«التنسيقية» حلم يتحقق تجربتى فى السياسة بمفهوم جديد!!

د. السيد على أبو فرحة عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين
د. السيد على أبو فرحة عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

حلم كثير من شباب هذا الجيل بالاشتغال بالمجال العام فى مصر وممارسة السياسة داخل أروقة أحزاب جادة وفى الشارع عبر مبادرات مجتمعية وسياسية أوسع، وهو الحلم الذى تعثر تارة، واختُطف تارة ثانية، وتأجل تارة ثالثة فى ظل التحديات الجسام التى واجهها هذا الوطن خاصة فى عقده الأخير، حتى جاءت دعوة القيادة السياسية لآلاف الشباب للانخراط فى المجال العام بمساحاته المختلفة، وذلك عبر تدشين منصات عدة ما بين مؤتمرات شبابية دورية تعبر عن طموحاتهم، وأكاديمية وطنية لتدريبهم مهنياً، وكيانات سياسية تثقلهم سياسياً وتمكنهم من الاضطلاع بمهمة خدمة الوطن والمواطن.
فى خضم هذه الحالة من الحراك السياسى بين أوساط الشباب كنت قد اكتفيت بعملى البحثى والأكاديمى بين طلابى داخل الجامعة، وهو ما قد اعتدت عليه ونويته منذ تخرجى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام ٢٠٠٧ عندما قررت أن أمتهن البحث فى السياسة وتدريسها دون ممارستها، واكتفيت بالانحياز للوطن والمواطن فى عملى البحثى والأكاديمي، وذلك لاعتبارات عدة منها الثنائية المتطرفة فى المشهد السياسى المصرى فى ذاك الوقت بين الجمود والفوضوية، فلا أدعى تاريخاً سياسياً، أو ممارسة زائفة، وإن ظل الوطن هو القبلة وخدمته هى الغاية.
وتابعت كغيرى من الشباب المصرى هذا الكيان الذى يعبر عن الشباب ويمارس السياسة بمفهوم جديد، وذلك عبر منصات التواصل الاجتماعى وغيرها من أدوات العصر، والمعروف باسم تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وظننتها تجربة عادية كغيرها من المحاولات التى تتشكل وتتلاشى على رقعة السياسة المصرية فى عصور سابقة، ولكن سرعان ما أحاطت بالتنسيقية حالة من الزخم الناتج عن مساحات التباين الفكرى والحزبى والسياسى المفرط بين أعضائها من ناحية.
وهو التباين والاختلاف الذى رحبت به القيادة السياسية وشجعت عليه بتمكين بعض أعضائها سياسياً فى بعض المناصب التنفيذية والتشريعية مؤخراً، وذلك طالما كان الاختلاف حول كيفية تحقيق مصلحة الوطن لا حول الوطن ذاته، وقد أُتيحت لى فرصة الانخراط فى التنسيقية كعضو عن أحد الأحزاب المصرية برفقة آخرين وذلك فى ضوء رغبة الحزب فى الدفع بدارسين للسياسة ومتخصصين فى علومها بهدف فتح أفق جديدة لممارستها، فكانت تجربة انضمامى للتنسيقية فى بدايتها مساحة للفضول والتعلم وتلمس طريق ممارسة السياسة بين مجموعة شبابية شديدة التنوع سياسياً بين أحزاب الوفد والتجمع والنور، وفكرياً بين ليبراليين واشتراكيين، وثقافياً بين محافظ وعلماني، وجغرافياً بين أبناء سيناء وأسوان وكفر الشيخ والقاهرة وغيرهم، ولعل التنوع المذكور على سبيل المثال لا الحصر، حيث إن واقع التنسيقية أكثر تنوعاً، ويُضاف على التنوع السالف تنوع مواز فى الخبرات السياسية على الأرض منذ ما يربو على العقد ونصف العقد لبعضهم فهناك من مارس السياسة عبر الأحزاب، ومارسها آخرون عبر الحركات الاجتماعية، وغيرهما عبر المجتمع المدني.
فكانت مساحة وليدة للتعلم عن دروب ممارسة السياسة وإدارة الاختلاف على الأرض لا فى أروقة قاعات الدراسة فقط، ليمر عام إلا قليلاً على عضويتى بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لأكتشف فى نهايته أننى قد اكتسبت من الممارسة الكثير، كما أُتيح لى خلالها نقل أفكارى وهمومى بشأن السياسة من الكتب لساحة الممارسة، وفتحت لى رحابا أوسع من التأثير فى المحيطين لممارسة سياسة بمفهوم جديد.