تزايد نسبة الفقر في مارسيليا بسبب «كورونا»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تقرير: ياسيمن السيد هاني

تقترت مارسيليا، ثانى مدن فرنسا، من مواجهة أزمة إنسانية كما تحذر جمعيات مع ملاحظة زيادة هائلة فى أعداد المحتاجين. وتعود أحدث بيانات المعهد الوطني للإحصاء إلى عام 2017 وتشير إلى أن معدل الفقر في مارسيليا يبلغ 26%، وقد ارتفع بنسبة تصل الى 53% في أحد الأحياء المحرومة.

ومنذ فرض إجراءات العزل الصحي للمرة الثانية في نهاية أكتوبر يلاحظ جيرار غرو رئيس البنك الغذائي في بوش-دو-رون "تزايدا كبيرا جدا للسكان المحتاجين". الأرقام هائلة: كل أسبوع توزع الجمعية حوالى 85 طنا من المواد الغذائية.

وما يدل على ذلك، تواجد منظمة العمل ضد الجوع غير الحكومية في مارسيليا، منذ إبريل خلال العزل الأول. وعلق فرنسيس فيرنيد المسؤول في جمعية محلية "العمل ضد الجوع، منظمة كنت أراها في هايتي وليس في مرسيليا".

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن بعض من هؤلاء الذين يلجأون لخدمات تلك الجمعية. فتحدثت عن "ويسف مضوي" الذى قال انه كان يتدبر أموره قبل الوباء عبر الحصول على أعمال بسيطة بأجر يومي غير مصرح به.

ويضيف هذا الجزائري المقيم في فرنسا منذ 20 عاما اليوم "من الصعب جدا إيجاد عمل بأجر مستقر مصرح به ومنذ ثلاثة أشهر لم أعد أعمل على الإطلاق".

من جهته يقول فنان الشارع تسين اوجوستين انه كان يجمع 30 الى 40 يورو يوميا في قبعته مع عرض فقاعات الصابون، وفي الصيف اكثر من ذلك. لكن "الان لم يبق لدي شيء" كما يروي هذا الالماني البالغ من العمر 50 عاما والذي لم يعد قادرا على اصطحاب ابنه معه أيام السبت.

ويقول فرنسيس فيرنيد "لدينا جمهور جديد، عمال فقراء موسميون او مؤقتون او هؤلاء الذين يملكون قدرة ادخار ضئيلة جدا. في السابق كانوا يتدبرون أمورهم عبر الاقتصاد غير الرسمي مثل رعاية الأطفال ومساعدة السوق وغسل الصحون في المطاعم".

وأدى إغلاق المطاعم الذي تقرر في مرسيليا في وقت أبكر من بقية أنحاء فرنسا إلى تزايد هذه الظاهرة. لأنه في هذه المدينة الساحلية ومدينة الهجرة، احدى افقر المدن وأكثرها انعداما للمساواة في البلاد، "هناك تضامن قوي للغاية حيث ان كل تاجر يساعد ويقدم شيئا" كما يقول باسكال بولجاريان وهو يطبخ في مطعم نوجا الاجتماعي.

كما ألقت الأزمة الصحية بثقلها على أخرين، بينهم إيزابيل (62 عاما ) وهي ضحية العنف مفضلة عدم كشف اسم عائلتها إنها غادرت منزل زوجها على أمل تحسين وضعها. وتضيف "لكن مع كوفيد-19 الآن، من الصعب العثور على عمل والمطالبة بالحقوق".

واخر هو فالرا الذى يقول انه يعيش في الاستديو الخاص به في حي نواي الشعبي قرب المرفأ القديم، ويهتم لوحده بابنه المصاب باعاقة بعد أن بقيت زوجته عالقة في الجزائر. وقال "لست قادرا على الاستمرار، لولا وجود الصغير، لكنت وجدت عملا كعامل زراعي او اي شيء آخر".

تشير الجمعيات أيضا إلى الصعوبات الرئيسية التي يواجهها العديد من المتقاعدين أو الطلاب أو حتى السجناء السابقين مثل دي. الذي يضطر للنوم على ادراج متنزه لونشان بعدما افرج عنه فجأة خلال العزل الأول. وبدأت الفرق الاجتماعية تشعر بالتعب، ويتساءل كثيرون عن الطريقة المستخدمة.

 

من جانبه، يقول لوران سيارابيلي من منظمة كاريتاس الخيرية إن "المساعدة الغذائية موضع تساؤلات، يجب أن نتصرف بشكل مختلف. ليس بالضرورة أن نفعل المزيد دائما، انما أن نفهم الفقر أولا، وكيف يظهر من أجل إيجاد رد". ويخشى كل المراقبين موجة ثالثة من الفقر في الأشهر المقبلة.

وفي الأحياء الفقيرة في شمال المدينة، حولت جمعيات من المواطنين مطعم "ماكدونالدز" إلى منصة تضامن. في الآونة الأخيرة بات من الممكن رؤية فيها أم عزباء على سبيل المثال او مدير شركة مفلسة قادمين من الاحياء الراقية. في نهاية الشهر ، ينتظر البعض رزمة طعامهم اعتبارا من الفجر.

يشعر سليم كرابسي من نقابة الاحياء الشعبية في مرسيليا بالقلق ويخشى احتمال اندلاع أعمال عنف من جراء هذه الازمة. ويقول "لم أكن لأفكر أبدًا أننا سنصل إلى هذا الوضع في فرنسا. في بعض الأحيان ينتابنا شعور باننا في احد البلدان الفقيرة".