فى الصميم

«فيروسات» السياسة و«لقاحات» العلم..!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

أخطاء السياسة وسمعة «البيزنس» تترك آثارها على ما تحقق من إنجاز علمى فى مواجهة فيروس «كورونا» والمراحل المهمة التى تم قطعها نحو امتلاك اللقاح الواقى.. والآمن!!
يصل الأمر إلى أن يتحول يوم إعلان موافقة هيئة الدواء الأمريكية على الترخيص بأول لقاح (لقاح فايزر) إلى مناسبة يحتاج فيها رئيس هذه الهيئة المشهورة دوما بتشددها إلى محاولة إقناع الناس بسلامة القرار، ونفى الأنباء عن تهديد الرئيس ترامب له بإصدار الترخيص خلال ساعات أو الاستقالة(!!) ولا يجد الرجل أمامه إلا أن يؤكد أنه وعائلته سيتلقون اللقاح بكل ثقة.
مناخ التشكك لا يقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما تجده فى كل أنحاء العالم. لكن ذلك لا ينبغى أن يعوق التقدم أو يعرقل الجهود لوقف الوباء القاتل، كما لا ينبغى أن يقلل من ضخامة الجهد الذى بذل ولا النتائج العلمية الكبيرة التى تحققت.
إن ما حققه العلم خلال عام واحد بعد اكتشاف هذا الفيروس المجهول قد اختصر سنوات عديدة كان يستغرقها التوصل إلى اللقاح المطلوب فى الفيروسات المشابهة. وصلنا الآن إلى أكثر من لقاح تم الترخيص باستخدامه من الهيئات العلمية الدولية المعتمدة. لا يعنى ذلك أننا وصلنا لنهاية الطريق، ولكن يعنى أننا أمام لقاحات ثبت بالتجربة العلمية السليمة، أنها تتمتع بنسبة عالية من الفعالية والأمان وفقا لتأكيدات العلم الذى ينبغى أن تبقى الكلمة له.
بالطبع.. سيكون المطلوب فى المرحلة القادمة المزيد من الجهد فى المتابعة الدقيقة لأى آثار سلبية تظهر لهذه اللقاحات، وفى العمل الدءوب للتوصل إلى لقاحات أفضل وأكثر تقدما فى مواجهة الفيروس، وفى اكتشاف العلاج الناجع لمن يصابون به بالفعل. والأمل أن يتم ذلك كله فى ظل ظروف أفضل من تلك التى تركت فيها مناورات السياسة وألاعيب البيزنس آثارها السلبية على الجميع.
ويبقى التركيز الدائم بأن الوصول لنسبة معقولة فى استخدام اللقاح تضمن الوقاية المطلوبة فى العالم كله سوف يستغرق وقتا. وأن ضمان عدالة التوزيع ووفرة الإنتاج تتطلب جهدا وإرادة، وأن أمامنا - كما العالم كله - شهورا صعبة ستظل فيها وسائل الوقاية الشخصية وأهمها الكمامة وتجنب الزحام والتزام إجراءات النظافة، هى السلاح الأساسى فى مواجهة كورونا. سلم الجميع من كل شر.