مجرد فكرة

ليست أوراقا مالية

محمود سالم
محمود سالم

دعم المصدرين والشركات المتضررة للحد من تسريح العمالة والاستمرار فى التصدير يعتبر من أهم  السياسات الوطنية لمواجهة أزمة كورونا من خلال تأجيل سداد اشتراكات التأمين الاجتماعى على العمالة وتمديد الإعفاءات الضريبية ومنح دعم للأجور لمساعدة الشركات على الاستمرار فى دفع الرواتب . ومن هذا المنطلق فإن كافة دول العالم تساند صادراتها .. تلك المساندة تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للحالة المصرية حيث يعتبر برنامج رد أعباء الصادرات الأداة الوحيدة لتنفيذ أهداف السياسة الصناعية ومن ثم يجب النظر إليه على أنه دعم استثمارى وليس استهلاكيا، وقد أدى تطبيق البرنامج منذ 18 سنة إلى زيادة الصادرات المصرية غير البترولية وبالتالى فإن للمساندة دورا فعالا فى زيادة الصادرات بجانب عوامل أخرى منها انخفاض قيمة العملة وتفعيل الاتفاقيات التجارية التفضيلية .
هكذا قالت إحدى دراسات المركز المصرى للدراسات الاقتصادية والتى توليها أهمية كبيرة  د. عبلة عبد اللطيف المديرة التنفيذية للمركز الذى يصدر بشكل دورى تلك الأوراق المهمة تحت عنوان « رأى فى أزمة » وقد كان التركيز مؤخرا على أزمة كورونا والتحديات التى تواجه مصر فى هذا الصدد، وهنا تأتى الإشارة إلى أنه فى محاولة من الحكومة لسداد المتأخرات المستحقة للمصدرين وما نتج عنها من أزمة سيولة لدى الشركات تم مؤخرا إطلاق مبادرة جديدة لسرعة سداد كافة المتأخرات أطلق عليها مبادرة السداد الفورى وتقضى بصرف 85 % دفعة واحدة من المستحقات وخصم 15 % نسبة تعجيل سداد، وقد أثارت تلك المبادرة تساؤلا حول أسباب تأخر تطبيق أسلوب المقاصة فى سداد مستحقات المصدرين وعدم تطبيقه من البداية وبالتالى تفادى تراكم المستحقات وكذلك تأخر التوجه الأفضل بأن تقوم الحكومة بسداد المستحقات شهريا . وتقول الدراسة إن ما تضمنته المبادرة من خصم 15% من المستحقات هو توجه غير ملائم وذلك لعدة أسباب أهمها أن التداعيات التى فرضتها أزمة كورونا على المصدرين من تراجع الطلب الخارجى واضطراب التوريد وما نتج عنه من مشاكل فى السيولة يجعل هذا التوجه فى غير صالح التصدير ويزيد من مشكلات المصدرين حيث يضعف من قدرة الشركات المصرية على الاستمرار ومواجهة المنافسة الشرسة بعد كورونا . كما أن الخصم يعكس عدم فهم لطبيعة برنامج رد أعباء الصادرات وما يترتب عليه من التزامات للحكومة تجاه المصدرين، فرد الأعباء هو برنامج ذو أهداف تنموية بالأساس ومن ثم لا يجب التعامل مع مستحقات المصدرين معاملة الأوراق المالية، وفى نفس الوقت فإن هذه المستحقات هى حقوق للمصدرين ويجب ردها بشكل كامل مضافا إليها فوائد التأخير !