تكن من قبل محل اهتمام النُخب السياسية التي كان ينصب كل تركيزها على التهديدات العسكرية والاقتصادية فقط، لافتاً إلى أن "هذه التغيرات المتلاحقة والسريعة التي حدثت خلال ثلاثة عقود فقط من الزمان ويشهد جيلنا آثارها في ذهول من سرعتها وتطورها صاحبها تغير اجتماعي بعضه سلبي مثل زيادة أعداد المهمشين والفقراء وزيادة أعداد اللاجئين وبعضها إيجابي مثل ظهور جيل جديد من الشباب الذي يمتلك فكراً متطوراً مُغايراً للفكر التقليدي الذي ظل سائداً لعقود طويلة وربما لقرون سابقة". 


واستطرد "لكن يظل التطور في وسائل الاتصال والإعلام هو المتغير الأبرز والأهم في كل هذه المتغيرات، فقد أصبح المنع في الإعلام مستحيلاً مهما بذلت الحكومات من جهود في السيطرة عليه، وأصبح كل إنسان لديه آلته الإعلامية الخاصة به، وأصبح الفضاء مملوءاً بقنوات فضائية وتطبيقات إلكترونية يمكنها أن تؤثر بشكل كبير في عملية اتخاذ القرارات السياسية بالدول، فبعد أن كان الإعلام له دور تنويري وتوجيهي وترفيهي فقط اتسع النطاق ليصبح له تأثير سياسي واقتصادي، وفقدت الحكومات ما كان يسمى بالسيطرة الكاملة على الإعلام، وفُتح الباب على مصراعيه لظهور شائعات وأخبار مغلوطة ومنقوصة تقتضي تحولات جذرية فيما يتعلق بنظرتنا للإعلام، وطريقة التعامل معه".

وأوضح هيكل أنه لمواجهة تلك التحديات تبرز أهمية تطوير وسائل الإعلام تطويرًا شاملًا يتضمن تحديث وبناء قدرات العاملين بها وتربيتهم إعلاميًا، وكذا تطوير الأدوات والمعدات المستخدمة في العملية الإعلامية، وتنويع القضايا محل التناول الإعلامي لتشمل كافة التغيرات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية سابقة الذكر وتُلبي احتياجات المواطن العربي الاجتماعية والنفسية والثقافية عن طريق تبني وسائل الإعلام خطط متكاملة تشمل تغطية إعلامية تضمن للمواطن حقه في الحصول على المعلومات، وكذا المشاركة في صنع القرار عبر التعبير عن رأيه الذي أصبح من المستحيل تجاهله في ظل العولمة ووجود وسائل إعلام غير تقليدية قد يلجأ إليها الفرد للتعبير عن رأيه.

وقال هيكل إنه "مما لا شك فيه أن عملية تطوير الإعلام لن تحقق مُبتغاها والأهداف المرجوة منها دون تطوير قدرات المتلقي الذي يتمثل في المواطن العربي، لذا يجب أن تحرص كافة وسائل الإعلام وكذا مؤسسات التنشئة السياسية على تثقيفه وتربيته إعلاميًا منذ الصغر ليمتلك قدرة على التفكير النقدي الإبداعي، والقدرة على فرز الشائعات من الحقائق، والمساهمة في صنع ونشر المحتوى الإعلامي وليس تلقيه فقط". 

وأضاف أنه "من المهم البدء الفوري في وضع استراتيجية إعلامية عربية تضمن التنسيق بين الدول والشعوب العربية، وتبني مواقف رسمية موحدة قدر الإمكان، وترتكز هذه الاستراتيجية على تعظيم نقاط الاتفاق بين دولنا العربية حفاظاً على ما تبقى، وتجاهل نقاط الاختلاف التي تستغرقنا وتُهدر المزيد من الوقت والجهد دون طائل". 

وتابع "كما تهدف هذه الاستراتيجية المطلوبة إلى تطوير مؤسسات الإعلام، وعملية الاتصال داخل الوطن العربي، انطلاقاً من مبدأ الاعتماد على الذات، وعدم الارتكان على ما يقدمه لنا الآخرون، وكذلك تحقيق الجدوى الاقتصادية والاجتماعية القصوى للشعوب العربية، ومن المهم جداً أن تتجاوز هذه الاستراتيجية مبدأ الخلافات القُطرية بين بعض الدول العربية، والتركيز على القضايا العربية المشتركة بما يعزز من وحدة الأمة العربية والتي لا زلنا نعتقد أن مصيرها مُشترك".

وأكد هيكل أن "من لا يمتلك خطة سيصبح جزءاً من خطة الآخرين، لا بد أن تُبنى الاستراتيجية المطلوبة على أسس علمية تمكن ما استطعنا من وسائل الإعلام على تنوعها واختلافها من تكوين رأي عام عربي موحد يدعم تحقيق التنمية المستدامة، ويتمسك بشخصيته وهويته العربية ويحافظ عليها من الاختراق المُخل بتكوينها في ظل زيادة تحديات العولمة، ومن أراد الاستمرار في طريق التفريق والتشتيت للمجتمعات العربية يجب استبعاده من هذه الاستراتيجية حتى لا يفسدها".

وفي نهاية كلمته، توجه هيكل بالشكر للقائمين على المنتدى، وتوجيه الدعوة لوزارة الدولة للإعلام للمشاركة في هذا المنتدى المهم، راجياً أن ينتهي هذا المؤتمر بتوصيات مثمرة ومفيدة من أجل إعلام عربي واعٍ وقوي.

أسامة هيكل يؤكد أهمية تطوير العلاقات الإعلامية والثقافية بين مصر واليابان