حكايات| الرئيس الهداف السجين.. «أحمد بن بلة» قاتل مع الفرنسيين وحاربهم

أحمد بن بلة وجمال عبد الناصر
أحمد بن بلة وجمال عبد الناصر

هتفت الجماهير باسمه في ملاعب الكرة، وناصرته في ميادين الحرب، قاتل من أجل فرنسا ثم قاتلها وتمكن من هزيمتها القوة العظمي وإجبارها على الخروج من بلاده، حكم سنوات قليلة قدم فيها الكثير ثم عاد للسجن، رئيس ومفكّر ومناصر لقضايا الشعوب "أحمد بن بلة" أو الرئيس الهداف.  
 نشأ في  بساطة وتربى مع أسرة فقيرة في مدينة مغنية غرب الجزائر، اتم حفظ القرآن مبكراً ثم اخذته فرنسا للخدمة الإلزامية في جيشها، وهناك اكتشف شغفه بالرياضة فكان عداءً مما جعل نادي مرسيليا الرياضي بضمه لصفوفه  موسمي 1939 و 1940، ليشارك في عدة مباريات أهمها نهائي كأس فرنسا التي أحرز فيها هدفاً حاسماً  حول اللقب لناديه.

لم يتوقع بن بله الذي ولد في 1916 أن يكون له مستقبل خارج ميادين الكرة، لكن اندلاع الحرب العاليمة الثانية ومواجهة فرنسا وألمانيا غيرت خططه، إذ أرسل للجبهات الأمامية ونجح في إسقاط طائرة نازية، ليكرم عن ذلك بوسام الصليب.

وبعد احتلال ألمانيا لفرنسا أعيد بن بلة للجزائر ثم استدعي مرة أخرى في عام 1942 من قبل جيش الحلفاء ليخوض قتال جديد على  جبهة إيطاليا في فرقة ضمت مغاربة وكان هو الجزائري الوحيد بها اطلق عليها فرقة الموت، وبحسب قائده الفرنسي فقد أبلى بلاء حسناً في جبهة القتال حتى أن ديجول نفسه قلده ميدالية عسكرية وكان هو العربي الوحيد الذي نالها كما سرح عام 1944 من الخدمة الإلزامية ويعتبر هذا بمثابة مكافأة له.

عاد للجزائر وبعد أقل من عام خرج متظاهرون في مدينتي سطيف وخراطة مطالبين فرنسا بالإفاء بوعودها للجزائر بالاستقلال عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية إلا الدولة الأوربية ردت على المتظاهرين بأبشع أنواع المجازر التي  راح ضحيتها ما يقرب من 45 ألف جزائري في ذلك العام،  وهو الأمر الذي حرك بن بلة وغيره من الجزائريين وأشعل لهيب الانتقام في صدورهم.
بدأوا في تنظيم أنفسهم لمواجهة الفرنسيين رافعين شعار حتى  رحيلهم، لينضم لحزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية بزعامة مصالي الحاج، ثم  يرشح نفسه لانتخابات بلده مغنية ويعمل مستشاراً فيها، ويقدم الكثير من خلال منصبه لدرجة لفت أنظار فرنسا تجاهه مرة أخرى.
وسط عمله التنموي بمدينة مغنية، كان هناك دورا خفيا  وهو تنظيم العمل السري المسلح خلال عام 1947 باحتماعات سرية رفقة ثوار الجزائر لتشكيل فصائل مسلحة تضرب الاستعمار.
 وكلف بن بلة بقيادة جبهة وهران ثم انتقل للعاصمة وشارك بتأسيس ما يعرف باسم المنظمة الخاصة التي أصبح رئيساً لها عام 1949، ويكون  5 آلاف مقاتل تحت إمرته ليكون بذلك أحد القادة التسعة الذين فجروا ثورة تحرير الجزائر منتصف الخمسينيات وكانت من أشهر عملياته التي أزعجت الفرنسيين عملية بريد وهران التي شملت الهجوم على قطارًا فرنسيًا ينقل الأموال ثم الهجوم على بريد وهران. والتي تكللت بالنجاح وكشفه الفرنسيون بسببها.
وفي 1950  اعتقل بن بلة وحكم عليه بالسجن 7 سنوات،  لكنه تمكن من الفرار عام 1952، ليكمل طريقه النضالي لتحرير بلاده وسافر سرًا إلى فرنسا للقاء مقاومين من الجزائر  ومنها إلى سويسرا ثم توجه للقاهرة، وهناك وظف خبرته لتجنيد مقاتلين جزائريين من طلبة الأزهر وكان من بينهم محمد بو خروبة اسماً لن ينساه بن بلة ولا الجزائريون للأبد والذي عرف لاحقاً باسم هواري بومدين ومع اندلاع ثورة الجزائريين عام 1954 أصبح بن بلة ممثل الثورة في الخارج حتى أنه أعلن بيان انطلاقها عبر الإذاعة المصرية وأصبح هدفاً للفرنسيين الذين سعوا لاغتياله مرتين.

وبعد نجاح الثورة الجزائرية، تولى بن بلة رئاسة أول حكومة جزائرية بعد الاستقلال، ثم ترشح للرئاسة ونجح في توليها حتى عام 1965 بعدما تمكن نائبه هواري بومدين أو  محمد إبراهيم بوخروبة من الإنقلاب عليه وتولي السلطة وإيداع بن بلة في السجن مجددًا.


اقرأ أيضًا: حكايات| ملوك المال.. حكموا العالم سرا بـ«السلاح والمجوهرات»